260 مليار دولار استثمارات مطلوبة بقطاع الكهرباء بالشرق الأوسط وشمال افريقيا

  28 ماي 2018    قرأ 877
260 مليار دولار استثمارات مطلوبة بقطاع الكهرباء بالشرق الأوسط وشمال افريقيا

في ظل ارتفاع الدخول والنمو السكاني المتزايد يرتفع الطلب على موارد الطاقة خاصة الكهرباء لهذا تواجه جميع بلدان العالم هذا التحدي بسياسات ومشروعات مختلفة ومتباينة في حجم الاستثمارات. ولعل خريطة الطلب على الكهرباء في العالم العربي توضح ارتفاع حجم الاحتياجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصورة اكبر من الكميات المولدة مما يستلزم خططا طموحة لتلبية هذه المتطلبات وهذا ما نجحت فيه بالفعل بلدان مجلس التعاون الخليجي وفى مقدمتها السلطنة والإمارات والسعودية والكويت وقطر وفقا للمؤشرات والتقارير الدولية . لكن تبدو هناك حاجة لاستثمارات أكبر بقطاعات الكهرباء والطاقة العربية بشكل عام وفقا لمشروعات ضخمة ومدروسة توضع قيد التنفيذ علي أرض الواقع .

استثمارات مطلوبة
تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استثمارات بقيمة 260 مليار دولار في قطاع الكهرباء في السنوات الخمس المقبلة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء المدعوم بالنمو السكاني ومستويات الدخل المتزايدة. أما في دول مجلس التعاون الخليجي فتعاملت الحكومات بشكل جيد مع الطلب. ومع ذلك الزيادات الأخيرة في أسعار الكهرباء في المملكة العربية السعودية ستبطئ نمو الطلب وذلك بحسب التقرير الأحدث الصادر عن شركة الاستثمارات البترولية العربية “أبيكورب”. وفي منطقة المشرق أثر عدم كفاية الاستثمار وعدم الاستقرار السياسي في قطاع الطاقة واستمر انقطاع التيار الكهربائي المستمر في ممارسة الضغط على الحكومات لاتخاذ الإجراءات اللازمة . وأشار تقرير “أبيكورب” إلى أن الطلب على الكهرباء واستهلاكها يتزايدان بسرعة في المنطقة وذلك بسبب نمو السكان وارتفاع مستويات الدخل والتصنيع وانخفاض أسعار الكهرباء. وبينما تباطأ النمو الاقتصادي مقارنةً بالارتفاعات التاريخية لا يزال صندوق النقد الدولي يتوقع زيادة قدرها 3.2% هذا العام وفي العام 2019 وارتفاعاً إلى 3.5% في العام 2022. ومن المتوقع أيضاً أن ينمو سكان المنطقة بمعدل متوسط قدره 1.5% سنوياً في الفترة نفسها. ولتلبية هذا الطلب المتزايد تقدر شركة “أبيكورب” أن قدرة الطاقة في المنطقة ستحتاج إلى التوسع بمعدل 6.4% سنوياً بين عامي 2018 و2022 ما يوازي سعة إضافية تبلغ 117 جيجاواط. وبحسب للتقرير ستكون ثمة حاجة إلى 152 مليار دولار لتوفير هذه القدرة الإضافية مع مبلغ إضافي قدره 108 مليارات دولار مطلوب للنقل والتوزيع. وقد اتخذت بعض دول مجلس التعاون الخليجي ولا سيما المملكة العربية السعودية خطوات للتحكم في الطلب بمثابة وسيلة للحفاظ على مستويات الاستثمار المطلوبة في القدرات على مستويات يمكن التحكم فيها. أما الإمارات العربية المتحدة فتحتاج إلى استثمار ما لا يقل عن 33 مليار دولار لتلبية حاجاتها المتوقعة من الطاقة 16 جيجاواط على المدى المتوسط. وتسعى الدول بقوة إلى تنويع مصادر الطاقة وتقدر شركة “أبيكورب” أن ما يقارب 10 جيجاواطات من الإضافات الإنتاجية قيد التنفيذ بالفعل في الإمارات بما في ذلك 5.6 جيجاواط من الطاقة النووية . وستحتاج طاقة توليد الكهرباء في الكويت إلى 24 جيجاواط بحلول العام 2022 ما يتطلب استثمارات بقيمة 15 مليار دولار
صعوبات كثيرة
وحذر تقرير للبنك الدولي من أن الشرق الأوسط يواجه صعوبات بشأن تلبية الطلب المحلي على الكهرباء في ظل الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي. وقال في تقرير عنوانه «إلقاء الضوء على مرافق الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» إن بلدان المنطقة تحتاج إلى استثمارات في مجال الكهرباء تبلغ قيمتها في المتوسط 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد وهو ما يستلزم تطبيق حزمة من الإصلاحات لتدبير التمويل لتلك الاستثمارات. وأشار البنك إلى أن المضي في إصلاح هذا القطاع قد يساهم في خفض قيمة الكهرباء وجعلها في متناول أيدي الفقراء من سكان المنطقة. ويوصي البنك بخفض ما سماه التكاليف المستترة في قطاع الكهرباء لتمويل الاستثمارات الضرورية ملقيا باللوم في هذا المجال على الدعم الصريح والضمني المقدم من حكومات المنطقة في مجال الطاقة. وفي محاولة لتقدير الأعباء التي يتسبب فيها هذا الدعم وضع التقرير مؤشرا لعجز شبه المالية العامة والذي يعبر عن تكلفة عدم تشغيل مرافق الكهرباء وفق إدارة جيدة. وتتراوح تقديرات هذا العجز بين 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالضفة الغربية إلى 8.9 في المائة في لبنان.
وتجاوز عجز شبه المالية العامة في نصف البلدان الأربعة عشر التي شملها التقرير 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وتنخفض نسبة هذا العجز من إجمالي الناتج المحلي نسبيا في بلدان المغرب العربي لكنها ترتفع في بعض بلدان المشرق ومجلس التعاون الخليجي. وقال البنك أنه من الممكن سد الفجوة الاستثمارية للقطاع بمجرد خفض المستوى الحالي لعدم الكفاءة بمقدار النصف. أما على مستوى المرافق فيتراوح عجز شبه المالية العامة إذا ما قيس كنسبة من إيرادات المرافق من 25 في المائة لمرفق توزيع الكهرباء في الضفة الغربية التي تغذيها شركة توزيع كهرباء الشمال إلى نحو 1300 في المائة لقطاع الكهرباء المتكامل رأسيا في العراق ويفوق عجز شبه المالية العامة في 13 مرفقا على الأقل إيرادات هذه المرافق.
أسباب جوهرية
أما عن أسباب مستويات عجز شبه المالية العامة في المنطقة فيقول البنك الدولي إن نحو ثلثي هذا العجز يمكن أن يرجع إلى تحديد رسوم استهلاك للكهرباء بأقل من مستويات استرداد التكاليف في معظم البلدان. ويشير البنك إلى أن سياسة رسوم الاستهلاك تعكس دائما تقريبا قرارا سياسيا هدفه حماية المستخدمين الحاليين. ولكن حتى في ظل هذه الظروف فإن إدارة التكاليف يمكن أن تذهب إلى مدى بعيد لتعزيز الإيرادات. على سبيل المثال تعزى المستويات المرتفعة لعدم كفاءة التكاليف في الأردن إلى حد كبير إلى تكاليف إنتاج الكهرباء التي تعكس الدور المهيمن لاستخدام الديزل وزيت الوقود في توليد الكهرباء. أما عن الثلث الباقي من أسباب العجز فيرجعه البنك إلى الخسائر التجارية وأوجه القصور المتصلة بتحصيل رسوم الاستهلاك وتضخم أعداد العاملين وهي جميعا ترجع في الغالب إلى قرارات إدارية لكن تضخم العمالة قد يكون أحيانا نتاج قرار سياسي.
ويقول البنك إنه يجب عدم التهوين من هذه المصادر لعدم الكفاءة لأنها تمثل نصف الموارد اللازمة لتمويل الاحتياجات الاستثمارية للقطاع. ويشير البنك إلى أن مشكلة تضخم العمالة مسألة تبعث على قلق خاص في عدد قليل فحسب من المرافق وكلها تقريبا مرافق توزيع كما في مصر. وفي رأي البنك فإن مشكلة تحصيل فواتير الاستهلاك تمثل تحديا كبيرا لمرافق توزيع الكهرباء في جيبوتي والأردن والضفة الغربية . وهناك خسائر فنية كبيرة لاثنتين من مؤسسات التشغيل بالضفة الغربية (شركة كهرباء منطقة القدس وشركة توزيع كهرباء الشمال) ولمرفق الكهرباء المتكامل رأسيا في الجمهورية اليمنية.
وقد يكون وراء انخفاض رسوم الاستهلاك وتضخم أعداد العاملين في الغالب النوايا الطيبة بحسب تعبير البنك لكن ذلك ليس هو أكثر السبل فاعلية لضمان حصول الفقراء على الكهرباء بتكلفة ميسورة أو تعزيز فرص العمل والتوظيف كما تضيف المؤسسة الدولية. ويحذر البنك من أن وضع اقتصاديات المنطقة لا يُمكنها من الاستمرار في إنفاق 2 في المائة في المتوسط من إجمالي الناتج المحلي على دعم الكهرباء الموجه فهو يعتبر توجيها ماليا سيئا للموارد النقدية.
ويستند تقرير البنك الدولي إلى جمع وتحليل البيانات الأساسية عن 36 مؤشرا للأداء في قاعدة بيانات الكهرباء لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غطى 67 مرفقا للكهرباء في 14 بلدا بالمنطقة وهي: الجزائر ومصر والبحرين وجيبوتي والعراق والأردن ولبنان والمغرب والسلطنة وقطر والمملكة العربية السعودية وتونس والضفة الغربية واليمن.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة