عمر قدور يكتب: أين جماعة “الدم السني واحد”؟

  30 أغسطس 2017    قرأ 555
عمر قدور يكتب: أين جماعة “الدم السني واحد”؟
في فهم التطورات الدولية أو الإقليمية من القضية السورية يجدر الانتباه إلى الموقف الأردني، وآخر ما صدر عن الحكم هناك يوم الجمعة الماضي تصريح وزير الدولة لشؤون الإعلام بقوله: إن علاقتنا مع الأشقاء في سوريا مرشحة لأن تأخذ منحى إيجابياً. وهذا التصريح مختلف بالتأكيد عن تصريحات كانت تبرز بين الحين والآخر منطوية على دعم حقوق السوريين أو نقد سلطة الأسد، وأيضاً عن تصريحات على أعلى مستوى كانت بين الحين والآخر تحذّر من الهلال الشيعي في المنطقة. بل يمكن التذكير بأن القيادة الأردنية كانت سباقة في العديد من المناسبات إلى طرح موضوع “الهلال الشيعي”، من دون إغفال التقاطعات الدولية والإقليمية التي تجعل منها ناطقاً بمحصلة تلك التفاهمات.
قد يكون الأردن ربح، بموجب اتفاق خفض التصعيد في درعا، إبعاد الميليشيات الشيعية عن أراضيه لمسافة 40 كيلومتراً كما أشيع. ويكون بذلك قد نأى مسافة “كافية” عن خطر “الهلال الشيعي” الذي يحذّر منه، مثلما حظيت تركيا بوجود في الشمال السوري يمنع الميليشيات الكردية من وصل أماكن سيطرتها في الشمال السوري، مع التنويه بعدم وجود جذر مذهبي للصراع التركي-الكردي. أي أن الجارين اللذين كانا مصدر إزعاج أو خطر لسلطة الأسد قد حصلا على تطميناتهما الخاصة، وهذا هو الأهم بالنسبة لهما، وهذا ما قد يفسّره لنا مَن يفترض جهل الآخرين بأن مصالح الدول تحكم توجهاتها.
لكن، قبل الوصول إلى هذه الخلاصة السهلة، سيكون مفيداً التذكير بسياق من الاستثمار في القضية السورية. فالأردن احتضن غرفة الموك التابعة للمخابرات الأميركية، وهي التي أشرفت خلال سنوات على “تقنين” وصول المساعدات إلى فصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية. وتركيا احتضنت أيضاً غرفة الموم التابعة لجهاز المخابرات ذاته، مع عدم استبعاد فرضية استثمارها خطوط الإمداد بشكل مستقل، بما لا يخرج جذرياً عن التوجهات الأميركية. أي أن البلدين انخرطا بشكل متواصل في الصراع العسكري السوري، ولم يغب عنهما الخطاب السياسي المذهبي، سواء بالحديث الأردني عن خطر الهلال الشيعي، أو تصريح أردوغان الشهير بأن حماة هي خط أحمر عطفاً على ما حدث فيها قبل ثلاثة عقود من الثورة الحالية، أو أيضاً من قبيل تشبيه وجود النازحين السوريين بين الأتراك بالمهاجرين والأنصار.
وكي لا توضع المسؤولية على هذين البلدين فقط لا بأس في استعادة تصريحات عربية وخليجية أخرى، تصب في منحى ما يسمى الصراع الشيعي-السني في المنطقة، وبالطبع قبلها استرجاع تصريحات حكومة الملالي ووكلائها حول حماية المراقد الشيعية، ثم حول الانتقام من أحفاد يزيد. لم يمضِ وقت كافٍ بعد لنسيان شعارات مثل “لن تُسبى زينب مرتين”، وشعارات مضادة مثل “الدم السني واحد”. وهي شعارات تراجعت مؤخراً بتراجع الصراع الدولي والإقليمي في سوريا، مع أن أحفاد الحسين المزعومين لم يحرزوا انتقامهم الساحق والنهائي من أحفاد يزيد، ومع أن أحفاد يزيد لم يكرروا غلبتهم بسبي زينب للمرة الثانية!

مواضيع: عمرقدور،#كتب،#  


الأخبار الأخيرة