فحتى لو جرى غض النظر، مؤقتاً، عن المواقف المشكّكة بشفافية الإجراءات المعتمدة من قبل وزارتي الداخلية والخارجية في إدارة العملية الانتخابية في الخارج، إلا أن هذه القضية تحتاج إلى معالجة عاقلة وسريعة بالطريقة التي تضمن المساواة بين الناخبين المغتربين في الحق بالاقتراع لمن يشاءون في مناخ من الحرية والأمان.
وإن لم تتحقق هذه المعالجة سيكون بالإمكان الطعن في انتخابات المغتربين وبالتالي إلغاء أصواتهم، خصوصاً في حال كان الفارق ضئيلاً بين الحواصل الانتخابية للوائح الفائزة والمستبعدة أو تقارب عدد الأصوات التفضيلية بين المرشحين داخل اللوائح وتحديداً المؤلفة من تحالفات "هجينة".
وكي لا يكون الانتقاد لمجرد الانتقاد، قد يشكل الطرح التالي جزءاً من المعالجة المطلوبة:
بعد نقل وتسليم المغلفات الخاصة الكبيرة العائدة لأوراق اقتراع اللبنانيين المغتربين وباقي المستندات الانتخابية إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها، تعتمد في المرحلة الأخيرة لفرز الأصوات الآلية التالية:
- من كل دولة، يتم "تجميع" مظاريف الاقتراع الخاصة بكل دائرة انتخابية من الدوائر الـ 15 على حدة، والأهم من دون فتحها.
- من الدول كافة (الـ 40 دولة)، يتم "دمج" مظاريف الاقتراع الخاصة بكل دائرة انتخابية معاً وعلى حدة ومن دون فتحها أيضاً.
- بعد "تجميع ودمج" كل مظاريف الاقتراع الخاصة بدائرة "بعبدا"، على سبيل المثال لا الحصر، تبدأ عملية فتح المظاريف وفرز الأصوات.
بمعنى أن يبدو الأمر وكأن مقترعي دائرة "بعبدا" مثلاً قد أدلوا بأصواتهم في صندوق واحد، رغم أنهم يتوزعون على العديد من الدول.
هذه الآلية تمنع تحويل الدول إلى ممتلكات انتخابية لبعض القوى السياسية وتضمن "تجهيل" مصدر تصويت المغتربين لكل لائحة، وبالتالي ضمان المساواة في حرية الاقتراع وتحرير الناخبين المعرضين للضغوط وربما العقوبات بسبب انتماءاتهم الطائفية أو قناعاتهم السياسية، والحؤول دون تمكين أي دولة من معرفة "من أين جاء التصويت ولأي اللوائح كان؟".
عسى أن يشكل الأخذ بهذا الطرح والمسارعة إلى تعميمه على الناخبين المسجلين في الخارج أساساً لصنع الفرق بين الدولة الحامية لأبنائها ولمكوناتها والدولة المتواطئة عليهم وعلى ذاتها.
مواضيع: