وانتخب حيدر علييف في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني في يوليو عام 1969 سكرتيرا أول للحزب الشيوعي الأذربيجاني. ومن ثم ترأس حيدر علييف الجمهورية. وفي ديسمبر عام 1982 انتخب حيدر علييف عضوا بالمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي، ومن ثم عين نائبا أول لرئيس وزراء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية.
وكان دوره أثناء هذه المرحلة من عمله القيادي حاسما في التطور الاجتماعي والاقتصادي لأذربيجان، إذا يعود إلى جهوده الفضل في وضع أذربيجان كإحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي أكثر ازدهارا.
وإذ انه كان المسلم الوحيد في صفوف القيادات العليا في النظام السوفيتي، فقد كان يعد صديقا للعالم العربي الإسلامي، وكان يدعم بقوة قضايا العالم العربي.
واستقال حيدر علييف في أكتوبر عام 1987 من منصبه في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي احتجاجا على سياسة المكتب.
وارتباطا بالمأساة التي ارتكبتها القوات السوفيتية في 20 يناير 1990، ظهر في اليوم التالي للمأساة في مفوضية أذربيجان في موسكو مع بيان يطالب فيه بمعاقبة منظمي ومرتكبي هذه الجريمة التي ارتكبت بحق شعب أذربيجان.
وفي شهري مايو ويونيو لعام 1993، حينما كان مصير البلاد برمته على المحك في ظل ظروف الحرب التي أطلقت عنانها أرمينيا والأزمة الاقتصادية العميقة التي سببها انهيار النظام الاقتصادي السوفيتي والضغط الخارجي والصعوبات الداخلية من جراء كل هذا، في هذا الزمن العصيب من تاريخ أذربيجان، توجه شعب أذربيجان بنداء إلى حيدر علييف لتولى زمام السلطة وإخراج البلاد من تلك الأزمات.
وقد أخرجت القيادة الحكيمة لحيدر علييف أذربيجان من هذه المرحلة من الشكوك والصعاب في مطلع تسعينات القرن المنصرم، لتتخطاها صوب مستقبل مزدهر. وفي غضون فترة قصيرة من الزمن، تمكن حيدر علييف من ترسيخ مؤسسات الدولة وتعزيز العلاقات الدولية الأكثر إلحاحا، وتبني استراتيجية شاملة في مجال الطاقة وإرساء أسس التنمية المستدامة طويلة الأجل للبلاد. وهكذا حلت حقبة جديدة في حياة جمهورية أذربيجان المستقلة.
ومن الجدير بالذكر، أنه بعد وصول حيدر علييف لدفة الحكم في البلاد، تمركزت القوات المسلحة الأذربيجانية تحت قيادة واحدة وأوقفت احتلال أرمينيا لمزيد من أراضي أذربيجان. وأُجبر الجانب الأرميني بعد الضربة العسكرية الرئيسية على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1994 والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وجرت تحولات راديكالية على السياسة الخارجية لأذربيجان. وفي البداية حددت أذربيجان مكانتها في منظومة العلاقات الدولية، وبدأت، اعتمادا على الاستراتيجية الجديدة في مجال السياسة الخارجية، في السعي لتحقيق طموحاتها المتعلقة بالاندماج في منطقة أوروبا الأطلسية وتعزيز علاقاتها الثنائية بدول الجوار وبالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول آسيا وأفريقيا ودول الجنوب الأميركي. وأولت السياسة الخارجية الجديدة عناية خاصة لإعادة بناء العلاقات التاريخية بين أذربيجان والعالم العربي الإسلامي.
وصدر دستور جديد لأذربيجان حول الاستفتاء الوطني الذى جرى في 12 نوفمبر عام 1995، كجزء من عمليات الدمقرطة واسعة النطاق لأوجه الحياة في أذربيجان، كما صدرت أيضا مجموعة قوانين تقدمية جديدة أفضت إلى تغييرات راديكالية في النظام التشريعي للبلاد كنتيجة للإصلاحات الجارية. وحصلت أذربيجان على عضوية منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وقد قُبلت أذربيجان في المجلس الأوروبي نتيجة عملية لعمليات الدمقرطة الجارية فيها. وانضمت أذربيجان للشراكة في مبادرة سلام حلف الناتو عام 1994. ومنذ ذلك الحين وهي تنخرط في تعاون مؤسسي مع حلف الناتو.
وبعد إرساء الاستقرار الاجتماعي الاقتصادي باعتباره نتيجة للسياسة المنهجية والصحيحة للبلاد، تم التغلب تدريجيا على تراجع الإنتاج وركود الاقتصاد، وبدأت مرحلة جديدة من مراحل التطور الاقتصادي لأذربيجان. وحين انتخب حيدر علييف رئيسا للبلاد عام 1993، كانت البلاد تشهد تراجعا في إجمالي الناتج المحلي يتراوح ما بين 20 في المئة و23 في المئة. وكنتيجة للخطوات العاجلة التي اتخذت تحت قيادة حيدر علييف، تغلب الاقتصاد على الركود، وشهد انطلاقه عامي 1994- 1995، وتوقف الركود الاقتصادي. وبدأ الاقتصاد يشهد انتعاشا منذ عام 1996. وساعدت الإصلاحات الاقتصادية على تحسين الوضع المالي في البلاد التي شهدت زيادة في ميزانية الدولة مع كل عام.
ولعبت الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقة، التي وُضَعَت ونُفِذْت تحت قيادة الزعيم القومى حيدر علييف، دورا حيويا في النهضة والتقدم الوطنيين. وفي سبتمبر عام 1994 كانت أذربيجان قد تأهبت لتوقيع «عقد القرن» مع 11 شركة نفط متعددة القوميات من ثماني دول حول تطوير حقول النفط تحت الماء في القطاع الأذربيجاني من بحر قزوين. ومنذ عام 1994 تم في إطار العقد استثمار ما يربو على 18.4 مليار دولار في قطاع النفط والغاز في أذربيجان، وسوف تضخ أكثر من 30 بليون دولار من الاستثمارات في القطاع ذاته.
وترتبط كافة الانجازات في الاقتصاد وفي السياسة وفي مجال حل المشاكل الاجتماعية باسم زعيم شعب أذربيجان حيدر علييف. فبفضل إرادته السياسية وبفضل مثابرته وصلابته وطموحه وحبه العظيم لبلاده وشعبه، تسود الآن ربوع أذربيجان الديموقراطية والاستقرار والسلام.
كان حيدر علييف حين تولي مناصب رفيعة في أذربيجان السوفيتية وفي كرملين وكرئيس لأذربيجان المستقلة طوال المرحلة السابقة من قيادته، وفيا دائما لبلده الأم ولشعبه الأصلي، ووقف جنبا إلى جنب مع شعبه في مواجهة كافة الصعوبات في تلك المراحل الشاقة المتوترة، معتبرا أن إرساء الاستقرار والسلام والتقدم في أراضي أذربيجان يأتي في مقدمة أهم مهام عمله ونشاطه.
وأذربيجان اليوم، اعتمادا على رؤية وإرث حيدر علييف، وتحت قيادة إلهام علييف، بلد ينمو بديناميكية، مع معدلات نمو اقتصادي غير مسبوقة. وقد حولت الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية الثابتة للرئيس إلهام علييف، وقيادته الحكيمة وحكمه الرشيد للبلاد وسياسته الخارجية النشطة، أذربيجان إلى دولة رائدة على الصعيد الإقليمي وشريك يعتمد عليه في العلاقات الدولية. وتلعب أذربيجان اليوم دورا محوريا في كافة القضايا الإقليمية، وتتقاسم ثمار ازدهارها وثرواتها مع بلدان المنطقة عبر مجموعة من آليات الشراكة والتعاون.
مواضيع: