الأهلي المصري: المسيرة نحو النجمات الأربع عبر التاريخ

  30 ماي 2018    قرأ 1332
الأهلي المصري: المسيرة نحو النجمات الأربع عبر التاريخ

يُزين الأهلي المصري شعاره في الموسم المُقبل بنجمة رابعة؛ وذلك بعد تتويجه بالدوري الممتاز للمرة الأربعين في تاريخه.

وظهرت النجمات للمرة الأولى على شعار الأهلي في عام 2004، واستلهمتها الشركة المُصنعة لملابس الفريق من أندية كرة القدم الأوروبية، ففي إيطاليا وهولندا يُصبح من حق النادي رسم نجمة فوق شعاره بعد فوزه بلقب الدوري عشر مرات. وفي ألمانيا، توضع نجمة أولى بعد اللقب الثالث. أما في إنجلترا، فالأمر لا يخضع لضوابط. وبالمقابل، في إسبانيا، لا تُستخدم بالأساس.

يُعد الأهلي أقدم الأندية الكبيرة في مصر، بعد نادي نوبار ونادي السكة الحديد الذي أنشأه البريطانيون. ويتقدم الفريق، الذي يتخذ من اللون الأحمر شعارا له، بفارق كبير من البطولات عن أقرب منافسيه، الزمالك، الذي كان اسمه المختلط ثم نادي فاروق، وكان مُقربا من التاج الملكي حتى ثورة يوليو/حزيران 1952.

على الجانب الآخر حمل الأهلي صفة النادي الشعبي منذ تأسيسه في أبريل/نيسان 1907.

وعلى الرغم من أن هناك أنشطة رياضية متعددة في ناديي الأهلي والزمالك، إلا أنهما اكتسبا مكانتهما وشعبيتهما بفضل انتصاراتهما في كرة القدم. فنجد أن الفريقين سيطرا على 52 لقبا من إجمالي 59 نُسخة مُكتملة من بطولة الدوري.

ويُمكن تفسير تلك الهيمنة على البطولات بأن إمكانياتهما المادية والبشرية والمعنوية كانت أعلى باستمرار من المنافسين. وهذا مكنهما من بناء شعبية جارفة ونفوذ واضح مقارنة بباقي الأندية.

قال طه إسماعيل، أحد أبرز نجوم الأهلي في خمسينيات القرن الماضي، لبي بي سي "تعتمد كرة القدم على التنظيم قبل التكتيك واللياقة البدنية. والأهلي منذ نشأته يمتلك نظاما مؤسسيا صلبا غنيا بالكوادر الإدارية المُتميزة، التي نجحت في فرض الانضباط وبث الحماس في اللاعبين".

وأضاف إسماعيل: "تبحث بيئة الأهلي دائما عن المثالية والكمال، وتتخذ من العمل الجماعي ركيزة لها. هذه السمات تُفسر سيطرة النادي على بطولة الدوري التي تمتد لأسابيع طويلة وتحتاج لاستقرار إداري وعمل جاد ومُستمر".

عمالقة الخمسينيات ثم نفق مُظلم
بدأت مسابقة الدوري المصري عام 1948، وانطلق قطار الأهلي بالسرعة القُصوى ليتُوج باللقب تسع مرات متتالية. كان بإمكانه حصد المزيد من الألقاب لولا تعذُر إقامة المُسابقة في مطلع الخمسينيات، بسبب إعداد الفريق القومي لدورة هلسنكي الأولمبية، وكذلك إلغاء المسابقة في موسم1954-1955 بسبب أحداث شهدتها إحدى المباريات وعجز اتحاد الكرة عن حل ما نتج عنها من مشكلات.

ضم الأهلي في تلك الحقبة لاعبين أفذاذ من جيل العمالقة، على رأسهم الضظوي، الملقب بـ "الثعلب" القادم من المصري البورسعيدي، والهداف الأبرز لعقدي الخمسينيات والستينيات. ويذكر التاريخ أنه كان أول من تخطى حاجز المائة هدف في بطولة الدوري.

أيضا كان هناك محمود الجوهري "الدينامو"، وميمي الشربيني "النفاثة"، وطه إسماعيل "الشيخ"، ومعهم أبرز نجم في ذلك العصر "المايسترو" صالح سليم.

وفي عام 1960 انتزع الزمالك درع الدوري للمرة الأولى، ليُؤجل وصول الأهلي للقب العاشر عاما واحدا. وعرف الفارس الأبيض آنذاك نجوما لامعة، على رأسهم يكن "ملك التغطية"، ثم حمادة إمام "الثعلب".

ويُعد عقد الستينيات من أكثر الفترات التي مرت على الأهلي دون التتويج بالدوري، فخلال تلك الحقبة حقق كل من الترسانة والأولمبي والزمالك والإسماعيلي اللقب، قبل أن تتوقف المسابقة لأربعة مواسم بسبب الهزيمة في حرب يونيو/حزيران 1967.

فريق التلامذة يستعيد الأمجاد
في عام 1973، عادت عجلة كرة القدم المحلية للدوران من جديد، وتُوج غزل المحلة بلقب الدوري. وأنهى الأهلي ذلك الموسم في المركز الرابع، لكن العام التالي كان شاهدا على عودة الفريق الأحمر لسابق أمجاده بفضل ظهور "فريق التلامذة"، الذي أشرف على تكوينه صالح سليم الذي تولى منصب مدير الكرة بعد اعتزاله في نوفمبر/تشرين الثاني 1966.

ضم الفريق الجديد نجوما شابة لامعة، في مُقدمتهم محمود الخطيب "بيبو"، وعبد العزيز عبد الشافي "زيزو"، ومصطفى عبده "المجري"، وقادهم فنيا من خارج الخطوط النجم السابق لمنتخب المجر ناندور هيديكوتي، الذي خاض المباراة النهائية لكأس العالم 1954 أمام ألمانيا الغربية.

وتُوج "فريق التلامذة" بالدوري سبع مرات في ثمانية مواسم، وأضاعوا لقبا واحدا انتزعه الزمالك، بفارق هدف سجله عبد الرحيم محمد في الإسماعيلي في ختام موسم 1977/78. لكن عقب ذلك بأيام، فاز الأهلي على الزمالك 4-2 في واحدة من أشهر المباريات النهائية لمسابقة كأس مصر.

غزو أفريقيا.. واستمرار في الريادة المحلية

في مطلع الثمانينيات، تولى محمود الجوهري مسئولية تدريب الأهلي. كان ذلك العقد شاهدا على هيمنة استثنائية على المستوى القاري. في 1982 تُوج الفريق بأولى ألقابه الإفريقية بعد فوزه على آشانتي كوتوكو الغاني.

حجز الأهلي موقعا دائما في المباريات النهائية للبطولات الإفريقية بين عامي 1982 و1987، الأخير هو العام الذي شهد فوزه على الهلال السوداني وتتويجه بدوري الأبطال للمرة الثانية، ليُعلن بعدها الخطيب اعتزال كرة القدم.

ولم يمنع النجاح على الصعيد القاري الأهلي من مواصلة تفوقه المحلي، فتُوج بالدوري ست مرات، ليصل إلى لقبه العشرين في موسم 1985/86.

في تلك الفترة، بزغ نجم فريق المقاولون العرب، الذي فاز بالدوري عام 1983، وحصد كأسين قاريتين.

كما فاز الزمالك بالدوري مرتين خلال الثمانينيات، لكنه حقق صدى أكبر على الصعيد القاري بعد تتويجه بدوري الأبطال مرتين. وكان إبراهيم يوسف "الغزال" في تلك الفترة أبرز تلاميذ "مدرسة الفن والهندسة" وأحد أهم نجوم كرة القدم في القارة السمراء.

وكان عام 1985 شاهدا على أحد أشهر أزمات الأهلي، عندما تضامن عدد من لاعبي الفريق مع الجوهري الذي تقدم باستقالته. واتخذ صالح سليم، رئيس النادي آنذاك، قرارا شجاعا بإيقاف اللاعبين. رغم ذلك، فاز الأهلي على الزمالك في الكأس بفريق الشباب، وأصبح في العام نفسه أول فريق مصري يجمع بين الدوري والكأس وبطولة أفريقيا في موسم واحد.

مرحلة انتقالية.. قطيعة أفريقية.. حضور عربي
أنهى الأهلي عام 1988 بوفاض خالٍ، إذ فاز الزمالك بالدوري، كما غاب الفريق الأحمر لأول مرة منذ سنوات عن النهائي الإفريقي. علق عدد كبير من النجوم اللامعة أحذيتهم، وبات خيار البدء في مشروع بناء فريق جديد حتميا.

تعاقدت إدارة النادي مع الألماني فايتسا، الذي طبق أسلوبا جديدا واعتمد على خطة 3-5-2. وأعاد فايتسا بريق طاهر أبو زيد "مارادونا النيل"، كما منح الثقة لشوبير والتوأم حسن، ومعهما النجم الواعد هاني رمزي.

استرجع الأهلي لقب الدوري، قبل أن يُلغي اتحاد الكرة المسابقة في الموسم التالي بإصرار من الجوهري، الذي أراد التركيز على إعداد الفريق القومي للمشاركة في كأس العالم بإيطاليا 1990.

إلا أنه في مطلع التسعينيات، خسر الأهلي لقب الدوري ثلاث مرات متتالية لصالح الزمالك والإسماعيلي.

وفي 1994، اتخذت إدارة النادي قرارا بمقاطعة البطولات القارية اعتراضا على التحكيم، بعد خسارة كأس السوبر الإفريقية أمام الزمالك في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا. وكان الجوهري مدربا للزمالك في تلك المباراة.

وعلى الرغم من قوة الزمالك في تلك الفترة، إلا أن الأهلي نجح في استعادة سيطرته على بطولة الدوري من منتصف التسعينيات، ففاز باللقب سبع مرات متتالية بقيادة ألمانية من هولمان ثم تسوبيل. وشهدت تلك السنوات أيضا تتويج الفريق بأكثر من بطولة عربية شكلت بديلا خارجيا للبطولات الإفريقية.

ويقول طه إسماعيل لبي بي سي: "امتلك الزمالك أكثر من جيل موهوب، لكن آفته الدائمة هي عدم الاستقرار الإداري. في منتصف التسعينيات، تقدم فريق الأحلام على الأهلي بفارق 13 نقطة، لكنه خسر الدوري في نهاية المطاف... شعار روح الفانلة الحمراء لم يأت من فراغ".

رغم ذلك، يرى كثيرون أن فريق نهاية التسعينيات كان أقل فنيا من جيل الثمانينيات، وهو الرأي الذي أكده صالح سليم إذ قال عقب الفوز باللقب عام 1998: "الأهلي أعور وسط عميان".

السنوات الأولى قبل ميلاد جيل ذهبي جديد
مع بداية الألفية الجديدة، غاب درع الدوري عن دولاب بطولات الأهلي لأربع سنوات. فريق الشياطين الحُمر لم يستثمر فوزه التاريخي على غريمه الزمالك بستة أهداف في 16 مايو/آيار 2002 وتعادله مع الإسماعيلي بأربعة أهداف في مباراة يراها كثيرون الأفضل في تاريخ الكرة المصرية، فأضاع بطولة الدوري بالتعادل مع غزل المحلة. وذهب اللقب في النهاية للإسماعيلي، الذي قدم موسما استثنائيا بقيادة المدرب محسن صالح، واللاعب الزئبقي محمد بركات.

وفي الموسمين التاليين سيطر الزمالك على البطولة ليستمر غياب اللقب عن الجزيرة للعام الرابع.

وفي 2004، بدأ البرتغالي مانويل جوزيه ولايته الثانية مدربا للأهلي، في فترة تزامنت مع استقطاب عدد كبير من النجوم اللامعة، على رأسهم أبو تريكة من الترسانة، ومحمد بركات من العربي القطري. هذان النجمان انضما لصخرة الدفاع القادمة من المحلة وائل جمعة، كما بزغ في تلك الفترة نجم الهداف الصاعد من فريق الشباب بالأهلي، عماد متعب.

وفرض الفريق الأحمر في تلك الفترة هيمنته على الساحتين المحلية والقارية، وأعاد للأذهان سيطرة جيل الثمانينيات على البطولات، مع تفوق أكبر سببه تردي الأوضاع الإدارية والمالية في الفرق المنافسة محليا.

وفي 2005 حقق الأهلي لقب الدوري للمرة الثلاثين، كما تُوج بكأس أفريقيا وبات أول نادٍ مصري يُشارك في كأس العالم للأندية.

وتعد مسيرة الأهلي من النجمة الثالثة إلى الرابعة هي الأقصر، فالفريق تُوج بالدوري إحدى عشرة مرة في أربعة عشر موسما. وأفلت لقب واحد من قبضته لمصلحة الزمالك في 2015، فيما أُلغيت المسابقة موسمين على وقع الاضطرابات السياسية وبسبب الأحداث الدامية في مباراة المصري والأهلي بملعب بورسعيد يوم 2 فبراير/شباط 2012.

نشأة وطنية، ومصنع للنجوم، وقلعة للبطولات.. أسباب عززت كثيرا من الشعبية الجارفة للأهلي.. فريق كرة القدم الذي ينتظر كثير من المصريين انتصاراته أكثر من أي شيء آخر في حياتهم.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة