قام هذا الإمام ببناء قوة بحرية توازي قوة عُمان البرية فبلغ عدد السفن البحرية الحربية في عهده ثلاثمائة سفينة وتسمى الوارج أما القوة البرية فمن الإبل سبعمائة رأس ومن الخيل ستمائة رأس وهذه الأعداد الموجودة في حصن نـزوى، أما باقي الحصون بالولايات فكل وال لديه ما يقارب هذه الأعداد، وذكر العلامة السيابي رحمه الله في كتابه ” عُمان عبر التاريخ ج 2 ص 171 ان عدد الأبل في دولة الإمام المهنا بن جيفر تسعة آلاف رأس كلها لبيت المال ولاشك أن لدى الدولة من الخيل ما يقارب هذا العدد من الإبل أو أكثر وبالطبع فإن الأهالي يمتلكون من الإبل والخيل الشيء الكثير، وفي عهده نما السكان نموآ حتى قيل إن عدد سكان محلة سعال نزوى أربعة عشر ألف نسمة واستمر الحال على ذلك حتى تناحر العمانيون بأنفسهم وشق الشيطان العصا بينهم وتمزقت وحدتهم وذهبت قوتهم ثم جاء محمد بن بور بالظلم والجور فشرد أهل عُمان وأذاقهم أنواع العذاب والهوان ونال منه أهل نزوى ما ناله الآخرون.
ومن قوة هذا الإمام وقدرته وهيبته ما ذكره المؤرخون من أن أرباب المواشي من المهرة امتنعوا عن أداء الزكاة منذ آخر عهد الإمام عبد الملك فقام هذا الإمام وأرسل الجابي عبدالله بن سليمان وهو من بني ضبّة من أهالي عز فكانت قد وجبت الزكاة في ذلك الحال لسنتين ، زكاة السنة التي توفي فيها الإمام وزكاة تلك السنة فلما وصل الجابي إلى المهرة وطلبهم الزكاة امتنعوا وكان كبيرهم واسمه وسيم ابن جيفر المهري أغلظ في الكلام فقال للجابي ارجع إلى حيث جئت وإلا سيكون مصيرك ومصير من معك مثل مصير أصحابكم وانظر إلى قبورهم يعني قبور جند الإمام عبد الملك الذي ارسل إليهم سرية لجبرهم على أداء الزكاة فحاربهم وقتل من الجند عددا وفرّ الباقي عائدا إلى الإمام وذلك في آخر أيام حياته وهنا رواية اصح وهي أن الإمام أرسل إليهم سرايا متعددة بعدما قتل عدد من السرية الأولى وأجبرهم على أداء الزكاة وتمرّدوا ثانية عندما رأوا منه ضعفا وتقدما في السن لكن الجابي لما سمع من وسيم ذلك القول عاد إلى الإمام المهنا وأخبره بما توعده به وسيم فأرسل الإمام إلى ولاته في جعلان وسناو وأدم وكافة المناطق الجنوبية بأنهم إذا ما ظفروا بوسيم فليوثقوه في الحديد وبعد مدة قدم وسيم إلى أدم فوقع في يد واليها وكتب إلى الإمام أن الرجل مستوثق منه فأنفذ الإمام إليه جيشا بقيادة أبي المقارش يحيى اليحمدي ثم أتبعه بكتيبة وأردفها بكتائب متتابعة وحُمل وسيم على رؤوس الرماح حتى وصلوا به نزوى فسجنه الإمام سنة لا يقبل فيه شفاعة شافع ولا يملأ مسمعه من متكلم عنه أو من مدافع حتى وصل قومه وطلبوا من الإمام الصفح والعفو عنه فقال لهم الإمام يسعه العفو بعدما تختاروا واحدة من ثلاث إما أن ترحلوا من الأراضي العُمانية وإما أن تستعدوا للحرب والمنتصر فيها يحدد موقفه من صاحبه وإمام تحضروا كل سنة ماشيتكم إلى نزوى للزكاة وعليكم زكاة ثلاث سنوات مضت تحضروها في الفور واختاروا ما شئتم من هذه الثلاث فقالوا أما الحرب فلا قدرة لنا عليها وأما الإرتحال من الأراضي العمانية فلا نستطيع وأما لإحضار ماشيتنا فلكم منا إحضارها كل سنة وندفع زكاة السنوات الثلاث الماضية وبعد أخذ الإثباتات اللازمة أمر الإمام ببناء (نقصة) في بلدة فرق من أعمال ولاية نـزوى كمعلم يحضر إليه وسيم وقومه بماشيتهم كل سنة، ومضت السنون الغابرة على تعاقب الأئمة والحال كما هو عليه إلى ما شاء الله من الزمان.
وله بطولات ومواقف يشهد بها أقرانه وتوفي رحمه الله يوم الجمعة السادس عشر من ربيع الآخر سنة 237 هـ وكانت مدة إمامته عشر سنين وتسعة أشهر، غفر الله له وأكرم مثواه.
مواضيع: