السوريون يحتفلون بالعيد في حلب ودمشق دون إرهاب

  16 يونيو 2018    قرأ 1283
السوريون يحتفلون بالعيد في حلب ودمشق دون إرهاب

دمشق ـ الوطن :لم تمنع أجواء الحرب السائدة في تلك البلاد، وصعوبة الحياة المعيشية التي بات يعاني منها أغلب المواطنين السوريين من القيام بالتحضيرات اللازمة والتي توارثوها عن الأباء والأجداد لاستقبال عيد الفطر السعيد.

احتفلت المدن الرئيسية في سوريا دمشق وحلب بعيد الفطر المبارك للمرة الأولى منذ سبع سنوات دون إرهاب أو خوف من قذائفه، لذا فقد حرص السوريون على ارتياد الأسواق منذ آواخر شهر رمضان، واشتروا ما استطاعوا ليكون الاحتفال بالعيد هذا العام ذا نكهة مختلفة، حيث حرص السوريون على الاحتفال به وفق تقاليدهم وعاداتهم الخاصة والمميزة.
احتفالات مميزة
يبدأ العيد في سوريا في وقت مبكر من النهار؛ حيث يخرج المصلون وخاصة أهالي دمشق لأداء صلاة العيد في المسجد الأموي، ويُصلي أهالي المناطق السورية الأخرى في المساجد الأخرى، وبعد الانتهاء من صلاة العيد يتوجه الجميع لزيارة القبور، والدعاء للأموات بالرحمة والمغفرة، وقراءة الآيات القرآنية على قبورهم، وبعد ذلك يبدأ الاستعداد لزيارة الأقرباء، إذ يزور الرجال الجد والجدة، ثم العمات والخالات، وفي الفترة المسائية تتم زيارة الأعمام والأخوال، وزيارة الجيران أيضاً.
وفي العيد يذهب أطفال سوريا لزيارة أقاربهم، وأخذ العيدية (الخرجية) التي تُقدّم لهم في أول يوم من أيام العيد، كما يقضون العيد في اللعب؛ حيث تُفتح الحدائق العامة، وتُنصب المراجيح والألعاب الأخرى، ويذهب الأطفال من أجل اللعب فيها، أو اللعب أمام المنازل، وتشتري الأسر السوريّة ملابس العيد في الأيام الأواخر من شهر رمضان المبارك.
و تُعِدُ العائلات الشاميّة في الأيام الآواخر من رمضان حلوى العيد، ومن أنواع الحلويات التي يقومون بإعدادها المعمول، وهو عجين يتم عجنه بالسمن، ثم يُحشى بالتمر، أو الفستق، أو الجوز، ويُشار إلى أنَّ العائلات السورية كانت تصنع هذا الحلو بنفسها، ولكن تخلى عدد منها عن هذه العادة، ولجؤوا إلى شراء الحلوى من المحلات المتخصصة بصنعه، ويجدر بالذكر هنا إلى أنَّ الحلويات السورية تختلف من منطقة لأخرى، حيث تصنع المناطق الشرقيّة الكليجة، أو المعمول، والأقراص، أما في مدينة حلب الشهباء فيتم إعداد أنواع مختلفة من الكبابيج الحلبيّة، وفي مدينة حمص تُصنع الأقراص وغيرها من الحلويات.
أسواق حلب
من ينظر إلى وجوه أبناء حلب في العيد بعد سنوات قاسية من الحرب حاصر فيها الإرهاب المدينة يدرك أن نسغ الحياة بدأ يتدفق في شرايين المدينة وأن القادم أجمل والأمل سيبقى.وشهدت أسواق مدينة حلب حركة نشطة خصوصا في الأيام التي سبقت عيد الفطر، حيث كانت المتاجر تفتح أبوابها لساعات متأخرة من الليل لإتاحة الوقت للمواطنين لشراء مستلزمات العيد. وفي تقرير لوكالة الأنباء السورية الرسمية سانا التي جالت كامراتها في أسواق مدينة حلب من سد اللوز إلى سوق التلل إلى الفرقان التي تشهد إقبالا كبيرا من الأهالي للتسوق وشراء الحاجيات من ملابس وحلويات وغيرها، حيث أكد المواطنون أن أجواء العيد هذا العام مميزة بعد عودة الأمان الى ربوع سوريا ومدينة حلب.
وفي سوق سد اللوز بحي الشعار بين محمد صاحب محل لبيع الألبسة أن الأسعار مقبولة وتتفاوت حسب جودة المنتج في حين اعتبر أبو ديبو القادم من جبرين للتسوق أن الأسعار جيدة ووافقته في ذلك أميرة ربة منزل القادمة من مخيم النيرب لتشتري حاجيات وملابس العيد.
يشار إلى أن سوق سد اللوز سوق شعبي شهير في حلب يضم تشكيلات واسعة من الملابس بعروض مخفضة تتناسب مع كل الشرائح وانقطع النشاط في السوق لسنوات عدة بسبب وقوعه تحت سيطرة الإرهاب لكنه يعود اليوم بكل قوة ليفرض منتجاته الوطنية المنافسة.
ويعبر عبد الله ناشد أحد أصحاب المحال التجارية في سد اللوز عن سعادته بعودة الأمن والأمان إلى هذا السوق بفضل الجيش العربي السوري لافتا إلى تحسن الأوضاع وعودة الناس للتمتع بالتسوق كما كان الحال سابقا.
ومن الأسواق الشعبية الشهيرة في حلب سوق التلل الذي يعتبر مركزا تجاريا لبيع الألبسة والأقمشة والقطنيات والاكسسوارات بأنواعها والذي عانى من قذائف الإرهاب على مدى سبع سنوات من الحرب أدت لركود عمليات البيع والشراء حيث لفت عدد من المواطنين إلى أن السوق هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة.
ويقول زكريا السقا صاحب محل لبيع الأحذية والحقائب إن موسم هذا العام جيد جدا مقارنة بالأعوام السابقة مشيرا إلى أنه لم يتخيل أن يكتظ سوق التلل بهذا العدد من المتسوقين في حين أشار محمد بابلي الذي جاء إلى السوق لشراء ملابس العيد لطفلته الصغيرة إلى أن الأسعار جيدة وإقبال الناس كبير. كاميرا سانا انتقلت إلى سوق الفرقان الذي يمتد من دوار الصخرة إلى حي الأعظمية، حيث أكد المواطنون أن السوق يشهد حركة كثيفة على مدار الساعة خصوصا في العشر الأخيرة من رمضان قبيل العيد. وعبرت المهندسة سمر قصير الذيل عن فرحها بعودة حلب كما كانت في سابق عهدها لكنها أشارت الى أن الأسعار مرتفعة ولا تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود مطلقا وخاصة أسعار ملابس الأطفال وهذا ما وافق عليه عدد من المواطنين الذين شكوا من تفاوت الأسعار من سوق إلى آخر.
دمشق تعود لطبيعتها
في حي النوفرة خلف الجامع الأموي مباشرة من الجهة الجنوبية يقع مقهى النوفرة ليطل على الجامع والبيوت والحمامات الأثرية الموزعة في الشارع الذي ينتهي بالقوس الروماني ما أكسبه شهرة واسعة وجعله مقصدا لعشاق الأماكن التراثية وطقوسها، خاصة في أيام العيد.
وحتى تصل إلى المقهى لا بد أن تمر بسوق الحميدية لتشاهد المحال الموجودة فيه وما تحتويه من معروضات متنوعة وما أن ينهكك السوق المسقوف وتنتهي من التسوق حتى تجد نفسك على درج النوفرة لتستريح فيه.
وتعرف المقهى من الزحام الذي يشهده ومن عتباته الثلاث وشرفاته التي يشتهر بها وصالتيه الداخلية التي تحمل جدرانها صورا تعود بك نحو ذكريات تحتاج أن تعيشها ربما فهي جزء من زمن مضى يفوح به عبق الماضي ممزوجاً بشيء من الحنين فكل صورة داخل المقهى تتحدث عن فارس لم تطو سيرته بعد من قلوب محبيه وخارجية تستمتع إذا جلست فيها بمشاهدة العابرين من أمامك في الحارات القديمة.
كاميرا سانا زارت المقهى والتقت عددا من الضيوف والعاملين فيه في محاولة لتوثيق لحظات مميزة تتقنها دمشق ويحبها ضيوفها أبو مازن المبيض رجل ستيني يلبس جلبابه الأبيض يجلس على يمين باب المقهى عاد بنا مستذكرا بقوله: لا يزال المقهى يحتفظ بطريقته الشعبية بتقديم النرجيلة العجمي “التنباك” والمشروبات الساخنة “الشاي الخمير” مسترسلا بالوصف والشرح بأنه يواظب يوميا على زيارة المقهى منذ أربعين عاما ليستمع للحكايات التقليدية القديمة التي يلقيها الحكواتي الذي يعتلي الكرسي التي تتصدر وسط القاعة المغلقة للمقهى حاملا بيده سيفا يلوح به خلال سرده لمجريات الرواية والحكاية.
ندى الأشقر زائرة من محافظة السويداء تزور المقهى لأول مرة جلست على الكرسي الخشبي القديم إلى جانب صديقتها بالمقهى مسحورة بتراث جدرانه ولوحاته وعيونها تلمع لتحكي لنا دهشتها بالمكان واصفة إياه كمعرض للوحات للفنانين الذين عاصروا المقهى على مدى أزمنته الغابرة.
تلتفت إلى القاعة الخارجية لتجد إلى جانب درجها عددا من الشباب والشابات بوجوه متشوقة ينادون نادل المقهى بصوت شجي طالبين منه النرجيلة التي يحبون والشاي العجمي “الخمير” وما أن تبدأ بارتشاف الرشفة الأولى منه حتى تشعر أنه أنهى تعب ساعات طويلة من الصيام والعمل الشاق كما ذكر الشاب حسين.

إجراءات لتأمين الخدمات
واستعدادا لعيد الفطر اتخذت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سلسلة من الإجراءات حرصت فيها على ضبط الأسواق وتوفير مختلف السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بالسوق. وأكد معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب في لقاء مع سانا أن الدوريات التابعة للوزارة تعمل على مراقبة الأسواق وسبر أسعار المواد المطروحة والتأكد من جودتها ومواصفاتها ومدة صلاحياتها مشيرا إلى تشكيل دوريات رقابية تعمل بالتناوب على مدار الساعة. وبين شعيب أن الدوريات الرقابية مهمتها سحب العينات من المواد المشتبه بمخالفتها للمواصفات والشروط المطلوبة والتدقيق بأسعار المواد المعروضة وتلقي شكاوى المواطنين ومعالجتها بشكل فوري لافتا إلى أن الوزارة أصدرت لوائح بأسعار الحلويات بمختلف أنواعها واللحوم الحمراء والبيضاء والخضار والفواكه ودراسة أسعار الألبسة وتكلفتها لتناسب المواطن. المهندس يوسف عقلة معاون مدير فرع دمشق للمؤسسة السورية للتجارة اشار إلى أن المؤسسة رفدت جميع صالاتها ومنافذ بيعها بتشكيلة واسعة من السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بمواصفات ونوعية جيدة وبأسعار منافسة لأسعارها في الأسواق والمحلات الخاصة إضافة إلى المعارض المختلفة التي تعمل على توفير المواد الغذائية والحلويات والألبسة والأحذية وكل ما تحتاجه العائلة لاستقبال عيد الفطر. بدوره أوضح نائل اسمندر مدير فرع دمشق بالشركة العامة للمخابز أنه تم وضع جداول للمناوبة وتقسيم ساعات العمل لضمان الاستمرار بإنتاج مادة الخبز بمواصفات ونوعية جيدة بما يضمن وصول ربطة الخبز للمواطن بيسر وسهولة لافتا إلى أن الشركة العامة للمخابز اتخذت الإجراءات المناسبة لعدم التلاعب بوزن وسعر الربطة. معروف زيتون مشرف على أحد أفران ابن العميد تحدث عن التحضيرات التي تقوم بها الأفران لتغطية حاجة السوق خلال إجازة العيد، حيث يتم تجهيز كل المواد المستخدمة في صناعة مادة الخبز وصيانة الآلات وتجهيزها وتنظيم جداول المناوبات بين أفران ابن العميد كافة وتنظيم منافذ البيع.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة