وكانت تشان تشان عاصمة حضارة تشيمو التي بلغت أوجها بين العامين 900 و1450، وكانت تضمّ عشرة قصور من الطين على مساحة عشرين كيلومترا مربعا، وثلاثين ألف نسمة، أما اليوم، فلم يبق من هذه المساحة سوى 14 كيلومتراً مربعاً، وصارت مباني المدينة مهددة بسبب الأمطار والمنشآت الزراعية والسرقات.
ورغم ذلك، ما زالت تشان تشان "موقعاًَ مذهلاً، فتحتَ كلّ تلّة اكتشاف مدهش"، بحسب تعبير وزيرة الثقافة، باتريسيا بالبوينا، التي زارتها في الآونة الأخيرة للاطلاع على اكتشاف جديد.
وهذا الاكتشاف هو ممر محاط بالنقوش في قصر" تشيمو الكبير"، أحد القصور العشرة في هذه المدينة الواقعة على 600 كيلومتر شمال العاصمة ليما، وقالت الوزيرة "يثبت الاكتشاف الجديد حجم الإرث الثقافي وما يمكن أن نعثر عليه" في هذا الموقع.
"حيوان قمري"
وزُيّن مدخل الممرّ برسوم لـ"حيوان قمري" وهو رمز أسطوري في حضارات عدة استوطنت البيرو قبل الغزو الأوروبي، بحسب عالم الآثار هنري غايوسو المسؤول عن ترميم جدران القصر.
ويقول: "اكتُشف الممر قبل أسبوعين، عرضه ستة أمتار وطوله خمسون مترا، لقد نبشنا نصفه حتى الآن، أي 25 مترا"، ويضيف "حين ينتهي العمل، سنعرف ماهيّة هذا الممرّ، علما أننا نظنّ أنه كان مخصصا لشخصية مهمة" في حضارة تشيمو.
ويعمل في الموقع حالياً 500 شخص، منهم 50 عالم آثار، يتوزّعون على خمسة مواقع تنقيب، وفقاً لرئيس وحدة البحث أرتورو باريديس، وحتى الآن، عثرت الفرق على رسوم جدارية، وسلالم، وممرات، وتماثيل من الخشب لمحاربين طولها أربعون سنتيمتراً، وعثر العلماء أيضا على أوان وأدوات حياكة ومجسمات لسفن وصيادين وأشخاص يسبحون.
ذبائح بشرية
كانت المعارف عن حضارة تشيمو أقل من تلك المتوفرة عن الإنكا الذين حلّوا محلّهم، لكن التنقيب الأثري صار يكشف تفاصيل عنها شيئا فشيئا.
ففي ابريل (نيسان) الماضي، عثر علماء على آثار "لأكبر مذبح للأطفال في أميركا وربما في تاريخ العالم"، مع بقايا لأكثر من 140 طفلاً يبدو أنهم قُدّموا كقرابين، بحسب مجلة "ناشونال جيوغرافيك".
ويقع هذا الاكتشاف الأثري على منحدر مطلّ على المحيط الهادئ في منطقة ليبرتاد في الشمال، حيث كانت حضارة تشيمو قائمة قبل أن تزيلها حضارة الإنكا في العام 1457.
ويقول خورخي بارترا المسؤول عن التنقيب في ذاك الموقع "نعتقد أن هذا المكان كان مخصصاً للاحتفالات".
أُدرجت تشان تشان على قائمة منظمة يونيسكو للتراث البشري في العام 1986، لكنها أيضاً مدرجة على قائمة التراث المهدد، بسبب الأمطار ومياه البحر وأنشطة الزراعة وتربية الماشية.
ومع أن الحكومة بدأت بإخلاء المنطقة من ساكنيها، إلا أن البعض ما زالوا يعيشون فيها، ومنهم أيضاً من بحوزتهم صكوك ملكية، ومنذ ذلك الحين، تنفّذ الشرطة دوريات ليلاً نهاراً لحماية تشان تشان، وهي تحضّر خطّة لإجلاء ما تبقى من سكان.
24ae
مواضيع: