“الوطن الاقتصادي” يسلط في استطلاعه الضوء على أهمية توظيف الهوية العمانية المليئة بكنوز من الأسماء والمفردات التي يمكن توظيفها في الأسماء التجارية للمؤسسات والشركات، وعلاقة الاسم التجاري في التسويق للمؤسسة أو الشركة، إذ أن بعض الأسماء التجارية العمانية نالت نصيباً وافراً من التسويق لمنتجاتها أكثر من غيرها في السلطنة، لكن السؤال: كيف نوظف الهوية العمانية في الأسماء التجارية.
ارتباط الاسم التجاري
سعادة محمد بن سليمان الكندي، عضو مجلس الشورى، ورئيس مجلس إدارة سندان للتطوير يقول: الهوية العمانية في الأسماء التجارية لها شقان، الشق الأول يكمن في التسويق للمنتج العماني في السوق المحلي، كلما كان الأسم قريبا من المجتمع تقبله المجتمع بشكل أوسع، على سبيل المثال “دكانه” وهو اسم يدلل للمستهلك ارتباطه الوجداني بهذا الاسم، وهذا الشق يمكن تسميته ارتباط الاسم التجاري بالمجتمع، أما الشق الثاني فهو للشركات التي لها نوافذ تجارية خارج السلطنة ومنها العديد من الشركات العمانية التي أصبحت سفيرة بمنتجاتها في تلك الدول، والكثير من المنتجات العمانية لها شهرتها في الخارج من خلال الهوية لكن في الغالب الأسماء التجارية الأجنبية في السلطنة تعكس عند مخيلة أي مستهلك الجودة.
وأضاف: أن الاسم التجاري يهتم بسوقه فإذا كان اسم الهوية عمانيا فإنه يربط مكانياً وزمانياً بالسوق المحلي، أما إذا كان الاسم التجاري أجنبيا فإنه يركز على مدى الجودة، ولكل منتج إيجابياته وسلبياته.
الأسم يعكس الشخصية
محمد العنسي رئيس لجنة تنظيم سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان أوضح أن كل اسم هو المعبر عن شخصية الفرد سواء ككيان شركة أو الشخص بذاته، والاسم التجاري للشركة هو من يعطي الانطباع وقوة الشركة، ولابد من الاهتمام باختيار الاسم التجاري لأنه يعكس شخصية الشركة والتعامل معها.
وأشار إلى أن السلطنة ومنذ القدم تمتلك موقعاً تجارياً مهماً في العالم، ولها مكانتها في أنحاء العالم من خلال اشتهارها بصناعة السفن وبموانئها، وكلما حافظنا على الهوية العمانية في الأسماء التجارية للشركات والمؤسسات يسهم في تحفيز رائد العمل ويعرف به في المحافل العالمية، ودائماً ما نعتز بالهوية العمانية التي تملك مجموعة هائلة من الأسماء التي يمكن توظيفها تجارياً أكثر من استخدام الأسماء الأجنبية .. مشيراً إلى أن وزارة التجارة والصناعة كثيراً ما تشترط أن تكون الأسماء التجارية معربة إلا إذا كانت وكالة تجارية أو حصرية فقط فهذه تستخدم ذات الاسم.
توظيف الأسماء التجارية عمانياً
وقال الدكتور رجب بن علي العويسي، كاتب وباحث في المواطنة والتنمية والأمن الاجتماعي، خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بمجلس الدولة: يأتي طرح هذا الموضوع في ظل الانتشار غير المبرر لأسماء تجارية غير عمانية سواء لمراكز تجارية كبيرة أو محلات صغيرة أو مسميات بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية الأخرى لدول أخرى بالسلطنة، وما يعكسه ذلك من تأثير على منظومة الهوية الوطنية وتحويل الأنظار إلى هذه الأسماء أكثر من اهتمام المواطن بمعالم وطنه وكنوز بلاده الثرية في مختلف المجالات الحياتية خاصة أن التعامل معها أصبح يومياً وترديد ذكرها أصبح عادة حياتية، وبالتالي الحاجة إلى إعادة النظر في هذه المسميات وإيجاد آلية واضحة لدى الجهات المختصة المعنية بإصدار تصاريح السجلات التجارية تضمن توفير بدائل متعددة وأسماء وطنية تعكس عراقة هذا الوطن الغالي وأصالة بلدانه، بحيث يجد المواطن في توظيف الأسماء التجارية عمانيا مدخلا للتعرف على معالم وطنه وفرصة للاقتراب منها والبحث عنها والحرص على زيارتها فيتملكها قلبه وتسمو بها نفسه وتعكس في نفسه ملامح الشخصية العمانية التي تجد في الأنشطة التجارية والاقتصادية أكثر من كونها ربحاً مادياً أو تقديم سلعة غذائية أو منتج معين، إلى أنها ترتبط بمسمى وطني ومعلم تاريخي وحضاري يضيف إليها استحقاقات قادمة في نفسه فيصبح حضورها المستمر في واقعه اليومي وتكرارها على الألسن وترديدها المستمر بين أفراد الأسرة لتصبح حاضرة في ذاكرة الأجيال.
وأشار إلى أن ما يثيره البعض من تكهنات أو مسوغات في أن هذه المسميات تأتي أحياناً باختيار المستثمرين القائمين عليها أو المالكين لها من خارج السلطنة، إلا أنه في الوقت نفسه نعتقد بأنه يمكن أن تضع الجهات المختصة بالسلطنة الشروط المناسبة عبر بدائل لمسميات عدة يمكن الاختيار من بينها باتفاق الأطراف لأسماء أخرى شائعة أو مشتركة أو معروفة عالمياً بدون أسماء لأماكن أو بلدان أو معلم خاص في دولة المستثمر، إذ من شأن إدخال البعد الوطني في هذا الجانب أن يؤصل مساحات التقارب والشعور الايجابي من قبل المواطن مع هذا النشاط ويتعاطى معه بثقة وأريحية، فإن بناء مسار الهوية الوطنية وتعزيز حضوره في حياة المواطن يأتي كأحد مداخله من المساحة التي تعطي للبيئة العمانية سواء كأنت معلما سياحيا أو مفردة حضارية أو مسمى للبلدان والمناطق بالولايات والمحافظات أو مفردة إحيائية إذ هي تعبر عن رؤية هذه المراكز التجارية وفلسفة الجودة والمنافسة التي تؤكد عليها في شموخها أو اخضرارها أو مناخها الجميل أو اتساعها أو ما تحمله من بيئات سياحية ومفردات حضارية وثقافية، فتأتي الرسالة والقيم لتعبر عما يحمله هذا الموقع الوطني ومستوى الحضور له في بناء الشخصية العمانية، فالتعامل معه ليس من باب الترف الفكري، والدعوة إلى إعادة النظر في الأسماء التجارية وتوظيفها عمانيا ليس تنكرا أو استنكافا عن قبول الآخر.
مضيفاً: لكنه ضرورة يحتمها الواقع الاجتماعي والانتشار العجيب الحاصل في الاسماء التجارية غير العمانية في كل المحافظات والولايات حتى يكاد أن تجد في ولاية واحدة مركزان كلاهما يحملان مسميات غير عمانية أو اسم بلدة غير عمانية، وهو ما يثير التساؤلات حول دور الجهات المعنية في تنظيم هذا العمل وتقنينه مع التركيز على مسميات المراكز التجارية الكبرى والهايبرماركت والمولات، والشركات المشهرة التي تستقطب الكثير من المترددين والمتسوقين فيها.
وأضاف: إن مسؤولية تعزيز الهوية الوطنية وتأصيل الثقافة العمانية يضع المستثمرين أمام مسؤولية تأكيد هذا المدخل عبر توظيف الاسماء التجارية عمانيا حيث سوف يوفر نتائج استثمارية فاعلة على المدى البعيد تضمن ثقة المواطن فيها وعدم تأثرها بما يتداول من أفكار أو معلومات حول عمل هذه المراكز في بلدانها، بالاضافة إلى البحث عن مداخل أوسع للتسويق المستمر لهذه العلامات والاسماء التجارية التي تحمل مسميات عمانية في ظل المسوحات الدولية حول مؤشرات الاستقرار الاقتصادي وحصول السلطنة على مستوى عال في مؤشر الأسواق الناشئة لعام 2018 واهتمامها المتجه نحو تطوير البنية الأساسية عبر قطاع النقل وشبكات الخدمات اللوجستية، والتي سيكون لها مردودها الايجابي الداعم لنهوض الأنشطة الاقتصادية .. مشيراً إلى إنها مسؤولية وطنية على الجميع أن يتنبه لها بطريقة تحفظ هوية هذا الوطن وأخلاقياته، وتعزز مساحات التناغم بين الأنشطة الاقتصادية وعمليات الترويج والتسويق لها وفق مداخل الثقة وبناء الفرص المتجددة التي تعطي الاجيال القادمة انطباعا ايجابيا حول القيمة المضافة المعنوية المترتبة على استخدام الاسماء التجارية العمانية، نتمنى أن يحمل المستثمر العماني الأسماء التجارية العمانية معه في استثماراته خارج السلطنة كما نجد مسميات تلك البلدان في استثمارات المستثمرين الخارجيين وحرصهم على التسويق لبلدانهم ومناطقهم وإشهارها.
الهوية العمانية
أحلام بنت عبدالله الحبسي، رائدة الأعمال قالت: من الظواهر اليوم في القطاع التجاري هي الأسماء التجارية الغريبة إذ ما إن تدخل إحدى المناطق التجارية ينتابك شعور أنك لست في عمان، إذ لا تعكس بعض هذه الأسماء الهوية العمانية ولا تحمل أي صلة بين ما هو مكتوب في لافتة المحل وبين المنتجات على رفوفه، ونعلم أن اختيار الأسم التجاري هو المحفز للتسويق وجذب المستهلك وثمة أمثلة كثيرة في السوق المحلي على توظيف بعض المفردات العمانية التي كان لها أثرها في جذب المستهلك والتسويق للرائد العمل محلياً.
وأشارت إلى أن وزارة التجارة والصناعة هي المخولة بالموافقة على الاسم التجاري، ولكن ليست لدينا الدراية التامة بكيفية اختيار الاسم التجاري، وبصراحة بعض الأسماء التجارية في المناطق التجارية أو المحلات الكبيرة تشعرك إنك لست في السلطنة، وهذه الأسماء منتشرة بشكل لافت في أغلب محافظات السلطنة، وبشكل خاص في محافظة مسقط، ونأمل من الجهات المعنية ضرورة توظيف أكثر للهوية العمانية الحافلة بكنوز من المفردات التي تصلح أن يتعرف عليها القاصي والداني، لأن هذه الهوية أسهمت في التسويق بنسبة كبيرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
مواضيع: