وقالت صحيفة "برلينر مورغنبوست" إن ترامب نفسه يعتقد، بنرجسية خطيرة وساذجة، أنه منقذ للعالم، وله "شغف بالمستبدين"، لذلك ارتكب مع بوتين نفس الخطأ الذي وقع فيه مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ –أون، إذ أن الرئيس الأمريكي أخذ أقوالهم ووعودهم في ظاهرها وعلى عواهنها، رغم غياب أي أدلة ملموسة أو مكتوبة لهذه الاتفاقات، تؤكد اعتزامهم الالتزام بها.
وكتبت الصحيفة الألمانية تقول اليوم، أن الزعيم الأمريكي، مع نرجسية خطيرة وساذجة يتمثل نفسه كمنقذ للعالم، وهو في الواقع قدّم لسيّد الكرملين هدية إضعاف الغرب وتفريق شمله على طبق من فضة، وبالتالي فإن الفائز بعد قمة هلسنكي يوم الاثنين، بدا بوتين وحده وليس غيره.
وأعرب مايكل باكفيش، كاتب المقال في هذه الصحيفة الألمانية، عن اعتقاده بأن هذا الاجتماع الروسي-الأمريكي سيدخل كتب التاريخ "كتآخي استعراضي كبير". وفي رأيه ، فإن الرئيس ترامب لديه "ميل للأوتوقراطيين" الذين يمكنهم ببساطة المضي قدما نحو أهدافهم، والتغلب على كل العقبات فيما يتعلق بالحكم. وهذا ينطبق على علاقة ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك مع الزعيم الصيني شي جين بينغ، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
ففي اجتماعه مع "الدكتاتور الآتي من بيونغ يانغ" في أواخر أبريل الماضي، احتفل ترامب بسذاجة بالاختراق الذي توهم تحقيقه، والذي ينبغي أن يؤدي إلى نزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية. ولكن هذا كان مجرد رهان على المستقبل، لأن كيم جونغ أون لم يقدم أي التزامات محددة وموثوقة، حسبما يؤكد الصحفي الألماني.
ولا يحاذر ترامب من خطر ارتكاب نفس الخطأ الآن مع موسكو، لذلك يبدي الكاتب مايكل باكفيش مخاوفه. وخلال لقائه مع بوتين في هلسنكي، أشاد ترامب بـ "حوار مثمر للغاية". وأخذ تصريح بوتين بأن موسكو لم تتدخل في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في عام 2016، في ظاهره وعلى عواهنه، على الرغم من أن الاستخبارات الأمريكية ووزارة العدل في واشنطن تصران على رأي مختلف تمامًا في هذا الشأن.
وبالنسبة للصحفي بيرلينر مورغنبوست، لا يزال لغزا كذلك، كيف يتعين على الولايات المتحدة وروسيا توحيد جهودهما في سوريا. فبينما يريد ترامب الضغط على إيران بسبب ضعضعتها الاستقرار في المنطقة - على سبيل المثال ، ودفعها لمغادرة سوريا، يحتاج بوتين للحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية لدعم موقف الرئيس السوري بشار الأسد. أمّا بالنسبة للأزمة الأوكرانية ونزع الأسلحة النووية فلم يسمع من اجتماع هلسنكي سوى نداءات كلامية، لا تقتر بأي خطوات ملموسة، على حدّ تعبير كاتب المقال.
وقالت الصحيفة الألمانية: "ومع كل التفهم والإقرار بالحاجة إلى تعزيز القنوات الدبلوماسية، كشف دونالد ترامب في هلسنكي مرة أخرى عن رؤية غريبة لنفسه كمنقذ خيالي للعالمين "، واعتبر كاتب المقال أن هذا يشكل دليلا على نرجسية خطيرة، وعلاوة على ذلك، على سذاجة مفرطة" حسب تعبيره.
وخلص كاتب المقال في الصحيفة الألمانية إلى القول: مع "مساره الجارف" ضد الاتحاد الأوروبي، و حديثه بروح فيل في متجر صيني بشأن الناتو" ، "سلّم الرئيس الأمريكي لبوتين ما كان يبحث عنه عبثا لسنوات: ضعف الغرب". ولهذا السبب أصبح زعيم الكرملين هو الفائز الأول في قمة هلسنكي وبها، اختتمت برلينر مورغنبوست مقالها.
مواضيع: