قمة هلسنكي تفتح النار على ترمب.. الانتقادات تنهال على الرئيس الأميركي حتى من إدارته،  وصفوه بالمخزي والمشين والخائن

  17 يوليو 2018    قرأ 1198
قمة هلسنكي تفتح النار على ترمب.. الانتقادات تنهال على الرئيس الأميركي حتى من إدارته،  وصفوه بالمخزي والمشين والخائن

عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ليل الإثنين، من جولته الأوروبية وسط غضب عارم في واشنطن؛ حيث ندد مسؤولون كبار في الاستخبارات وفي الحزب الجمهوري بعدم مواجهته نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قضية التدخل في الانتخابات الأميركية، معتبرين أن موقفه «مشين» و»مخزٍ».

وخلال المؤتمر الصحافي طلب الصحافيون من ترمب أن يوجه انتقاداً واحداً لروسيا، لكنه رفض مراراً وتكراراً. وسُئل إن كان اللوم يلقى على عاتق روسيا في تدهور العلاقات، فقال قبل أن يتحول بالنقاش إلى فوزه في الانتخابات: «أحمّل البلدين المسؤولية. أعتقد أن الولايات المتحدة اتسمت بالحماقة. كنا جميعاً حمقى».

وأعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين أن أخذ ترمب بنفي بوتين كان «إحدى أسوأ اللحظات» في تاريخ الرئاسة الأميركية، وأن قمة هلسنكي بين الرئيسين كانت «خطأ مأساوياً».

وقال ماكين: إن «المؤتمر الصحافي اليوم (الإثنين) في هلسنكي كان أحد أسوأ الأداءات المخزية لرئيس أميركي في التاريخ»، مشيراً إلى أن «الضرر الذي أحدثه ترمب بسذاجته وغروره ومساواته الزائفة (بين موسكو والأجهزة الأميركية) وتعاطفه مع حكام متسلطين أمر يصعب تقديره».

وأضاف: «لم يسبق لرئيس أن حط من قيمته بهذا القدر من الذل أمام طاغية».

ترمب يصدق على الرواية الروسية ويرفض توجيه اتهام لبوتين
وفي يوم واجه فيه ضغوطاً من منتقديه ودول حليفة، بل وحتى من معاونيه لاتخاذ موقف صارم لم يوجه ترمب أي كلمة انتقاد واحدة لموسكو عن أي من القضايا التي تسببت في وصول العلاقات بين واشنطن وموسكو إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة.

ورفض ترمب، خلال قمة هلسنكي مع فلاديمير بوتين، اتهام روسيا بهذا التدخل، موازياً ما بين اتهامات أجهزة الاستخبارات الأميركية لروسيا بالتدخل، ونفي بوتين لذلك.

وتابع كوتس أن روسيا «لا تزال تبذل جهوداً متواصلة ومكثفة لتقويض ديمقراطيتنا».

كان رد ترمب على سؤال حول عمليات القرصنة والتدخل الروسي في انتخابات 2016 التي فاز فيها على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، صادماً لحلفائه الأميركيين وخصومه على السواء.

وقال ترمب: إن بوتين «قال للتو إن روسيا لم تقُم بذلك. وأنا أقول: لا أرى سبباً لكي تكون روسيا هي الفاعلة».

وجاء ذلك بعد ثلاثة أيام من توجيه المحقق الخاص روبرت مولر الاتهام إلى 12 عنصراً في الاستخبارات الروسية بقرصنة حواسيب الحزب الديمقراطي، في آخر تطور ضمن سلسلة من التحركات التي قامت بها الإدارة الأميركية منذ نهاية 2016 رداً على ما تصفه الاستخبارات الأميركية بمخطط كبير أداره بوتين نفسه من أجل ترجيح الكفة لصالح المرشح ترمب.

إلا أن ترمب بدا مقتنعاً بنفي بوتين لأي تدخل.

وقال ترمب: «لديّ ثقة كبيرة بالاستخبارات الأميركية، لكنني سأقول لكم إن نفي الرئيس بوتين اليوم كان شديداً جداً وقوياً».

كذلك رحَّب ترمب بعرض بوتين التعاون بين محققين روس ومدعين أميركيين في قضية اتهام 12 عنصراً في الاستخبارات الروسية، بقوله: «أعتقد أنه عرض رائع».

هجوم كاسح على لقاء ترمب 
ودان سياسيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ترمب موجهين إليه انتقادات لاذعة جاءت عبر شبكة فوكس نيوز المؤيدة عادة للملياردير الأميركي.

وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين: «على الرئيس أن يدرك أن روسيا ليست حليفتنا». وأضاف في بيان: «لا يمكن المساواة أخلاقياً بين الولايات المتحدة وروسيا التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الأساسية».

وقال زعيم الجمهوريين السناتور ليندسي غراهام إن رد ترمب في قضية التدخل «ستعتبره روسيا علامة ضعف».

وتوجه ترمب إلى القمة عازماً على بناء روابط شخصية مع سيد الكرملين، مبرراً تدهور العلاقات إلى المستوى الحالي بـ «غباء» أسلافه.

وقال السيناتور الجمهوري والمعارض الشرس لترمب جيف فليك «هذا مخزٍ. لم أعتقد يوماً أنني سأرى رئيساً أميركياً يقف مع الرئيس الروسي ويحمل الولايات المتحدة مسؤولية العدائية الروسية».

ترمب خائن في نظر الديمقراطيين
واستخدم الديمقراطيون لغة أكثر حدة وصلت إلى حد اتهام ترامب بـ «الخيانة».

وقال زعيم المعارضة الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر: «من غير المسؤول والخطير والضعيف أن يكون رئيس الولايات المتحدة مع الرئيس بوتين ضد سلطات إنفاذ القانون الأميركية، ومسؤولي وزارة الدفاع الأميركيين، وأجهزة الاستخبارات الأميركية».

وقال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا جيمي غوميز: «الوقوف مع بوتين ضد الاستخبارات الأميركية يثير الاشمئزاز. عدم الدفاع عن الولايات المتحدة يصل إلى شفير الخيانة».

وقال آدم شيف كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأميركي: إن ترمب أعطى بوتين «ضوءاً أخضر للتدخل في 2018».

وجاء انتقاد السيناتور الديمقراطي كريس مورفي أكثر حدة بقوله: «هذه الرحلة برمتها كانت بمثابة شتيمة كبرى وجهها الرئيس الأميركي إلى بلاده».

واعتُبر تصريح كوتس بمثابة دفاع مفاجئ غير معهود من قبل الاستخبارات الأميركية بوجه البيت الأبيض.

إلا أن تعليق المديرين السابقين للاستخبارات كان أكثر صراحة
ووصف المدير السابق للاستخبارات جيمس كلابر إذعان ترامب لبوتين بأنه «استسلام لا يعقل»، بينما اعتبر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية أنه «خيانة وليس أقل».

ورداً على ذلك قال مدير المخابرات الوطنية الأميركية دان كوتس، الذي اختاره ترمب ووافق عليه الكونغرس، في بيان: «كنا واضحين في تقييمنا بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 وبشأن جهودهم المتواصلة والواسعة لتقويض ديمقراطيتنا، وسوف نستمر في تقديم تقييمات مخابراتية واضحة وموضوعية دعماً لأمننا القومي».

وذهب مدير المخابرات المركزية السابق جون برينان إلى أبعد من ذلك، وقال إنه يجب عزل ترمب من منصبه. وأضاف: «أداء دونالد ترمب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي يرتفع ويتجاوز حد (الجريمة الكبرى والإثم) لم يكن هذا أقل من الخيانة. لم يكن ترمب معتوهاً فحسب في تصريحاته، بل كان بأكمله في جيب بوتين. أيها الجمهوريون الوطنيون: أين أنتم؟».

وقالت نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب على تويتر: «في كل يوم أسأل نفسي: ما الذي يمسكه الروس على دونالد ترمب شخصياً هل هي أمور مالية أم سياسية؟ والإجابة على هذا السؤال هو الشيء الوحيد الذي يفسر سلوكه ورفضه للوقوف أمام بوتين».

ودعا زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى أن يبذل الحزبان جهداً «لزيادة» العقوبات على موسكو.

ترمب يناقض نفسه بخصوص روسيا
وتتناقض كلمات الود المتكررة لترمب تجاه روسيا مع تصريحاته الأسبوع الماضي التي انتقد فيها حلفاء تقليديين للولايات المتحدة خلال قمة حلف شمال الأطلسي وزيارة لبريطانيا. وحين سُئل إن كان بوتين خصماً، فقال: «في الواقع أنا أصفه بالمنافس والمنافس الجيد، وأعتقد أن كلمة منافس هي مديح».

وامتنع ترمب أيضاً عن توجيه انتقادات علنية لضم روسيا منطقة القرم الأوكرانية عام 2014 وهو ما يمثل انتصاراً جيوسياسياً آخر لبوتين ضد جهود الغرب لفرض عزلة عليه.

وتحدث بوتين عن أهمية تعاون البلدين سوياً، وأثنى على ترمب، وفي لحظة ما قطع المؤتمر الصحفي ليقدم للرئيس الأميركي كرة قدم.

وعندما سُئل إن كان يرغب في فوز ترمب بانتخابات 2016 وأنه أصدر تعليمات للمسؤولين لمساعدته، قال بوتين: «نعم»، لكنه نفى أي تدخل قائلاً: إن الاتهامات «محض هراء».

وأشار بوتين إلى أن بإمكان المحققين الأميركيين السفر إلى روسيا؛ للمشاركة في استجواب الروس الذين تتهمهم واشنطن بالتدخل في الانتخابات الأميركية ما دام يسمح للمحققين الروس بعمل الشيء نفسه مع الجواسيس الأميركيين الذين يعملون في روسيا، وهي فكرة رفضها المنتقدون لترمب بوصفها سخيفة.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة