"اعذرونا ارتكبنا خطأً بحقكم"..

  20 يوليو 2018    قرأ 922
"اعذرونا ارتكبنا خطأً بحقكم"..

رسالة ألمانيا للمهاجرين الذين دفعوا ثمن قرار حكومي خاطئ تسبب بترحيلهم، هل تنجح برلين في إعادتهم؟

في الوقت الذي ما زال الجدل متواصلاً عن مدى قانونية ترحيل التونسي سامي الذي يُشتبه بأنه كان مرتبطاً بالقاعدة وحارساً لزعيمه أسامة بن لادن سابقاً إلى بلاده، وقرار محكمة إدارية بوجوب إعادته لألمانيا لأن الترحيل كان مخالفاً للقانون، أقرت الداخلية الألمانية الأربعاء 18 يوليو/تموز من جديد بارتكاب مكتب الهجرة واللاجئين الاتحادي خطأ ترحيل لاجئ أفغاني دون وجه حق لبلاده.

وقالت إليونوره بيترمان المتحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية أمس إن مكتب الهجرة واللاجئين يريد اتخاذ الخطوات الضرورية لإعادته، وإن المكتب على اتصال مع محامية طالب اللجوء الأفغاني، وهي عضو البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سونيا شتيفن، وولاية مكلنبورغ فوربومرن والسفارة الألمانية في كابول لهذا الغرض.

وزير الداخلية الألماني.. ليست المرة الأولى
وهذه الحالة المحرجة الثانية لوزير الداخلية هورست زيهوفر بعد أن أقدم أحد المرحلين الـ 69 على الانتحار لاحقاً في أفغانستان، سيما وأن الوزير أثار الاستهجان بتندره في مؤتمر صحفي بأنه تم ترحيل 69 شخصاً لأفغانستان في يوم عيد ميلاده الـ 69، رغم أنه لم يوص بذلك.

وكان الشاب نصيب الله قد طعن في قرار رفض منحه اللجوء وما كان من المسموح ترحيله لعدم انتهاء إجراءات الطعن في القضايا وعدم صدور قرار بحقه.

وقدمت محاميته شتيفن طلباً لإعادته لألمانيا ليستطيع استكمال إجراءات قضية لجوئه. ونقل تلفزيون «

 «إن دي إر»

أمس عن المحامية تعبيرها عن ارتياحها الشديد لقرار المكتب الاتحادي للهجرة إعادته، ووصفت ذلك بأنها إشارة على أن دولة القانون ما زالت تعمل في ألمانيا. وقالت إنها تتواصل عبر البريد الإلكتروني مع موكلها السعيد للغاية بأن أحدهم يهتم بشأنه، مشيرة إلى أنه يبدل مكان إقامته في أفغانستان كثيراً ويسود حياته هناك الخوف لأن عائلته مهددة من حركة طالبان.

وقالت المحامية أنها لا تعرف متى سيعود موكلها، معبرة عن أملها في أن يحدث ذلك في الأيام القادمة، لافتة إلى أن القرار بشأن الطعن الذي قدمه موكلها ضد رفض طلب لجوئه، سيصدر من المحكمة في الخامس من شهر أيلول/سبتمبر القادم.

كيف حدث «الخطأ»؟
وأقر وزير الداخلية هورست زيهوفر بارتكاب مكتب الهجرة واللاجئين خطأً.

وأوضحت متحدثة باسم مكتب الهجرة واللاجئين أنهم أرسلوا قرار رفض اللجوء الخاص بالشاب إلى عنوان خاطئ في البداية، ثم انطلقوا من أن قرار الرفض دخل حيز التنفيذ، معتبرين أن الشاب الأفغاني تأخر في تقديم طعن في القرار في الفترة المسموح له فيها بالطعن، رغم تلقيهم إشارة قضائية.

وبينت أنهم لم يخبروا سلطة الأجانب المعنية بوصول إشارة قضائية من المحكمة الإدارية تؤكد لهم أن الطعن في القرار لم يصل متأخراً. وأكدت أنهم كانوا قادرين على منع ترحيل الأفغاني لو تجاوب فرع مكتبهم مع إشارة المحكمة الإدارية التي تتضمن تحققهم من جديد من وقائع قضية الشاب، مشيرة إلى أن ما حصل في هذه الحالة سيدفعهم للتحقق مجدداً من كل الإجراءات الجارية في قضايا اللجوء لدى المكتب.

هل ستعيد تونس مواطنها إلى ألمانيا بعد ترحيله غير القانوني؟
وما زال وزير الداخلية هورست زيهوفر، صاحب المواقف المتشددة من الهجرة، يحاول تبرير ترحيل سامي، المصنف على أنه خطر في ألمانيا، إلى تونس يوم الجمعة الماضي رغم صدور قرار قضائي بمنع ترحيله إلى هناك في اليوم السابق.

ولم يتم إخبار المحكمة الإدارية في مدينة غيلسنكيرشن من قبل سلطات ولاية شمال الراين فستفاليا عن الموعد المحدد الذي وضعته لترحيله. وبدا الأمر وكأن السلطات تجاهلت القضاء ورحلته دون أخذ قرارها بمنع ترحيله خشية تعرضه للتعذيب في تونس.

وكان وزير الداخلية زيهوفر قال أنه سيهتم شخصياً بقضيته، وزعم بعد أن أثار ترحيل سامي ضجة أنه علم بالترحيل بعد الانتهاء من تنفيذه وأن وزارة الداخلية التي يترأسها دعمت فقط سلطات الولاية، أي أنه لم يكن باستطاعته منع الترحيل غير القانوني. إلا أن زيهوفر غير كلامه وقال أول أمس إنه علم بالترحيل بعد انطلاق الطائرة التي رُحل بها سامي أ. أي أنه كان باستطاعته منع الترحيل في تلك اللحظة وطلب هبوط الطائرة، الأمر الذي لم يحدث، بحسب موقع صحيفة “بيلد” الذي قال إن وزارة الداخلية لم تستطع تفسير هذين التصريحين المتناقضين لزيهوفر.

واعتبر

زيهوفر

يوم الأربعاء أن الترحيل كان من وجهة نظره قانونياً، وأن التحقق من قانونية ترحيل كل شخص يقع على عاتق السلطات المعنية، مجادلاً بعدم معرفته شخصياً بموعد ترحيل الرجل التونسي، رغم إمكانية أن يكون الموعد معلوماً داخل وزارته.

وتساءل موقع

«بيلد»

عما إذا كان الأشخاص المعنيون بالترحيل أغبياء إلى حد لا يستطيعون فيه الترحيل بشكل صحيح، منتقداً الإهمال في مكتب الهجرة واللاجئين الذي أدى إلى ترحيل الأفغاني فيما كان يتم النظر في قضيته في المحكمة.

وعلى الجانب التونسي، تبدو السلطات متمسكة حتى الآن بالتحقيق مع سامي أ. وتنظر حالياً في تمديد فترة سجنه الاحترازي لمدة أقصاها 15 يوماً، قبل أن تنظر النيابة العامة في أمره.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أمس أن السلطات التونسية قالت إنه سيكون من الصعب إعادة تسليم سامي لألمانيا، لأن ذلك يتعارض مع مبدأ سيادة الدولة وللاشتباه بارتباطه بالإرهاب.

وأفاد المتحدث باسم محكمة تونس العاصمة والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي بأن القضاء بدأ التحقيق مع سامي بمجرد وصوله يوم الجمعة الماضي كونه كان مدرجاً على لائحة التفتيش من قبل السلطات التونسية حتى قبل قرار ترحيله من ألمانيا.

وذكر موقع صحيفة «دي فيلت» الألمانية الخميس، أن ترحيل سامي بطائرة مستأجرة يرافقه فيها ٤ عناصر من الشرطة الاتحادية وطبيب إلى تونس، كلف ألمانيا 35 ألف يورو.

هل كان حارساً لبن لادن حقاً؟
وكانت قضيته أثارت ضجة عند نشر «بيلد» وثيقة تظهر حصوله وزوجته وأطفاله الأربعة على مساعدات اجتماعية تصل قيمتها إلى 1167 يورو شهرياً.

وكان سامي وصل عام 1997 لألمانيا بقصد الدراسة في الجامعة، ويُعتقد أنه خضع لتدريب عسكري في معسكر للقاعدة في أفغانستان عام 2000، وعمل مؤقتاً كحارس لأسامة بن لادن.

وكان سامي يعيش مع عائلته الألمانية في بوخوم منذ 2005، ويقدم نفسه كداعية سلفي. وينكر الرجل التونسي الاتهامات المنسوبة إليه ومنها قيامه بحراسة زعيم القاعدة.

وكان قد تم تصنيف سامي في شهر أبريل/نيسان الماضي من قبل وزارة الداخلية بولاية شمال الراين فستفاليا، جراء ماضيه المرتبط بالإرهاب، على أنه «خطر». وكان يتوجب عليه تبليغ الشرطة يومياً بمكانه.

وقام مكتب الهجرة واللاجئين الاتحادي برفع حظر الترحيل في قضيته نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي وانتهى الأمر به محتجزاً في سجن الترحيل.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة