وسرعان ما تمكَّن الجيش من تحقيق تقدم سريع تجاه الساحل، بدعم من القوات الإماراتية والقوات الجوية السعودية والإماراتية، ومع ذلك، بعد انقضاء أسبوع واحد، توقفت القوات وتحوَّلت الحديدة إلى جبهة قتال أخرى تواجه طريقاً مسدوداً.
ممَّا دفع الكثير من المهتمين بالشأن اليمني، للتساؤل لماذا توقفت المعركة بشكل مفاجئ؟
موقع Middle East Eye البريطاني، ذكر 5 أسباب وراء توقف العملية، على الرغم من ذكر أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في سلسلة تغريدات، أن الحملة العسكرية قد توقفت للسماح بالتفاوض على شروط الاستسلام
هذه أبرز الأسباب كما يراها الموقع البريطاني:
1- الحوثيون على استعداد جيد
تتمثل إحدى المشكلات، بحسب أحد المقاتلين الموالين للحكومة، الذي تحدَّث إلى موقع Middle East Eye مشترطاً السرية، في عدد الألغام التي زرعها الحوثيون في ضواحي المدينة.
وذكر الجندي أن القتال قد توقف بالمطار، وهي ساحة قتال مبكرة في النزاع، وهدف رئيسي للقوات المتقدمة. وقال إنه لم تكن هناك تعليمات إضافية للتقدم، نظراً لأن الحوثيين قد استعدوا للمعركة بالفعل.
وقال: «قام الحوثيون بزرع الألغام، وانتشر قناصتهم في كل مكان. وعلاوة على ذلك، تتواصل وفود تعزيزات ضخمة إلى الحوثيين بالحديدة، بما في ذلك مقاتلو النخبة».
ويبدو أن قرقاش يتفق مع ذلك الرأي.
وذكر المقاتل: «يمكننا استئناف الهجوم على الحديدة، ومع ذلك ستكون هناك خسائر كبيرة، ومن ثَمَّ يتطلب الأمر التفكيرَ المتأني من قِبَل القيادة قبل أن نتقدم. وعلاوة على ذلك، لا يبالي الحوثيون بالمدنيين، ولكننا نبالي».
وقال إن القادة الموالين للحكومة يرفضون التقدم بصورة أكبر، حيث يعلمون أن ذلك يمكن أن يكلِّفهم حياة الكثيرين.
«يصل المزيد من المقاتلين والأسلحة لتعزيز قدراتنا في معركة الحديدة، وتعد تلك خطوة جيدة، تشير إلى أن قيادتنا لديها خطة جديدة».
2- الدفعة الدبلوماسية
عزت مصطفى أحد أبناء الحديدة، ولكنه فرَّ من المدينة عام 2015، حينما خضعت لسيطرة الحوثيين، وأسَّس مركز الفنار لبحوث السياسات ومقره في عدن.
وقال إنه رغم توقف القتال، فإن معركة استعادة الحديدة سارت بخطى أسرع من العديد من المعارك الأخرى في هذه الحرب.
ونقل موقع MEE عنه قوله: «تقدَّمت القوات الموالية لهادي لمسافة تجاوزت 170 كيلومتراً من موكا، نحو مدينة الحديدة، واستعادت السيطرة على المطار وثلاثة شوارع استراتيجية بالمدينة».
وذكر مصطفى أن ذلك التقدم كان أكثر النجاحات التي حقَّقتها القوات الموالية للحكومة حتى يومنا هذا، حيث تمَّت السيطرة على العديد من المدن الصغرى على امتداد الطريق بين موكا ومدينة الحديدة.
واتَّفق مع قرقاش أن توقف القتال كان طبيعياً، نظراً لأن «القوات الموالية للحكومة كانت تريد منح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث فرصةً للتوصل إلى حل سلمي بشأن الحديدة».
وقال إن المقاتلين الموالين للحكومة كانوا «يستعدون لشنِّ حرب خاطفة بسبب الخنادق والألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي في المناطق السكنية».
وقال: «كانت فرصة أمام القوات لإعادة الترتيب وإعداد تكتيكات جديدة لتحرير المدينة ومينائها خلال أيام قليلة، مع وضع الجانب الإنساني في الاعتبار».
يعيش أكثر من 600 ألف شخص في الحديدة وضواحيها، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي تشير إلى فرار 35 ألف أسرة على الأقل خلال الشهرين الماضيين.
3- إقامة جيش جديد
الحملة العسكرية على الحديدة ليست الأولى التي تتوقف خلال حرب اليمن على مدار ثلاث سنوات. فقد توقفت العديد من الحملات السابقة دون تحقيق أهدافها، بما في ذلك عملية فك حصار مدينة تعز، والحملات على مدن نهم ومأرب وحجة وغيرها. ولا تزال جميعها تواجه طريقاً مسدوداً.
ويرى مصطفى أن توقف الحملات يرجع إلى محاولات الحكومة لإقامة جيش جديد.
وقال: «حينما سيطرت ميليشيا الحوثي التي تدعمها إيران على العاصمة صنعاء، في سبتمبر/أيلول 2014، قامت بأسر كافة وحدات الجيش وأسلحته. ولذلك اضطرت الحكومة إلى إقامة جيش جديد على مدار السنوات الثلاث الماضية».
وأضاف أن الجيش الجديد، الذي يدعمه التحالف الذي تتزعمه السعودية، أصبح أقوى مما كان عليه، حيث صار يمتلك أسلحة أفضل، ويحظى بتوجه أكثر تطوراً نحو القتال.
«هناك علاقة عكسية بين القوات على الأرض. وتتزايد قوة القوات الموالية للحكومة يومياً، بينما تصبح ميليشيا الحوثي أكبر ضعفاً. ورغم ترسانة أسلحة الحوثيين والتعزيزات التي تصل من إيران، إلا أننا نشهد بعض الانهيارات بين ميليشيات الحوثي».
وذكر مصطفى أيضاً أن القوات الموالية للحكومة قد تقدَّمت على العديد من الجبهات في إقليم صعدة، معقل الحوثيين.
ومع ذلك، رغم استمرار اندلاع المعارك في ضواحي الإقليم، إلا أنه لم يتم تحقيق أي تقدم من قبل القوات الموالية للحكومة على مدار عامين.
4- الاستهانة بالحوثيين والتقليل من شأنهم
ومع ذلك، لا يتفق بعض الخبراء مع منطق الموالين والمؤيدين للحكومة.
يخشى الأكاديميون والمحللون اليمنيون المستقلون الحديث عن الحرب، وسط مخاوف أن يتم استهدافهم من قبل أي من الطرفين أو كليهما. ويفضل هؤلاء الالتزام بالصمت لحماية أنفسهم.
«أيمن»، أستاذ علم السياسة بإحدى الجامعات اليمنية، وهذا ليس اسمه الحقيقي، ولكنه يتحدث إلى موقع Middle East Eye، بشرط عدم ذكر اسمه.
كان أكثر تحفظاً على تقدم الجيش الموالي للحكومة، وذكر أنه بالرغم من أن الجيش لا يزال يتعلم ويتطور، إلا أن هذا ليس سبباً كافياً لوقف القتال، نظراً للدعم الذي يقدمه التحالف السعودي.
وقال أيمن: «السبب الحقيقي هو أن القوات الموالية لهادي تواجه قوات مناظرة للحوثيين، واستعادة الحديدة ليست بالسهولة التي تشير وسائل الإعلام إليها».
«هناك توازن في القوى على الأرض. ولهذا السبب لم تستطع القوات الموالية لهادي، والتي يدعمها التحالف السعودي استعادة العديد من المدن بأنحاء البلاد». وذكر أيمن أنه في مارس/آذار 2015، تحدَّث التحالف السعودي عن كيفية تحرير اليمن خلال أيام قليلة. ونحن الآن في عام 2018، ولا تلوح النهاية في الأفق بعد. «لا يريد التحالف الاعتراف بأن الحوثيين لديهم قوات مناظرة على الأرض. فالحوثيون أكثر قوة على الأرض، ولكن قوات التحالف تستخدم الضربات الجوية والسفن الحربية في وقف تقدم قوات الحوثي ودعم المقاتلين الموالين لهادي». ورفض أيمن أيضاً فكرة أن القوات الحكومية قد توقفت عن القتال، للسماح ببساطة للأمم المتحدة بفرصة الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. «لم يتوصل المبعوث الأممي إلى حل سلمي، بينما اتهمه المسؤولون الموالون لهادي بالانحياز لصالح الحوثيين». «إذا ما تمكنت القوات الموالية لهادي من استعادة الحديدة، فلن تنتظر أن يتوصل المبعوث الأممي إلى حل سلمي».
5- الحوثيون ثابتون
يبدو أن الحوثيين يعتزمون عدم تسليم المدينة التي يسيطرون عليها منذ ثلاث سنوات، رغم الأسلحة والعتاد العسكري الموجّه ضدهم. أبو صقر الحكيمي، زعيم ميداني حوثي في إقليم تعز، شارك في معركة الحديدة خلال يونيو/حزيران. وقال: «يبحث المعتدي (التحالف بزعامة السعودية) عن النصر في وسائل الإعلام، ولكننا نحققه على أرض الواقع وفي المعارك داخل اليمن وعلى الحدود مع المملكة العربية السعودية». أرجع حكيمي توقف القتال في الحديدة إلى عدم قدرة القوات الموالية لهادي على التقدم، نظراً لخسائرها الفادحة من المقاتلين والأسلحة. «واجه أنصار الله (الحوثيون) وسكان الحديدة والأقاليم الأخرى أيضاً المعتدي والمرتزقة بالحديدة. وقد نهبنا أنواعاً مختلفة من الأسلحة من المرتزقة». وكان متأكداً من أن القتال لن ينتهي على وجه السرعة، على غرار ما يحدث في الكثير من المناطق الأخرى باليمن. «يرغب أنصار الله (الحوثيون) دائماً في قتال المعتدين (التحالف السعودي) والمرتزقة في أي مكان بالبلاد، وإنه لشرف لجميع اليمنيين أن يدافعوا عن أراضيهم».
مواضيع: