3 أسباب وراء الإفراج الأميركي عن «المساعدات المجمدة» لمصر..

  01 أغسطس 2018    قرأ 966
3 أسباب وراء الإفراج الأميركي عن «المساعدات المجمدة» لمصر..

بعد أفرجت واشنطن عن مساعدات عسكرية للقاهرة، بقيمة 195 مليون دولار، كانت قد علَّقتها لأسباب تتعلَّق بـ»انتهاكات حقوقية»، وقوانين تخص الجمعيات الأهلية في مصر، توقع خبراء أن هناك علاقة بين القرار الأميريكي وموقف مصر من عدد من القضايا، منها تقارب القاهرة مع كوريا الشمالية.

لكنَّ 3 خبراء، أحدهما عسكري والآخر سياسي والثالث حقوقي، استبعدوا «ارتباط القرار بالوضع الحقوقي في مصر».

وطرح الخبيران السياسي والعسكري 3 أسباب وراء القرار الأميركي، مرتبطة بـ»متأخرات تمويل على الحكومة الأميركية بالنسبة لصفقات سلاح تم توريدها للجيش المصري في فترات سابقة، وتعهُّد مصري بقطع العلاقات مع كوريا الشمالية، والتعقيدات الأميركية الأخيرة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج».

والعلاقات المصرية الأميركية، تُوصف بـ «الوثيقة والاستراتيجية»، خاصة على المستوى العسكري، حيث تُقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.

واتَّجهت مصر، في السنوات الأخيرة إلى تنويع مصادرها من التسليح، حيث توجَّهت إلى الصين وألمانيا وروسيا وفرنسا، دون الاعتماد على المنفذ الأميركي وحده.  

 تاريخ «مهزوز» من المساعدات
مراراً، تعرَّضت المساعدات الاقتصادية الأميركية لمصر إلى التخفيض، كما حدث عام 1999، حين تم الاتفاق على تخفيضها من نحو 800 مليون دولار إلى حوالي 400 مليون، ثم أصبحت منذ عام 2009 قرابة 250 مليون دولار فقط، دون تغيير في الشق العسكري، لتبقى نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية.

وعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، صيف عام 2013، جمَّدت واشنطن جزءاً من مساعداتها العسكرية المقدمة لمصر، قبل أن تتراجع عن القرار أوائل عام 2014.

وفي أغسطس/آب 2017، قرَّرت الإدارة الأميركية تأجيل صرف 195 مليون دولار إلى مصر «لعدم إحرازها تقدماً على صعيد حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية»، وهو ما وصفته الخارجية المصرية بـ»الحكم غير العادل».

والأربعاء الماضي، أعلنت واشنطن الإفراج عن تلك المساعدات.

وعَزت الخارجية الأميركية ذلك إلى «استجابة» مصر لمخاوف أميركية (لم تحددها)، خلال عام من التواصل بين البلدين، وهو ما رحَّبت به نظيرتها المصرية، وفق تصريحات لمتحدثها أحمد أبو زيد.

حقوق الإنسان في «الظل»
استبعد الخبراء، وجود علاقة بين الإفراج عن المساعدات العسكرية، والأوضاع الحقوقية بمصر.

وفي حديث للأناضول، استشهد العميد المصري المتقاعد بالجيش المصري، صفوت الزيات، بعقد الكونغرس الأميركي، لجنة استماع عن مخالفات لحقوق الإنسان بمصر، بالتزامن مع الإعلان عن إعادة الجانب المستقطع من المعونات العسكرية.

والثلاثاء الماضي، عقدت لجنة الشرق الأوسط الفرعية في الكونغرس جلسة استماع حول حقوق الإنسان بمصر، أعربت خلالها رئيسة اللجنة إليانا روس ليتنين، وفق ما نقلته تقارير غربية، عن «قلقها الشديد من وضع حقوق الإنسان في مصر».

بدوره، قال الحقوقي المصري البارز، نجاد البرعي، في سلسلة تغريدات بموقع «تويتر»، الخميس، إن «العلاقات العسكرية الأميركية المصرية غير قابلة للمساومة والاهتزاز، لأنها تحقق مصالح الدولتين، ولا علاقة لحقوق الإنسان بالموضوع».

وأضاف أن من الأسباب الجزئية لعودة المساعدات «توصل الحكومة المصرية ومنظمات أميركية (لم يسمّها) إلى اتفاق أدى لإلغاء أحكام بحبس عدد من العاملين بها في مصر، وتحديد ميادين عمل تلك المنظمات والجهات التي ستتعاون معها».

وهو ما لم يتسن الحصول على تعقيب بشأنه من السلطات المصرية.

كما استبعد المحلل المصري، مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، البعد الحقوقي في عودة المساعدات.

وأوضح غباشي، أن «واشنطن غير غاضبة من القاهرة، حيث الوضع الحقوقي المصري لم يتغير، بخلاف تعليقات كثيرة من منظمات حقوقية دولية كالعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بشأنه».

وفيما يلي الأسباب الثلاثة المتوقعة، والتي قد تكون لها علاقة بالقرار الأميركي:

1- تمويل الصفقات التسليحية
وفيما يتعلق بالسبب الأول، قال العميد الزيات، إن عودة المساعدات «مسألة تخص الولايات المتحدة الأميركية ذاتها، حيث هناك عقود مسبقة لصفقات سلاح، الحكومة الأميركية تقوم بدفع أثمانها للجهات الأميركية المصنعة».

وأضاف: «هناك دافع رئيسي يتمثل في المسألة المادية، ومتأخرات التمويل بحق الحكومة الأميركية بالنسبة لصفقات تسليحية، تم توريدها للجيش المصري في فترات سابقة».

وثمة أمر لفت إليه الزيات، يتمثل في أن «مصر لا تحصل على المعونة نقداً، ولكنها تحصل عليها بتسهيلات ائتمانية من قبل الحكومة الأميركية للجهات الأميركية القائمة على أنظمة التسليح».

ولم يتسن الحصول على تعقيب من السلطات المصرية بشأن حديث الزيات حول طبيعة توريد صفقات التسليح الأميركية.

2- كوريا الشمالية
في أغسطس/آب 2017، ألمحت الخارجية الأميركية، إلى أن قرار حجب جزء من المساعدات الممنوحة لمصر، ربما يكون بسبب تعاون القاهرة مع بيونغ يانغ.

وفي هذا الصدد، قال الزيات، إن «زيارة وزير الدفاع السابق صدقي صبحي إلى كوريا الجنوبية، في أعقاب الانتقادات الأميركية، وتعهد مصر بقطع علاقاتها العسكرية مع بيونغ يانغ، ربما كانت عاملاً مؤثراً في استئناف المساعدات».

وفي سبتمبر/أيلول من العام ذاته، نقل بيان لوزارة دفاع كوريا الجنوبية (لم تُعلّق عليه السلطات المصرية)، أعلن فيه وزير الدفاع المصري السابق، قطع العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية.

ولحق ذلك إدانة مصرية لتجارب صاروخية لكوريا الشمالية، دعت فيها القاهرة إلى وقف التصعيد، والامتثال إلى قرارات مجلس الأمن الدولي.

لكنَّ المحلل السياسي غباشي ابتعد عن الطرح السابق، لافتاً إلى «تقارب أميركي كوري شمالي مؤخراً».

وفي يونيو/حزيران الماضي، وقَّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ في سنغافورة، اتفاقاً لتفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي، وسط ترحيب دولي كبير.

3- تعقيدات الشرق الأوسط
طبيعة التعقيدات الأميركية الحاصلة بالشرق الأوسط رآها غباشي دافعاً لفتح باب جديد مع مصر، عبر الإفراج عن مساعداتها العسكرية للقاهرة.

وعزا ذلك، إلى «وجود توتر في العلاقات الأميركية الإيرانية، بجانب حراك خليجي يبحر بعيداً عن واشنطن».

وضرب مثالاً بإطلاق الصين اتفاقيات عسكرية وسياسية مع الكويت والإمارات مؤخراً، معتبراً أن لغة واشنطن تجاه الخليجيين باتت «مزعجة».

وتعتقد واشنطن، أن الصين من أهم المنافسين الاستراتيجيين لها على المدى البعيد، وتواجه علاقات البلدين أزمات متكررة ومشكلات عدة متراكمة.

وهناك توجه صيني ملحوظ لتعميق وجودها في المنطقة العربية، في سياق التنافس مع واشنطن.

وبناءً على ذلك، رأى غباشي دوافع أميركية للإفراج عن مساعداتها العسكرية المجمدة مع مصر.

كما أشار إلى «تعقيدات كثيرة تعرَّضت لها واشنطن بالمنطقة، كالقضية الفلسطينية، واستهداف مضيق باب المندب (جنوبي البحر الأحمر)، والتغلغل الإيراني في المنطقة، بحاجة إلى دور مصري فعَّال».

وبخلاف عدة أزمات بارزة، وصلت إلى الصراع العسكري، خاصة في سوريا وليبيا واليمن، شهد مضيق باب المندب توترات عسكرية، الأسبوع الماضي، إثر إعلان السعودية تعرض ناقلتين لهجوم «حوثي» قرب سواحل اليمن.

لكنَّ الزيات، قال إن «قدرة تأمين باب المندب لا يملكها في العالم إلا دولة بقوة الولايات المتحدة»، مستبعداً دوراً مصرياً في هذا الصدد.

ماذا تنتظر واشنطن من القاهرة؟
«التهدئة مع مصر في هذه المرحلة» يعدها غباشي مقابلاً إزاء التراجع عن تجميد المساعدات العسكرية.

بينما رأى الزيات أن «الحديث عن حاجة الولايات المتحدة إلى مصر في المسائل العسكرية والسياسية، واتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية (1979)، بات ليس بالدرجة الأولى، حيث تملك من التسهيلات في منطقة الخليج ما يستبعد حاجتها لدور مصري».

الأمر الآخر، وفق الزيات «يتمثل في أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، أصبح الجانبان أشد التزاماً بها من واشنطن».


مواضيع:


الأخبار الأخيرة