وبحسب ما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 6 أغسطس/آب 2018، أشارت Daily Mail إلى ما وصفته بأنه «تقريرٌ مخزٍ» يُرجّح أن 300 ألف مهاجر غير شرعي يعيشون في ضاحية سان دوني الواقعة شمالي باريس، وأشارت إلى أن التفسير «البسيط جداً» لارتفاع تجارة المخدّرات والجريمة والفقر هو «الهجرة على مُستوى ضخم»، حسب وصفها.
وظهر التقرير، الذي أعدّه الصحفي أندرو مالون، لأوّل مرّة على صفحتين متقابلتين في طبعة يوم السبت الموافق 28 يوليو/تموز من صحيفة Daily Mail. إلا أنه حُذِف من على الموقع الإلكتروني في أعقاب الانتقادات التي أوردها الناشط الفرنسي مروان محمّد، المدير السابق لجماعة ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا، فيتغريدة مُطوّلة سرد فيها أكثر من 10 مغالطات في المقال.
وقال في منشوره على موقع تويتر: «أهلاً @MailOnline، لقد قرأت تقريركم «المخزي» بشأن الهجرة «غير الشرعية في سان دوني». نحن في فرنسا أيضاً لدينا صحف تُعنى بالإثارة ولا تبالي بالحقيقة تماماً. ولكن، علىّ حقاً أن أقول: أنتم الروّاد بين مثل هذه الصحف. كل ما جاء في صحيفتكم خاطئ. إليكم إيضاح الحقائق!».
وفضلاً عن انتقاد الصورة التي رسمتها الصحيفة لضاحية سان دوني بشكل عام، والاقتراحات المتضاربة بأنها «دولة موازية» لن يمد أحد فيها يده لمصافحة صحفي «كافر»، أشار مُحمّد إلى أنه من الصعب لـ300 ألف مهاجر غير شرعي أن يعيشوا هناك، بالنظر إلى أن العدد الرسمي للسكان هو 110 آلاف نَسَمة.
ورغم ذلك، أصرّ مصدر من صحيفة Daily Mail على أن المقال قد أُزيلَ مؤقّتاً فحسب من الموقع، وأن هناك «نيّة لإعادته» بعد النظر في الشكاوى والتصويب عند الضرورة، وأقر المصدر بأن الصحيفة ربما تكون خلطت بين عدد سكان سان دوني، وعدد سكّان سين سان دوني التي يعيش فيها 1.6 مليون نسمة.
وقال المصدر الذي أشار إلى أن الصحيفة تدعم التوجّه العام للتقرير: «هذا المقال قويّ للغاية، وكتبه شخص عَمِل مُراسلاً بالشرق الأوسط ويدرس اللغة العربية»، وأضاف أنه «بشكل واضح قضى فترة من الزمن هناك، وكان التقرير عن تجربة الصحفي في هذا المكان».
وتابعت مصادر إخبارية أُخرى تقرير صحيفة Daily Mail، بما في ذلك صحيفة the Sun البريطانية، كما تطرّقت إليه محطّة Fox News في الولايات المُتّحدة، وعلّق أحد المضيفين في المحطّة عن إحصائيات الهجرة الواردة فيه قائلاً «إنهم لا يُدركون حقّاً ما جاء في هذا التقرير.. أليس كذلك؟».
وكان تقرير Daily Mail مدفوعاً بنشرة أصدرتها الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث أثارت الجمعية إلى مخاوف بشأن تأثير الهجرة على إقليم سين سان دوني الفرنسي، وانتهت النشرة بعبارة: «الشيء الوحيد المؤكّد لنا هو أن الدولة لا تعلم عدد المهاجرين غير الشرعيين في المنطقة»، وأشارت إلى أن بعض التقديرات غير الرسمية تفيد بأن الأعداد تتراوح بين 150 ألفاً إلى 400 ألف مهاجر.
مروان محمّد، من جانبه، قال إنه رأى المقال عندما طَلب منه الناشط مقداد فيرسي- الأمين العام المساعد لمجلس مُسلمي بريطانيا والذي أوكِلت إليه مهمّة عشرات التصحيحات للمحتويات الإعلامية التي تتناول شؤون الإسلام والمُسلمين في المملكة المُتّحدة- أن يتحقق من المعلومات الواردة فيه.
وقال محمد: «لقد اعتدّت العيش في سان دوني، إنها مدينة نابضة بالحياة»، وَأضاف: «مراراً وتكراراً في الصحف التي تعني بالإثارة في المقام الأوّل -ليس فقط في فرنسا بل في الخارج أيضاً- تُطرح فكرة أن الضواحي الفرنسية مناطق محظورة».
وتابع: «الحقيقة الفعلية هي أننا لا نملك تقديرات موثوقة عن عدد المهاجرين غير الشرعيين في باريس، وهناك تشابُك بين مشكلات اجتماعية وسياسية وهجرة تجتمع في بعض الضواحي. وهو أمرٌ مُعقّد ويتطلّب وقتاً وتحليلاً. ووسائل الإعلام في تيارها السائد لا تُتيح فرصة للفروق الدقيقة».
مجيد مسعود، وهو مستشار محلي لحزب جبهة اليسار، أشار إلى أن المقال فشل في إظهار الجانب الآخر من سان دوني، وقال: «لدينا الكثير من المشاكل التي يجب علينا التعامل معها، ولدينا أيضاً الكثير لنتحدث عنه، ولكنّهم فقط أرادوا أن يُظهرونا وكأننا حيوانات غير متعلمة، مثل غابة.. لقد كان ظُلماً حقيقياً من هذا الصحفي، هذا إن استطعت وصفه بأنه صحفي».
وأضاف قائلاً: «على مدار 20 إلى 30 عاماً، كنّا دائماً مدينة للهجرة. الفارق هو أننا لم نعد نتلقّى المُساعدة من السلطات العامة، وهذا تَرك المدينة بمفردها في مواجهة الصعوبات.. الناس يحاولون البقاء على قيد الحياة؛ فيعيشون في الشوارع، ويتاجرون في المخدّرات، ويعملون بالدعارة في بعض الأحيان. علينا أن نستهدف المشكلة وليس السُّكان بسبب أصولهم».
وتابع: «لدينا مُشكلة مع أشخاص غير قانونيين، وهو وضع علينا التعامل معه»، وأضاف: «لو اتّصل بي الصحفي من Daily Mail، لكنت أخبرته بأننا ندعو للتضامن، ولا ندعو للتعامل مع هؤلاء كالحيوانات وطردهم من المدينة».
مواضيع: