كيف يعيش الأتراك أزمة الليرة أمام الدولار؟ هكذا بدت شوارعها وأسواقها، وهذا ما يقوله المواطنون

  15 أغسطس 2018    قرأ 637
كيف يعيش الأتراك أزمة الليرة أمام الدولار؟ هكذا بدت شوارعها وأسواقها، وهذا ما يقوله المواطنون

فيما يندِّد الرئيس رجب طيب أردوغان بـ «الحرب الاقتصادية» التي تستهدف بلاده وعُملته، يمضي المواطنون الأتراك قدماً في ممارسة حياتهم.

لم يُسارِع المواطنون بسحب أموالهم من البنوك التركية، رغم التدنِّي الشديد في قيمة الليرة التركية ووجود مخاوف متعلِّقة باعتماد القطاع الخاص في تركيا على قروضٍ بعملاتٍ أجنبية. برغم كل ذلك، تكتظُّ الشوارع ومراكز التسوُّق في مدن إسطنبول وأنقرة بأتراكٍ يمارسون أمور حياتهم اليومية، بحسب ما نشرته صحيفةFinancial Times البريطانية.

لكن حتى وإن أبدَت الليرة علامات تعافٍ محدود هذا الأسبوع، عبَّر العديد من المواطنين الأتراك عن قلقٍ شديد يراودهم حيال تمكُّنهم مِن المضي في خططهم الشخصية والمهنية المرجوَّة.

وقال طالبٌ جامعي بإسطنبول: «كنت قد خطَّطت للدراسة بالخارج، لكنَّ انهيار الليرة قضى على هذا الأمل على الأرجح». رفض الطالب الإفصاح عن اسمه، مثله مثل عديدٍ ممَّن أُجرِيَت معهم المقابلات لهذا المقال.

وأضاف: «أردوغان هو من خلق هذه المشكلة باتِّباعه سياسة خارجية تعامل الجميع كما لو كانوا أعداءنا. لست مضطراً للتصادق وأميركا، لكنَّك ما زلت بحاجةٍ لحليفٍ ما في العالم».

وفي يوم الثلاثاء، 14 أغسطس/آب، صبَّ الرئيس التركي جامَّ غضبه على الولايات المتحدة، مُلقياً اللوم عليها في انهيار الليرة التركية، وهو انهيارٌ ازداد حدة بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوباتٍ اقتصادية على وزيرَين تركيين هذا الشهر. يتعلَّق الخلاف الدائر بين الدولتين والمؤدِّي لفرض العقوبات المذكورة باحتجاز أنقرة لقِس أميركي من ولاية كارولينا الشمالية.

وجَّه أردوغان سؤالاً بلاغياً للولايات المتَّحدة، فيما دعا لمقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية مثل هواتف الآيفون: «ما الذي تحاولون تحقيقه؟ عليكم معرِفة الآتي: ليسَ التذبذُب مِن سِمات هذه الأمة».

رسائل أردوغان طمأنتهم
واستعادت الليرة شيئاً مِن قوَّتها يومها، رغم واقع أنَّها تظل قد فقدت نحو رُبع قيمتها مقابل الدولار حتى الآن هذا الشهر. وقال العديد من الأتراك إنَّ رسالة أردوغان طمأنتهم، إلى حدٍّ ما.

وقال إرغون توركيل، وهو مدير مقهى بمنطقة بايوغلو وسط مدينة إسطنبول: «الناس هادئون الآن؛ لأنَّهم يثقون بأردوغان. حتى وإن لم يكونوا قد صوَّتوا له، هُم يرَونه يقاوِم، لن يستسلم أردوغان وهوَ يعلَم كيف ينجو بنا من هذه الأزمة».

وقال توركيل: «لا يلزم الأتراك منازلهم في الأوقات العصيبة. إنَّ آخر شيءٍ يُمكنهم التخلِّي عنه هو اللقاء معاً لشُرب كوبٍ من الشاي أو تناول وجبة».

لكنَّه أضاف كذلك أنَّه في حال أن امتدت الأزمة لوقتٍ أطول، فإنَّ المشاريع الصغيرة مثل المقهاهي، تلك المبنيَّة على رأس مالٍ ضئيل، قد لا تنجو إلَّا لبضعة أشهر.

الأعمال المعتمدة على الخارج
وفي هذا الصدد، حدَّت الأعمال الأخرى المُعتمِدة على واردات الخارج من نشاطها بشراء وبيع السلع أو أوقفته كلياً فيما هوت قيمة العملة التركية.

قال أحد المصنِّعين إنَّ التجارة الآن في جمودٍ؛ لأنَّ الأعمال لا تدري أي ثمنٍ تَضعه لمنتجاتها، نظراً لتقلُّب قيمة الليرة.

وقال: «الإنتاج مستمر، لكنَّ التوصيلات محدودة». وأضاف أنَّ العديد من الناس يأملون أن يترك عيد الأضحى، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، مُتنفَّساً كي «تهدأ الأمور».

دعا أردوغان نفسه المواطنين الأتراك أن يساعدوا في حلِّ أزمة العملة التركية ببيع مدَّخراتهم من الدولار أو اليورو، في معركةٍ ضدَّ قوَّاتٍ خارجية خفية يتَّهمها أردوغان بقيادة «عملية» ضد بلاده.

وقالت إيلكا تويغور، وهي مُحلِّلة تعمل لدى معهد إلكانو الملكي، وهو مركز أبحاث بمدينة مدريد، في زيارةٍ لها إلى تركيا: «يظنُّ نصف الشعب التركي أنَّه في حربٍ اقتصاديَّة، ويحوُّلون اللوم في تردِّي الوضع الاقتصادي تجاه ترمب والولايات المتحدة. بينما يُلقِي النصف الآخر اللوم على الحكومة التركية لعدم توصُّلها لحلٍّ دبلوماسي للأزمة».

السياح يأتون بالعون
ومع ذلك قد يأتي العَون من الخارج، فيما يتوافَد السيَّاح حَمَلة اليورو، والدولار، وغيرهما من العملات، إلى تركيا لقضاء عطلاتٍ رخيصة وشراء السلع بصفقاتٍ كبرى تقدِّمها المراكز التجارية الراقية.

وقالت وزارة السياحة التركية الشهر الفائت، يوليو/تموز، إنَّ قدوم الأجانب إلى البلاد ازداد بنسبة 29% في الشهور الستَّة الأولى من العام الجاري.

وقال مديرٌ تنفيذيٌّ لدى علامةٍ تجارية تركية راقية: «كان هناك توافدٌ نَشِط مِن الزبائن الدوليين في الأسابيع الأخيرة، وخاصةً في عطلة الأسبوع الفائتة. وكان الزبائن الصينيون والعرب في الصدارة».

أتَت نينا، التي رفضَت الإفصاح عن اسمها الأخير، من ألمانيا لقضاء أسبوع عطلةٍ في تركيا، وتضمَّنَت عطلتها القيام بجولةٍ في شارع الاستقلال بإسطنبول، حيث عَرَضت محلَّاتٍ عالمية تشتهر بالأزياء الراقية مثل Gap وMango لافتاتٍ تُعلِن تخفيضاتٍ تصل إلى 70% من ثمن سلعها، وهذا قبل خصم سعر صرف العملة الأجنبية كذلك.

قالت نينا: «كلُّ شيءٍ هنا عالي الجودة وأرخص كثيراً من بلادي. الطعام هنا بديعٌ أيضاً. إنَّه وقتٌ مناسبٌ جداً لزيارة تركيا».


مواضيع:


الأخبار الأخيرة