هيثم حسين.. رمضان من الرواية وإليها

  20 يونيو 2017    قرأ 1231
هيثم حسين.. رمضان من الرواية وإليها
هيثم حسين: الكتاب هو ملاذي الدائم وموطني الساحر البهيج، سواء الورقيّ أو الإلكتروني (الجزيرة)

كل الطرق تقود الكاتب والناقد السوري هيثم حسين إلى عالم الرواية بحكم إشرافه على موقع "الرواية نت" ولتورطه في حبال السرد مؤلفا يعكف حاليا على إصدار عمل روائي جديد ومتابعا يواكب بعناية كبيرة ما يصدر في هذا المجال.
من منفاه في أسكتلندا، يقول هيثم حسين في هذه الحلقة من سلسلة حوارية خاصة برمضان إنه يقرأ يومياً لساعات، لدرجة يقول إن "القراءة هي النشاط الوحيد الذي يشعرني بتجدد الحياة وتبدلها اليوميّ في روحي ووجداني".

إلى جانب اهتماماته السردية، تأليفا ونقدا، اختار حسين هذا الشهر مواصلة سفره في المنجز الفكري للكاتبة الألمانية حنّة آرندت وتفكيكها لبنية الشر المتنامية في العالم، وذلك على ضوء الواقع الراهن الذي يكاد يتمّ فيه تغييب العقل والمنطق، والفكر التفكير، والإرادة الحرّة. وفي ما يلي نص الحوار.
إلى أي حد تتأثر عاداتكم القرائية بحلول رمضان وطقوسه الخاصة؟ وما حجم البعدين الروحي والتراثي في ما ستقرؤونه خلال هذا الشهر؟
أسعى في شهر رمضان الكريم إلى التوفيق بين زمنين، عليّ من جهة الالتزام بالروتين اليوميّ الذي يفرضه إيقاع الحياة اليومية، كالمواظبة على أوقات مدرسة بنتيّ؛ هيفي وروز، في الصباح وبعد الظهر، وتأدية بعض الواجبات اليومية الأخرى.
من جهة ثانية هناك روتين شهر رمضان الذي يلقي بظلاله على أجواء المنزل. فهنا يختلف الأمر عما اعتدنا عليه في بلدنا، أو في إسطنبول حيث مكثنا بضع سنوات، هناك الأجواء العامّة رمضانية، حركية الأسواق والناس تبشّر بأنشطة احتفالية بالشهر الفضيل، كما أن تبادل الزيارات العائلية كان يضفي جمالية على طقوسنا الرمضانية.
أما هنا فموعد الإفطار يكون العاشرة مساء، يكون النهار طويلا وشاقا على الصائم، والجو المحيط به مختلف، كما أن الأجواء العائلية مفتقدة. وفي معمعة الحياة اليومية وتفاصيلها والالتزامات التي تفرضها تشكل القراءة ملاذا مفيدا جميلا، تبقي المصالحة مع الواقع والزمن مستمرة متجددة، وتحتل الروايات صدارة الاهتمام لدي عادة.
ما حجم تأثير وصدى السياسة وشؤون الساعة ببلدك وخارجه في ما تعتزمون قراءته في رمضان؟

تبقى السياسة حاضرة في مختلف شؤون حياتنا، تحاصرنا بتأثيراتها المفجعة التي تظل تتدحرج مخلفة وراءها كثيرا من التداعيات التي لا تهدأ عند حد بعينه. أقرأ يوميا عددا من المقالات والمتابعات والتحقيقات والتحليلات في عدد من الصحف العربية.
كل مرة أقول لنفسي إنه لم يبق جديد يضاف إلى واقعنا المأسوي في سوريا، وإن أي تحليل لن يفكك جانبا من المشهد المعقد الذي يمر به بلدنا وتمر به المنطقة برمتها مع تزايد الشرور وتفاقم المآسي، وأعود من جديد في اليوم التالي للبحث إن كان هناك من جديد، وهكذا أبقى دائرا لساعة أو أكثر يوميا في فلك القراءات الصحفية، والآراء السياسية والفكرية.

غلاف كتاب حياة العقل للباحثة الألمانية حنة آرندت (مواقع التواصل الإجتماعي)
وأنتقل بعد ذلك إلى عالم الرواية والنقد الأدبيّ لأتابع الجديد على الصعيدين العربيّ والعالميّ، وأقرأ يومياً لساعات، لدرجة أكاد أقول إنّ القراءة هي النشاط الوحيد الذي يشعرني بتجدد الحياة وتبدلها اليوميّ في روحي ووجداني.
ما أبرز الكتب التي ستحظى باهتمامكم خلال رمضان؟ وهل بالإمكان إعطاء فكرة مقتضبة للقارئ عن واحد من أهم تلك الكتب؟ وماذا عن حيثيات اختيار ذلك الكتاب بالتحديد؟
أنكب على قراءة كتاب "حياة العقل" بجزأيه الأول والثاني "التفكير"، "الإرادة" للباحثة والمؤرخة الألمانية الراحلة حنّة آرندت (1906-1975) التي تعجبني مقارباتها وتحليلاتها وتفكيكها لبنية الشر المتنامية في العالم.
كنت قد قرأت سابقاً عدّة كتب لحنّة آرندت وأعجبتني، منها "في الثورة"، "الوضع البشري".. تراها تركز في أكثر من كتاب لها على أهمية التفكير الحر، ذاك الذي يكون معبراً إلى الإبداع، وكيف أنه يكون سبيلاً للمحافظة على مستقبل العالم، ومستقبل الإنسان نفسه.
اخترت هذين الكتابين لما أجد من ضرورة لهما في واقعنا الراهن الذي يكاد يتمّ فيه تغييب العقل والمنطق، وتغييب الفكر والتفكير، والإرادة الحرّة، لصالح الارتهان لمصالح ضيقة، أو قيود مفروضة، بحيث يتحول الإنسان إلى مرتهن للإملاءات المفروضة عليه، ولا يسمح له بتفعيل عقله، وكأنّ العقل يُغتال، ويُقتل، أو يتعطل بطريقة تلقائية ذاتية مفسحا المجال لقوى أخرى بالحلول محله، والدفع بصاحبه إلى أقاصي عالم الشر، ويتم التنكيل به لصالح الفوضى والتشويش، أو ما يمكن توصيفه بـ"تأجير العقول"، بحيث ينساق المرء لرؤى وتوجهات مَن يزعم أنّه يفكر عنه ويدري بمصالحه أكثر منه.
عموما، هل بالإمكان الحديث عن عاداتكم القرائية وحجم وطبيعة منصات القراءة (رقمية أو ورقية)؟ وهل لشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وأخواته) تأثير ما في حجم وطبيعة ما تقرؤون؟
تنافس وسائل التواصل الاجتماعيّ، خاصة فيسبوك، الصحف المكتوبة من حيث الوقت الذي تسرقه مني، أجد نفسي أحياناً مبحراً في روابطه وصفحاته من دون أن أشعر بمداهمة الوقت، تقودني منشورات الأصدقاء إلى روابط لمقالات وكتابات في الصحف، وفي أوقات أخرى أعلق في دردشات قصيرة مع أصدقاء في الشرق والغرب، يأخذنا سؤال الأحوال والاهتمامات والأخبار إلى تفاصيل حياتية متشعبة.
أسعى دوماً إلى ألا يستدرجني فيسبوك إلى توريطاته بتبديد الوقت كثيرا، وأعترف أن مسعاي لا ينجح في كثير من الأحيان، لأن فيسبوك -وغيره من وسائل التواصل الاجتماعيّ- اقتطع جزءا من الوقت لصالحه، على اعتبار أن عدم الوجود في رحابه قد يعد نوعاً من اعتزال هذا الميدان الذي بات مدخلاً وبوّابة ومصدر للمتابعة والأخبار والتقاط المستجدّات على مختلف الأصعدة، وإن كان بطريقة مجتزأة غالبا.
لكن يبقى الكتاب ملاذي الدائم وموطني الساحر البهيج، سواء الورقيّ أو الإلكترونيّ الذي أعتمد عليه أكثر من الورقيّ نفسه منذ سنوات بعد خروجي من بلدي 2012، وتركي أكثر من مكتبة خلفي في أكثر من بلد عربي وأجنبيّ أثناء ترحالي نحو ملجئي البريطانيّ.
AzVision.az

مواضيع: السوري   هيثمحسين   الرواية   رمضان   السرد  


الأخبار الأخيرة