«نداء تونس» يجمِّد عضوية رئيس الحكومة.. لكنه قد ينضم لكتلة برلمانية أصبح لها وزن ثقيل بالبرلمان

  15 سبتمبر 2018    قرأ 1474
«نداء تونس» يجمِّد عضوية رئيس الحكومة.. لكنه قد ينضم لكتلة برلمانية أصبح لها وزن ثقيل بالبرلمان

قرَّرت حركة نداء تونس، التي تقود الائتلاف الحاكم، الجمعة 14 سبتمبر/أيلول، تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في الحزب، مع إحالة ملفه إلى لجنة نظام الحزب (الانضباط) لتنظر فيه.

جاء ذلك في بيان لـ «نداء تونس»، اطلعت الأناضول على نسخة منه.

وأفاد البيان «بعد الاطلاع على ردِّ يوسف الشاهد، على الاستجواب الموجَّه إليه، قرَّرت الهيئة السياسية تجميد عضويته، وإحالة ملفّه إلى لجنة النظام».

والأربعاء اتَّهم نداء تونس الشاهد بـ «الانشغال بالمناورات السياسية وشقِّ وحدةِ الأحزاب والكتل البرلمانية القريبة، بدلاً من التركيز على مشاكل البلاد».

والسبت الماضي، عقد الشاهد، اجتماعاً مع نواب من نداء تونس، أعقبه استقالة 8 منهم، أعلنوا فيما بعد التحاقهم بكتلة الائتلاف الوطني (34 نائباً)، التي أعلن عن تكوينها بداية سبتمبر/أيلول الحالي، وتعتبرها مصادر إعلامية كتلة قريبة من رئيس الحكومة.

ويبلغ عدد نواب نداء تونس حالياً 55 نائباً، وباستقالة النواب الثمانية ستتقلص كتلة الحزب إلى 47 نائباً، في حين سترتفع كتلة الائتلاف الوطني إلى 42 نائباً.

 ومنذ أشهر تشتد أزمة بين المدير التنفيذي للحركة، نجل الرئيس حافظ قايد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وصلت حدَّ تبادل الاتهامات بالإضرار بالحزب ومصالحه.

تجاذبات سياسية تضع البلاد على خط التماس
ويبدو أن رهانات الانتخابات الرئاسية المقررة في تونس، نهاية 2019، تضع البلاد على خط التماس مع تجاذبات سياسية تفاقمت مؤخراً؛ لتتحول إلى أزمة، وفق خبراء.

ويُجمع مطلعون على الشأن التونسي على أن الاقتراع المقبل يؤجج الصراعات السياسية، بما في ذلك الأزمة المندلعة، الأسبوع الماضي، في صفوف «نداء تونس» (ليبرالي).

أزمة خانقة أخرى وُلدت بإعلان قيادات بالحركة عن تنظيم مؤتمر للحزب نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، دون علم مديره التنفيذي، حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي.

السبسي من جهته، أشار في مقابلة أجراها، الأحد الماضي، مع قناة «نسمة» المحلية الخاصة، إلى «عمق الخلافات» التي يُحدثها التفكير في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

واعتبر أن «جميع الأعناق مشرئبة نحو الاقتراع، ولذلك، فإن كان الإنسان في الحكم اليوم، فإنه لا ينبغي عليه التفكير في 2019، ولن يأتيه الحكم في 2019، إن لم ينجح في 2017 و2018″، في إشارة إلى «طموحات» رئيس الحكومة يوسف الشاهد، للترشح للاقتراع.

أزمة «نداء تونس» وهاجس 2019
الباحث التونسي في علم الاجتماع، هشام الحاجي، رأى أن الأزمة التي تعيشها حركة «نداء تونس» مرتبطة بالاستحقاق الانتخابي المقبل.

وأضاف أن «الحركة تأسّست، في 2014، لأهداف انتخابية بحتة للأسف، ولا تستطيع تجاوز ظروف النشأة لتؤسس لبرامج سياسية تستبطن قدرة على تجاوز هذه الوضعية».

وفسّر الحاجي الصراع الدائر بين المدير التنفيذي للحزب، حافظ قايد السبسي، ورئيس الحكومة، يوسف الشاهد، بـ»الرغبة في السيطرة على الآلة الانتخابية للحزب حتى يترشح باسمه لانتخابات 2019″.

صراع يأتي رغم أن برهان بسيس، مسؤول الملف السياسي بالحزب، سبق أن نفى في مايو/أيار الماضي، أن يكون الشاهد مرشح الحزب للاقتراع.

مد وجزر تتوسّع رقعته يوماً بعد يوم صلب الحزب؛ لتتوالى الاتهامات والانتقادات من هذا الجانب وذاك، آخرها كان اتهام الشاهد لنجل السبسي بالوقوف وراء أزمة الحزب، وخسارة الانتخابات البلدية المقامة في مايو/أيار الماضي.

المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، أكد طرح السبسي القائل بأن رئاسية 2019 هي ما فجّر الصراعات والتجاذبات الراهنة بالبلاد.

واعتبر بوعجيلة أن الأزمة انطلقت منذ نهاية الانتخابات الرئاسية في 2014، التي أفرزت فوز السبسي، مرشح «نداء تونس».

ووفق المحلل السياسي، فإنّ «طبيعة الرئيس (السبسي) نفسه أعادت البلاد إلى وضعية الرئيس الهرم (في إشارة إلى سن السبسي/ 91 عاماً) الذي يثير من حوله الرغبة في خلافته».

أما أُنْس الحطّاب، النائبة في مجلس نواب الشعب (البرلمان) عن «نداء تونس»، التي انشقت مؤخراً عن شقّ نجل الرئيس، فرفضت ربط الأزمة بانتخابات 2019.

ورأت في ذلك «تأويلاً لأطراف (لم تسمّها) لا تعرف دستور الجمهورية الثانية؛ لأن النظام الذي رسَّخه الدستور هو نظام شبه برلماني، والأسلم هو تقديم حزب قادر على الفوز بأكثر ما يمكن من مقاعد في البرلمان أكثر من منصب الرئاسة نفسه».

واعتبرت الحطاب أنه «لا علاقة لما يحصل بانتخابات 2019، فهذا حزب له قيادة شرعية منذ مؤتمره المنعقد بمدينة سوسة (شرق) في 2016».

وكل ما في الأمر، وفق الحطاب، هو أن «قيادة الحزب اجتمعت، الأربعاء الماضي، لتحديد المؤتمر الانتخابي للحركة نهاية سبتمبر/أيلول القادم».

وشددت الحطاب على أن «ما يعنيهم (الهيئة السياسية للحزب) «هو أن يكون لنا حزب قوي بمؤسسات وإدارة واضحة ومنتخبة ممن هو موجود من نداء تونس وحتى ممن غادره».

«طموحات» الشاهد
بوعجيلة عاد ليؤكّد أن الشاهد أصبحت له طموحات واضحة للانتخابات الرئاسية في 2019.

ومن بين الأسباب التي جعلت الشاهد يدخل في مواجهة مع القصر الرئاسي، وفي صراع مع نجل الرئيس، هو ظهور هذه الطموحات بشكل مبكر.

ويبدو أن التطورات الأخيرة في «نداء تونس وحتى خارجه، تخدم صمود الشاهد بوجه حملة نجل السبسي لقطع الطريق أمامه للترشح للرئاسية المقبلة»، وفق بوعجيلة.

فيما لفت الحاجي، من جهته، إلى أنّ «الانقسام صلب الحزب بات أمراً محسوماً، وستكون الكتلة الأكبر مع الشاهد».

ورغم أن السبسي ترك الباب مفتوحاً، في مقابلته المذكورة، أمام احتمال ترشحه مرة أخرى، فإن بوعجيلة يعتبر أن «عدم ترشح الرئيس أمر معقول ومنطقي، لوجود عامل السنّ، وحتى المحصّلة التي لا تشجع كثيراً على إعادة ترشّحه».

وبحسب المحلل السياسي، فإن «عدم ترشح السبسي سيفتح الباب أمام تنافس دامٍ داخل نداء تونس، خاصة أن الحزب يقوم بالأساس على التموقع السياسي، وكثيرون يرغبون في أن يحلوا محل الرئيس، ولذلك يستخدمون الحزب أداة لترشيح أنفسهم».

بوعجيلة اعتبر أيضاً أن «العامل الخارجي مهم»، في إشارة إلى الدعم الأجنبي للاستقرار بالبلاد، على حدّ تعبيره.

وبقطع النظر عن تقييم «العامل الخارجي، واعتباره تدخلاً في السيادة الوطنية من عدمه»، يتابع بوعجيلة، إلا أن «المؤكّد هو أن الشاهد يحظى بدعم معلوم من قبَل عدة أطراف أجنبية» لم يذكرها.

ولم يوضح الخبير الجزئية الأخيرة، غير أن المعلوم هو أنّ سفراء كل من الاتحاد الأوروبي وعدد من بلدان القارة الأخيرة بتونس، مثل كندا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا واليابان وإيطاليا، أجروا زيارة جماعية للشاهد في قصر الحكومة.

كما سجلت، في الآونة الأخيرة، تصريحات إيجابية تجاه الحكومة التونسية من قبَل ممثلين عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، و8 مسؤولين ماليين أوروبيين كبار.

«النهضة» على الخط
وغير بعيد عن هذا الصراع، تراقب حركة «النهضة» (إسلامية) صاحبة أكبر كتلة نيابية (68 نائباً / 217)، الوضع بانشغال.

وكانت النهضة قد رفضت إسقاط حكومة الشاهد عندما امتنعت، خلال نقاشات «وثيقة قرطاج 2» (حددت البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد خلال الفترة المقبلة)، في مايو/أيار الماضي، عن المصادقة على النقطة 64 من الوثيقة التي تنص على تغيير الحكومة بشكل كامل.

هشام الحاجي، عاد ليرجح أن «النهضة» قد ترى في الشاهد أحد السيناريوهات المحتملة لعام 2019.

واستند الخبير في ذلك إلى إشارة قال إنها صدرت عن رئيس حركة «النهضة»، راشد الغنوشي، حين لم يستبعد أن يكون هناك مرشح مشترك بين حركته و»نداء تونس»، للانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك رغم حديث البعض عن نهاية التوافق بين الحزبين.

إلا أن بوعجيلة يقلل من إمكانية اندفاع «النهضة» إلى التعويل على الشاهد مرشحاً لها للاقتراع.

ووفق تقديره، فإن «النهضة لم تحسم أمرها بمساندة الشاهد، لأن قراراً مماثلاً لا يمكن تحديده الآن، بل يرتبط بعوامل أخرى على صلة بحيثيات الاقتراع نفسه، أي قبل وقت قصير من إجرائه».

ورغم ما تقدم، فإن بوعجيلة لم ينفِ إمكانية أن تستثمر «النهضة» في «طموح» الشاهد، لتضمن قدراً من الاستقرار، طالما أن تغيير الحكومة في الوقت الراهن قد يجعلها تبذل جهوداً لضمان حضور في الحكومة.

كما أن روح الاستقطاب والعدوانية التي أظهرها شق نجل السبسي، جعل الحركة تصطف إلى جانب الشاهد، وفق بوعجيلة.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة