لكن، قبل الوصول إلى هذه الخلاصة السهلة، سيكون مفيداً التذكير بسياق من الاستثمار في القضية السورية. فالأردن احتضن غرفة الموك التابعة للمخابرات الأميركية، وهي التي أشرفت خلال سنوات على “تقنين” وصول المساعدات إلى فصائل الجيش الحر في الجبهة الجنوبية. وتركيا احتضنت أيضاً غرفة الموم التابعة لجهاز المخابرات ذاته، مع عدم استبعاد فرضية استثمارها خطوط الإمداد بشكل مستقل، بما لا يخرج جذرياً عن التوجهات الأميركية. أي أن البلدين انخرطا بشكل متواصل في الصراع العسكري السوري، ولم يغب عنهما الخطاب السياسي المذهبي، سواء بالحديث الأردني عن خطر الهلال الشيعي، أو تصريح أردوغان الشهير بأن حماة هي خط أحمر عطفاً على ما حدث فيها قبل ثلاثة عقود من الثورة الحالية، أو أيضاً من قبيل تشبيه وجود النازحين السوريين بين الأتراك بالمهاجرين والأنصار.
وكي لا توضع المسؤولية على هذين البلدين فقط لا بأس في استعادة تصريحات عربية وخليجية أخرى، تصب في منحى ما يسمى الصراع الشيعي-السني في المنطقة، وبالطبع قبلها استرجاع تصريحات حكومة الملالي ووكلائها حول حماية المراقد الشيعية، ثم حول الانتقام من أحفاد يزيد. لم يمضِ وقت كافٍ بعد لنسيان شعارات مثل “لن تُسبى زينب مرتين”، وشعارات مضادة مثل “الدم السني واحد”. وهي شعارات تراجعت مؤخراً بتراجع الصراع الدولي والإقليمي في سوريا، مع أن أحفاد الحسين المزعومين لم يحرزوا انتقامهم الساحق والنهائي من أحفاد يزيد، ومع أن أحفاد يزيد لم يكرروا غلبتهم بسبي زينب للمرة الثانية!
مواضيع: عمرقدور،#كتب،#