المشفى الذي تتعالج به أسماء الأسد من السرطان، ويتمنى فيه المعارضون الموت ولا يجدونه

  24 سبتمبر 2018    قرأ 1162
 المشفى الذي تتعالج به أسماء الأسد من السرطان، ويتمنى فيه المعارضون الموت ولا يجدونه

«كل الغرف كانت مليئة بالجثث المتعفنة. أي غرفة جلست أسماء فيها؟ هل كانت تشم تلك الروائح القذرة؟»، هكذا كان يفكر السوري خالد الطعمة، الذي قضى أصعب أيام حياته في مشفى المزة العسكري والمعروف باسم مشفى 601 ، كما يقول، والذي تتلقى فيه زوجة الرئيس السوري بشار الأسد العلاج من مرض سرطان الثدي.

الموالون للنظام السوري كانوا يتباهون بعلاج أسماء الأسد في تلك المشفى، على اعتبار أنها فضلت الشفاء من مرضها «داخل الوطن».

محكمة إلهية
يُكمل هذا المشفى ما يقوم به عناصر الأمن والمخابرات في السجون السورية، حيث ينقل إليه المعتقلون المصابون إصابات شديدة، إلا أن نسبة المعتقلين الذين ينجون منه ضئيلة، حسب شهادات بعض المعتقلين المفرج عنهم.

ضرب وركل وشتم وحرق مع تعصيب العينين، أثناء ذلك كان الطبيب يطلب من خالد الاعتراف بأسماء الأشخاص الذين يدعمونه ويرافقونه بالتظاهرات ضد النظام السوري.

وأوضح الشاب السوري لـ»عربي بوست» إلى أن ذهنه كان مشوشاً وما يتذكره كان «قاسياً»، فقال إن أصعب شيء عليه هو تذكر ما حصل معه هناك، وأشار إلى أنه يحاول محو كل شيء من ذاكرته، «لا أعلم إن كنتُ داخل مشفى أو مركز اعتقال أو من يحدثني كان طبيباً أو محققاً».

«حفلة التعذيب» صباحاً يتبعها «توزيعة» في الليل، تبدأ بتجميع الجثث المرمية في كل مكان، ثم يقوم «السخرة» وهم معتقلون آخرون بقوا على قيد الحياة، بسحل الجثث عبر ممرات المشفى راسمة وراءها خطوطاً من الدم.

وقال خالد «الطبيب كان يعتبر نفسه إلهاً»، مكملاً «إذا لم يكن راضياً عني سأموت.. كان بمثابة يوم الحساب».

الموت أفضل من العلاج فيه
وسام، وهو اسم مستعار لشاب سوري يعيش في النمسا، لا يخفي كراهيته للنظام السوري وضباط الأمن وحتى الأطباء.

ذكر لـ»عربي بوست» أسباب ذلك الحقد ومنبعه، قائلاً: «كنت معتقلاً وبعد يومين من اعتقالي كسرت ساقي من شدة التعذيب»، ولفت إلى أن ذلك كان السبب في نقله إلى مشفى المزة (601) برفقة 7 آخرين، حيث تم إعطاؤه الرقم 237، وهناك شاهد أول عملية إعدام ميداني.

وقال وسام: «عند وصولنا أبقونا في ممر المشفى، ووجوهنا نحو الحائط ومكبلين»، وأوضح أن عناصر الأمن كانوا يضربونهم أثناء مرورهم بجنبهم مستخدمين عصياً وقضباناً، وبعد نحو ساعتين قام أحد العناصر بشكل مفاجئ بمسك رقبة أحد المصابين بجنب وسام، وأنزل رأسه على ركبته وبدأ بضربه على رأسه ورقبته حتى فارق الحياة.

هذا المشهد جعل وسام يتمنى الموت على العلاج في هذا المكان.

وسام شهد عمليات تعذيب كبيرة في ذلك المشفى تفوق ما كان يحصل في السجن، وأضاف أن ما كان يقوم به الأطباء والممرضون وضباط المخابرات «لم يكن مجرد عمليات تعذيب إنه شيء متفق عليه بين الجميع.. يريد بث الخوف والفزع بيننا».

وسام وصف أعمال التعذيب بأنها «وحشية»، لكن أكثر شيء مؤلم بالنسبة له هو الحرق، منوهاً إلى أن المحققين كانوا «يطفئون السجائر على رجلي وصدري، أو يجعلون الأكياس تذوب فوق بطني»، وقال: «لم يسمعوا مني. لا يريدن معرفة شيء. فقط التعذيب وإخافتي».

تقارير دولية تؤكد أن المشفى تحول إلى «مسلخ»
المعارضون السوريون يطلقون على هذا المشفى اسم «المسلخ»، بسبب ما تعرض له الكثيرون للتعذيب، وما شاهده العالم من صور مفزعة نقلها أحد الضباط المنشقين عن النظام السوري يدعى «قيصر».

ونشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً خاصاً كشف بعض القصص الإنسانية وراء أكثر من 28 ألف صورة لضحايا التعذيب. وجاء تقرير «لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية» في 63 صفحة، واستغرق إعداده بحسب المنظمة 9 أشهر.

فيما تحدث تقرير نشرته «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بعنوان «الهولوكوست المصور»، عن تفاصيل لما يجري داخل مشفى 601، مشيرة إلى أن إدارة المستشفى حوّلت قسم «الرضوض» أو ما بات يعرف بـ»السجن الطبي» إلى معتقل للمعارضين القادمين من الفروع الأمنية.

ونقلت الشبكة المعنية برصد الانتهاكات في سوريا، روايات 4 أشخاص مرُّوا بتجربة العلاج داخل المشفى، وقالت: «كل معتقل يموت داخل قسم الرضوض نظراً لإهمال العلاج. يطلب عناصر الأمن من موظفي التنظيف (وهم مدنيون) أو عناصر السخرة وهم معتقلون، القيام بمهمة النظافة وتوزيع الطعام على باقي المعتقلين ونقل الجثث، وأن يقوموا بفكّ المعتقل من الجنزير المقيد به، ثم يحملون جثة الضحية ويلقونها بالحمام أو في الممر».

أسماء الأسد تتلقى العلاج فيه
وكانت صحف سورية وموالون للنظام كشفوا عن تلقي زوجة الرئيس السوري العلاج من مرض السرطان في ذات المشفى سيء السمعة، وكتب بهجت سليمان على فيسبوك إن «السيدة أسماء الأسد، تعالج في مشفى الـ601 بالمزة، وتمارس عملها اليومي.. ولم تسافر للعلاج خارج الوطن».

ومن ثم ظهر ابنه حيدرة ببث مباشر على فيسبوك، وهو يبكي حزناً على زوجة الرئيس، ووصفها بأنها «ست الكل»، فيما وصف المعارضين بـ»الكلاب».


مواضيع:


الأخبار الأخيرة