لكن آل الشيخ قرر فجأة الانسحاب من الاستثمار الرياضي في مصر بعد أيام قليلة من تعرضه لهتافات مسيئة من جمهور النادي الأهلي المصري خلال مباراته الأخيرة ضد حوريا الغيني في ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا.
واشتكى المستثمر السعودي أكثر من مرة من أداء الحكام في الدوري المصري وطالب بالاستعانة بحكام أجانب وإلا سينسحب من المسابقة، قائلا: "بيراميدز يا حكام أجانب يا انسحاب".
وأضاف: "لا زال التحكيم في غيبوبة. إذا كان المقصود إبعاد بيراميدز بطرق غير الملعب، ده يؤثر على اسم وقوة الدوري المصري".
"سنة أولى استثمار"
وتباينت الآراء حول إعلان آل الشيخ، بين مرحب بنهاية "تدخل المال الخليجي" في الرياضة في مصر، ومشيد "باسهاماته وإثرائه للمنافسة" معتبرا انسحابه خسارة للكرة المصرية.
وقال جمال عبد الحميد، لاعب منتخب مصر والزمالك السابق: "نحن في مصر في سنة أولى استثمار، وتركي آل الشيخ ضخ مبالغ مالية كبيرة كانت ستعود بالنفع على سوق الرياضة وتخلق منافسة حقيقية، بدلا من اقتصار المنافسة على الأهلى والزمالك".
وأضاف لبي بي سي: "آل الشيخ كان سيعمل على تطوير الملاعب والبنية التحتية في مجال الرياضة، ومن المؤكد أن انسحابه سيؤثر بالسلب على الاستثمار الرياضي في الفترة المقبلة، ولن يفكر أي مستثمر في تكرار هذه التجربة مرة أخرى بعد ما حدث".
وتساءل: "كيف يتعرض آل الشيخ لكل هذا الهجوم وهو يضخ هذه الاستثمارات الضخمة التي كانت ستعمل على النهوض بالرياضة؟ لقد أنفق آل الشيخ نحو 500 مليون جنيه مصري، وقدم دعما كبيرا لأندية الزمالك والسكة الحديد والاتحاد السكندري، ودفع للنادي الأهلي 260 مليون جنيه".
وكان آل الشيخ قد شغل منصب الرئيس الشرفي للنادي الأهلي المصري لمدة تصل لنحو خمسة أشهر، وقال إنه دعم النادي خلالها بـ 260 مليون جنيه، قبل أن يتنازل عن هذا المنصب في مايو/آيار الماضي بعد الدخول في خلافات مع مجلس إدارة النادي.
واندلعت الأزمة حين اتهم آل الشيخ مجلس إدارة الأهلي بإهدار أموال النادي وإفساد صفقات كبرى خاصة ببعض اللاعبين والمدير الفني الجديد، وهو ما أثار غضب مسؤولي وجمهور النادي.
وأخذت الأزمة أبعادا جديدة من خلال دعوة رئيس النادي، محمود الخطيب، لوزير الرياضة المصري خالد عبد العزيز، لتشكيل لجنة مالية رفيعة المستوى من وزارة الشباب والرياضة أو النيابة العامة لمراجعة وحصر كافة الأموال التي تبرع بها آل الشيخ للنادي، والوقوف على أوجه إنفاقها.
"تجربة سلبية"
وقال راجح ممدوح، وهو ناقد رياضي مصري، عن تجربة آل الشيخ في مصر: "هذه تجربة سلبية للغاية، ولم يكن بها أي استثمار من الأساس. كنا نأمل في وجود استثمار حقيقي يعود بالنفع على كرة القدم، لكن ما حدث كان مجرد إنفاق أموال طائلة على مجموعة من الإعلاميين المتلونين وشراء لاعبين بقيمة مالية تتجاوز قيمتهم الحقيقية كثيرا".
وأضاف لبي بي سي: "أعتقد أن قرار الانسحاب كان جيدا، لأن استمراره كان من الممكن أن يؤثر مع الوقت على العلاقات المصرية السعودية، خاصة وأنه كان يتدخل في كل شيء في كرة القدم في مصر، وحتى في البطولة العربية بصفته رئيسا للاتحاد العربي لكرة القدم."
وقد حدث خلاف حول توقيت مباراة السوبر المصري السعودي، إذ طالب الأهلي بتأجيل مباريات له على المستوى المحلي والعربي والأفريقي حتى يتمكن من المشاركة في السوبر، الذي يجمع بين بطلي الدوري في البلدين، قبل أن يقرر الاتحاد السعودي إلغاء المباراة التي كان من المقرر إقامتها الشهر المقبل مع فريق الهلال السعودي.
وخلال مباراة الأهلي أمام حوريا الغيني في دوري أبطال أفريقيا، ردد الجمهور هتافات تقلل من أهمية لقاء السوبر المصري السعودي، وهتافات أخرى مسيئة لتركي آل الشيخ.
ورغم أن الاتحاد المصري لكرة القدم لديه القدرة على وضع ضوابط على الحضور الجماهيري في المباريات المحلية، فإنه لا يملك نفس السلطات فيما يتعلق بالمباريات القارية.
ويرى أسامة النعيمة، وهو صحفي بجريدة الرياض السعودية، أن هتافات جمهور الأهلي ضد آل الشيخ كانت أحد الأسباب الرئيسية في قرار التوقف عن ضخ الاستثمارات في مصر.
وقال النعيمة في تصريحات لبي بي سي: "الإساءة التي تعرض لها آل الشيخ كانت سببا رئيسيا في قرار الانسحاب، ومن الممكن أن تكون هناك أسباب أخرى يحتفظ بها لنفسه ولا نعلم عنها شيئا".
وأضاف: "رحيل آل الشيخ سيكون له آثار سلبية على الاستثمار الرياضي في مصر، لأنه لم يجد المناخ المناسب للاستثمار الرياضي. الدول تقدم كل الدعم والإمكانيات اللازمة لجذب المستثمرين، كما هو الحال في انجلترا وإسبانيا وإيطاليا، لكن آل الشيخ لم يجد ذلك وتعرض لهجوم شديد".
مواضيع: