المنطقة المغاربية.. قواسم مشتركة تفرقها الصراعات السياسة

  20 يونيو 2017    قرأ 1203
المنطقة المغاربية.. قواسم مشتركة تفرقها الصراعات السياسة
تمثل المنطقة المغاربية البوابة الغربية للعالم العربي، وتقع في شمال أفريقيا ممتدة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط حتى المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها حوالي 5.782.140 كلم2 وتشكل ما نسبته 42%من مساحة الوطن العربي وتدين غالبية سكانها بالإسلام وتتعايش فيها أعراق عدة، أهمها العرب والأمازيغ والزنوج.
وتضم المنطقة المغاربية خمس دول رئيسية؛ هي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، وتشكل مساحة الجزائر وحدها ما نسبته 41% من مساحة الاتحاد المغاربي، ويبلغ طول الشريط الساحلي للاتحاد المغربي حوالي 6505 كلم، أي 28% من سواحل الوطن العربي بأكمله، وتختلف الأشكال التضاريسية ببلدان المغرب العربي بين السهول والجبال والهضاب والصحاري.
السكان
يصل عدد سكان المغرب العربي إلى نحو 92.499.429 نسمة (حسب تقديرات 2014)، أي ما يمثل نحو ربع سكان المنطقة العربية إجمالا، وتدين الغالبية الساحقة من سكان المغربي العربي بالدين الإسلامي، وتعد المنطقة المغاربية منطقة تداخل أعراق وثقافات، وتسود -بشكل عام- حالة من التمازج والتواصل بين الأعراق المكونة لهذه المنطقة.
ومن أهم الأعراق المكونة للنسيج الاجتماعي في هذه المنطقة العرب والأمازيغ والزنوج، وتنتشر المجموعات الأمازيغية في الجزائر والمغرب بدرجة أولى وتونس وليبيا بدرجة ثانية، بينما توجد أقلية عرقية في موريتانيا يتركز وجودها أساسا في المن الكبيرة وفي الشريط الجنوبي المحاذي للسنغال.
Play Video
ويعد الزنوج أقلية في موريتانيا، بينما لا يمكن بسهولة اعتبار الأمازيغ أقلية في البلدان المغاربية الأخرى، فهم أغلبية عرقية تعرب لسان جزء منهم بسبب اختلاطهم، ووجودهم بالمدن ذات الوجود العربي، في حين بقيت الدواخل محافظة على أمازيغيتها اللسانية مع الانتماء إلى الإسلام حضاريا.
والواقع أن الأصل العرقي لأغلب ساكنة الشمال الأفريقي أمازيغي، أما البعد الثقافي فأكثرية الأمازيغ قد تعربت منذ دخول الإسلام إلى شمال أفريقيا، في حين بقيت أقلية تتداول اللغة الأمازيغية وتختلف نسبتها حسب كل بلد، كما عم الدين الإسلامي مختلف المجتمع الأمازيغي منذ القرن السابع الميلادي.
الفتح الإسلامي
بدأ وصول الإسلام إلى المنطقة المغاربية (شمال أفريقيا) مبكرا، ولكن الحملات الإسلامية في الشمال الأفريقي استمرت عقودا لتثبيت الإسلام في تلك المنطقة الواسعة ونشر تعاليمه بين الناس. وكانت أولى الحملات الإسلامية في الشمال الأفريقي تسمى حملة العبادلة (25هـ-26هـ)647م التي قادها عبد الله بن بن سعد بن أبي السرح والي مصر في خلافة عثمان بن عفان، وشارك فيها عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب، غير أنها لم تأت بنتيجة ذات أهمية كبيرة، ومثلها تقريبا حملة معاوية بن حديج 45هـ-665م، ثم جاءت حملة عقبة بن نافع (50هـ-670م) الذي أسس مدينة القيروان في تونس وجعلها مركزا لانطلاق حملات نشر الإسلام في المنطقة.
ثم جاءت لاحقا حملة موسى بن نصير (88 هـ-707م) الذي تمكن من فتح المغرب الأقصى وتوطيد دعائم الإسلام فيه، واتخذ مدينة طنجة قاعدة عسكرية لعبت دورا بارزا في نشر الإسلام وفتح الأندلس.
كانت منطقة الشمال الأفريقي بعد الفتح الإسلامي تتبع الدولة المركزية في السابق، ومع بدء الصراعات الداخلية، خصوصا في العهد العباسي، كانت منطقة الشمال الأفريقي والأندلس من المناطق التي يغلب عليها الاستقلال عن الدولة المركزية، واتضح ذلك أكثر أثناء ما يسمى العصر العباسي الثاني ((847-1258م)، فقد بدأ هذا العصر مع بداية الفوضى العسكرية التي استطاع القادة العسكريون أن يمدوا من نفوذهم داخل مؤسسة الحكم. وبرزت في هذا العصر دول عديدة في بغداد مثل البويهيين، والسلاجقة، وفي خارجها مثل دول المغرب العربي العديدة. ويلاحظ أن عددا كبيرا من خلفاء العصر الثاني خرجوا من السلطة إما قتلا أو خلعا.
ومن أهم الدول الإسلامية التي قامت في المنطقة المغاربية بمفهومها الواسع ما يلي:
الأدارسة في المغرب (172-314هـ/789-926م)
تنتمي أسرة الأدارسة إلى إدريس من أحفاد الحسن بن علي الذي هرب من الحجاز بعد فشل ثورة للعلويين على العباسيين عام 169 هـ/ 786 م فاختاره الزناتيون قائدا لهم، وأسس إدريس مدينة فاس وأقام دولة الأدارسة، حتى قضى عليها أمويو الأندلس، ومن الأدارسة بنو حمود الذين حكموا بعد ذلك بالأندلس في فترة حكم الطوائف.
الفاطميون (297-567هـ/909-1171م)
يزعم الفاطميون أنهم ينتسبون إلى الإمام علي، ويرى مؤرخون أنهم ينتسبون إلى عبيد الله المهدي ويسمونهم "العبيديون". وقد بدأ حكمهم في شمال أفريقيا على يد مؤسس الدولة الفاطمية عبيد الله المهدي الذي جمع حوله عددا من قبائل الأمازيغ وأطاح بحكم الأغالبة ثم الأدارسة، وفي عام 358 هـ / 969م. انتهت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي، الذي قاد جيش محمود نور الدين زنكي للسيطرة على مصر.
المرابطون ( (448-541هـ/1056-1147م)
تنتمي دولة المرابطين إلى قبيلة صنهاجية، وقد أسسها يحيى بن إبراهيم الذي أقام أربطة وحصونا للغزو والجهاد، فسمي المجاهدون بالمرابطين، وكانت السلطة الروحية لعبد الله بن ياسين أحد كبار الفقهاء في المغرب، وقد بنى المرابطون مدينة مراكش وتوسعت دولتهم في شمال أفريقيا والأندلس.
الموحدون (524-667هـ/1130-1269م)
مؤسس هذه الدولة هو محمد بن تومرت الذي تلقى تعليمه في الشرق، وتأثر بدعاة الإصلاح والزهد والتقشف، وقد حظي بثقة زعماء قبيلة مصمودة المغربية، وأعلن نفسه زعيما لإحدى الحركات الجماهيرية، وأسس دولة الموحدين التي ورثت دولة المرابطين، ثم قام نائبه عبد المؤمن باحتلال أجزاء من الأندلس وأقام دولة قوية في إشبيلية وتوسعت دولة الموحدين في تونس وليبيا، وازدهرت في عهدهم العلوم والفلسفة، ومن علماء الدولة ابن طفيل وابن رشد وكلاهما كان طبيبا لسلاطين الموحدين.
المرينيون والوطاسيون بالمغرب (592-956هـ/1196-1549م)
ورث بنو مرين الموحدين في المغرب، وورثها الحفصيون في تونس. وينتمي بنو مرين إلى قبائل الزناتي (زناتة)، وقد انتهت دولتهم على يد الإسبان والبرتغال الذين بدؤوا يشكلون قوة عالمية مهيمنة، وحاول بنو وطاس وهم فرع من بني مرين محاربة البرتغاليين وإعادة ترميم الدولة المرينية المتداعية، ولكن قوة جديدة نامية "الأشراف السعديون" تمكنت من إقامة دولة لهم في المغرب.
الحفصيون بتونس (625-982هـ/1228-1574م)
يرجع نسب أسرة بني حفص إلى الشيخ أبي حفص عمر أحد مريدي ابن تومرت مؤسس الحركة الموحدية، وكان بنو حفص يحكمون باسم الموحدين حتى عام 634/1237 عندما استقل أبو زكريا يحيى الأول بالحكم، واتخذ لنفسه لقب الخليفة وأمير المؤمنين، وبقيت أسرة الحفصيين تحكم تونس حتى قدوم العثمانيين الأتراك لتونس عام 1574م.
النظام السياسي
خضعت المنطقة المغاربية للاحتلال الفرنسي باستثناء ليبيا التي خضعت للاحتلال الإيطالي؛ فقد احتل الفرنسيون الجزائر 05 يوليو/تموز 1830 وغادروها في 05 يوليو/1962 بعد ثورة كبيرة عرفت بثورة الميلون شهيد في الجزائر، وخضع المغرب للاحتلال الفرنسي في 30 مارس/آذار 1912، وحصل على استقلاله في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1956. كما خضع شمال المغرب وجنوبه للسيطرة الإسبانية.
Play Video
وأصبحت تونس ضمن المناطق الخاضعة للاحتلال الفرنسي في 12 مايو/أيار 1881، واستقلت عنها في 20 مارس/آذار 1956، بينما دخل الاحتلال الفرنسي إلى موريتانيا في ديسمبر/كانون الأول 1902، ثم حصلت البلاد على استقلالها في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1960، وبدأ الغزو الإيطالي لليبيا في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1911، ثم حصلت ليبيا على استقلالها في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951.
وتحكم جميع البلدان المغاربية بنظام جمهوري عدا المغرب الذي يحكم بنظام ملكي دستوري.
الاتحاد المغاربي
أسست الدول المغاربية نهاية ثمانينيات القرن الماضي اتحاد المغرب العربي بهدف توحيد الجهود للنهوض بالمنطقة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، بعد جهود من قوى سياسية ومدنية استمرت لنحو ثلاثة عقود قبل أن تتوج رسميا بإنشاء الاتحاد.
فقد ظهرت فكرة الاتحاد المغاربي قبل موجة استقلال جل الدول العربية، وتبلورت في أول مؤتمر للأحزاب المغاربية عقد في مدينة طنجة بتاريخ 28-30 أبريل/نيسان 1958 وضم ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.
وبعد الاستقلال كانت بين دول المغرب العربي محاولات تعاون وتكامل؛ مثل إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964 لتنشيط الروابط الاقتصادية، وبيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس عام 1974، ومعاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر، ثم معاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983.
وأخيرا كان اجتماع قادة المغرب العربي بمدينة زرالده في الجزائر يوم 10 يونيو/حزيران 1988، وصدر بيان زرالده الذي أوضح رغبة القادة في إقامة الاتحاد المغاربي وتكوين لجنة تضبط وسائل تحقيق وحدة المغرب العربي.
أعلن قيام اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير/شباط 1989 بمدينة مراكش خمس دول هي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا.
AzVision.az

مواضيع: العالمالعربي   أفريقيا   البحرالأبيض   المحيط  


الأخبار الأخيرة