مدربة رياضة سعودية: "أريد أن أشجع النساء ليصبحن قويات"

  19 اكتوبر 2018    قرأ 1197
مدربة رياضة سعودية: "أريد أن أشجع النساء ليصبحن قويات"

قبل عام استقالت أمل من عملها كمديرة استثمار في مدينة جدة في السعودية تاركة وراءها مسيرة عمل استمرت أكثر من عقد، لتتفرغ بشكل كامل للرياضة.

قد يبدو اتخاذ مثل هذا القرار مجازفة كبيرة، خاصة وأن أمل باعطية، ذات الـ 41 عاما، أم لولدين لا يزالان في المرحلة الابتدائية، لكن أمل قررت الإقدام على هذه الخطوة، وتقول لبي بي سي بعد عام على هذا القرار إنها الآن "تعيش الحلم".

 

يوجد اليوم الكثير من المدربين والمدربات لرياضة "كروس فيت CrossFit"، لكن أمل تقول إنها كانت "أول شخص في السعودية" يحصل على شهادة تؤهل للتدريب، عندما كانت هذه الرياضة أقل انتشارا.

عبر سكايب، وبحماسة كبيرة تقول إن أكثر ما يسعدها حاليا هو تحفيز أكبر قدر من النساء على حياة أكثر نشاطاً وصحة : "أريد أن أحافظ على قوتي، وأن أشجع المزيد من النساء ليصبحن قويات".

وتقول: "كنت أحتاج المساعدة في حمل أكياس التسوق والخضار، أما الآن فأنا أحمل حقائب السفر الثقيلة بنفسي، ودون إعانة".

"تغير الجو العام" في جدة

تعني رياضة "كروس فيت" مجموعة من التمرينات الرياضية المختلفة شديدة الكثافة تتضمن رفع الأثقال والجري والجمباز.

تقول أمل إن هذه الرياضة ما زالت غير رائجة في السعودية حتى أن عدد مدربيها لا يزال قليلاً.

تعتقد أمل أن هنالك حوالي "عشرة رجال من مدربي كروس فيت، وثلاث أو أربع مدربات فقط."، وهذه الرياضة تحتاج إلى مستوى عال من اللياقة البدنية.

لكن يبدو أن "الجو العام المتغير" في جدة، على حد تعبير أمل، يدفع المزيد من السعوديين لممارسة الرياضة بشكل عام، وتقول أمل "باستطاعتك ملاحظة ذلك عندما تتجولين في الشارع فترين كثيرين يركبون الدراجات أو يركضون على خلاف ما كانت عليه الأمور قبل سنتين".

وتنسب أمل ذلك إلى ارتفاع الوعي العام في ما يخص الاهتمام بالصحة ونمط الحياة.

تدريجيا، تحول قبو منزل أمل إلى استديو خاص للرياضة انضمت له نساء من مختلف الأعمار. وتقول إن عدد الصالات الرياضية في جدة في تزايد مستمر، حتى أن عددا من طالباتها أصبحن مدربات.

أحد أهداف أمل كمدربة في الفترة الحالية تغيير ما تصفه بالـ "الفكر المغلوط" حول بناء العضلات والقوة لدى النساء.

"في بداية الأمر ترغب المتدربات لدي بإنقاص وزنهن، وبعضهن يخشين نمو عضلاتهن، ولكن بعد اجتياز مرحلة معينة من التدريب وبعد الوصول إلى الوزن المرغوب، تتغير الاعتقادات الخاطئة عندهن وترغب كثيرات بالاستمرار بشكل مختلف 'ويقلن لي: أريد أن أصبح أقوى. أريد رفع الأوزان وأريد أن أتحدى أخي في تمرين الضغط".

"أفضل قرار اتخذته في حياتي"
كانت أمل مغرمة برياضة الجمباز منذ كانت طالبة في مرحلة الدراسة الابتدائية خلال الثمانينيات، لكنها ابتعدت زمنا طويلا عن الرياضة، وبعد التخرج من الجامعة وما تلاه من زواج وإنجاب وطلاق وعمل لسنوات طويلة، سمعت عن رياضة "كروس فيت" خلال زيارة لها لدبي، فسجلت بورشة رياضية للتعرف عليها.

بعدها أصبحت أمل تقضي إجازتها السنوية في دبي أو أمريكا للتدرب على الرياضة لمدة شهر أو أكثر وتحضر ورش عمل ودورات دولية، وخلال بقية العام كانت تستعين بحصص تدريبية عبر الإنترنت.

تقول أمل: "عليك أن تقرري ماهي أولوياتك في الحياة، وتسعين لرسم طريقك على هذا الأساس".

"كنت أدخر جزءا من راتبي الشهري لأنفقه على الرياضة فقط. لم أكن أشتري حقائب اليد غالية الثمن مثل باقي صديقاتي وقريباتي ولم أخرج إلى مطاعم فاخرة. حددت أولوياتي وحددت هدفي".

ازداد ولع أمل بهذه الرياضة، لكنها شعرت بصعوبة التوفيق بين كل مسؤولياتها من بيت وعمل وأولاد وتمرين، وأدركت عدم إمكانية إتقانها جميعا.

"كنت أبدأ تدريباتي في قبو المنزل بعد أن أضع أطفالي في أسرّتهم حوالي الساعة الحادية عشر ليلا".

لذا كان عليها اتخاذ قرار فيه قدر كبير من المخاطرة، وتقول إنها "شعرت بالخوف الشديد" عندما قررت ترك العمل والتفرغ للرياضة.

كانت مترددة في البداية خاصة وأن ترك العمل يعني فقدان الاستقرار من ناحية الحصول على تأمين صحي، وراتب شهري منتظم، وتقاعد في ما بعد.

كان الجواب واضحا حينها. لكنها قالت لنفسها إن هذا هو "الوقت المناسب لاتخاذ تلك الخطوة. إن لم أغتنم الفرصة الآن فلن يحدث ذلك أبداً."

كثيرة هي العوامل التي ساعدت أمل عندما أقدمت على قرارها الجريء بالاستقالة.

حددت أمل الهدف من عملها الجديد: "الحياة تتغير بسرعة في جدة، والناس بدأت تدرك أهمية اللياقة البدنية والتدريب، والسعوديات في هذه المرحلة بالذات في أشد الحاجة لمن يدفعهن لتغيير نمط حياتهن، لذا علي أن أشارك تجربتي معهن".

استفادت أمل من خبرتها الطويلة في مجال إدارة الأعمال، كما استخدمت كل السبل المتاحة لترويج عملها.

تقول أمل إن "وسائل التواصل الاجتماعي تمنح أي شخص منصة ترويجية مجانية"، وهذه بالضبط الطريقة التي استخدمت بها انستغرام ووصلت إلى آلاف السعوديات.

"جازف!"
في سن الواحد والأربعين، تثابر أمل على الرياضة وتتدرب لتدخل في مسابقات عالمية لفئات المحترفين فوق الأربعين عاما.

وتقول إنها تسمع الكثير من الانتقادات بسبب خيارها تغيير مجرى حياتها والتفرغ للرياضة، مثل عبارات "اتركي هذه الهوايات للشباب اليافعين"، لكنها لا تكترث. وتقول: "الشعور الذي تمنحني إياه الرياضة من صحة وقوة وثقة عالية بالنفس واستقلالية لا يجاريه شيء في العالم، حتى أن نومي أصبح هادئا و عميقا".

وتضيف أمل "كل شيء يأتي مع مساوئه، فمن الممكن أن يعتمد عليك أصدقاؤك بحمل كل شيء، الثقيل منه والخفيف".

تقول أمل إنها لا تشجع أحدا على الاستقالة من العمل، لكن "إذا كان لديك شغف حقيقي بشيء ما، جازف، واتخذ قرارات جريئة".


مواضيع:


الأخبار الأخيرة