كيف تعيد واشنطن الاستقرار إلى سوريا؟

  14 نفومبر 2018    قرأ 559
كيف تعيد واشنطن الاستقرار إلى سوريا؟

يرى الكاتب والمحلل الأمريكي ماثيو آر جيه برودسكي، في تقرير بصحيفة "ناشيونال إنترست"، إنه على الولايات المتحدة أن تسعى إلى الاستفادة من تواجدها في سوريا، بعدما قررت البقاء لفترة أطول، عن طريق خطة اقتصادية محكمة، تُعيد الاستقرار إلى هذا البلد الذي يعاني من حرب أهلية منذ نحو 7 أعوام.

يقول برودسكي: "لا تزال الولايات المتحدة، وحلفاؤها، والأكراد، يسيطرون على شمال شرق سوريا، في الوقت الذي قامت فيه قوات الأسد المدعومة من روسيا وإيران، باستعادة النصف الآخر من البلاد، لكن هذا لا يعني أن الاستقرار عاد إلى البلاد، فالأسد سيحاول استعادة السيطرة على كامل سوريا، على الرغم من الهدوء النسبي السائد في الآونة الأخيرة".

مسارات متعددة

ويلفت الكاتب إلى أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والنظام الملالي في إيران، اتخذا المسار الدبلوماسي لجذب الاستثمار الدولي لإعادة إعمار سوريا، من خلال محاولة إقناع العالم بأن الحرب قد انتهت، وأن سوريا باتت مستقرة".

ويتابع: "لجأ النظام السوري مع حلفائه إلى الطريق السياسي من خلال مشاورات "أستانة"، التي تقودها روسيا، وإيران، وتركيا، إلا أن هذه المفاوضات وضعت من أجل تدوين الإصلاحات، والإبقاء على نفس هيكلة السلطة العادة إلى بشار الأسد، وهو ما تفضله الدول الثلاث".

ويشير برودسكي، إلى أنه "على الرغم من وجود قائمة طويلة من العقد والمشاكل بين أنقرة وواشنطن، إلا أن تركيا تبقى في الوقت نفسه، شريكاً رئيسياً لكل من الولايات المتحدة وروسيا، وهو موقف لا يمكن الدفاع عنه عندما يتعلق الأمر بمستقبل سوريا. لكن من وجهة نظر أنقرة، فإن تحالف أمريكا مع الأكراد، هو ما يجعل الشراكة مترنحة وغير ثابتة".

اتفاقية اقتصادية
ويضيف المحلل الأمريكي إنه "يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها مع كل من شركائها، من أجل تعزيز موقفها مع روسيا، والطريقة للقيام بذلك، هي من خلال إبرام اتفاقية من شأنها أن تربط بين شمال شرق سوريا، وجيب إدلب الشمالي الغربي".

ويبرر الكاتب رأيه بهذه الخطة، في أن ذلك "من شأنه أن يربط العرب والأكراد مرة أخرى على جانبي نهر الفرات، مع استبعاد المناطق التي يسيطر عليها الأسد إلى الجنوب، وسيكون التركيز الأولي على التجارة، لا سيما الموارد الزراعية مثل القطن، والقمح من الشرق، والفاكهة والخضروات من الشمال الغربي، ومعظمها ضروري للاستهلاك المحلي".

ويتابع: "إن الشروع في هذه الخطة يتطلب دبلوماسية أمريكية دقيقة، لكن مثل هذا الجهد مطلوب بالفعل في مدينة منبج الشمالية، التي تقع بين مناطق النفوذ التركية والأمريكية، والطريقة الجيدة لحل القضايا الشائكة المستمرة هي تحويل المدينة إلى مركز اقتصادي ومركز للتجارة بين مناطق النفوذ التركية والأمريكية".

تسخير الإمكانات
يمكن للولايات المتحدة أن تستفيد من نفوذها الكبير في مثل هذه المفاوضات، عن طريق تسخير إمكانات موارد النفط والغاز السورية، التي يقع 95٪ منها تحت سيطرة واشنطن، وحلفائها الأكراد، والعرب، في الشمال الشرقي.

ويقول برودسكي، إنه "لتحقيق الربح من هذا المحرك الاقتصادي، فسيتطلب أولاً صقله وتصديره، لكن المصافي في حمص، وبانياس، ومحطات التصدير الثلاث على ساحل البحر المتوسط، لا تزال تحت سيطرة الأسد. الحل هو إرسالها إلى تركيا، التي ستحقق ربحاً من تحسينها وتصديرها إلى أوروبا".

وحسب رأي الكاتب "يمكن إنشاء وإدارة صندوق مشترك من قبل الولايات المتحدة، وتركيا، وممثلين عن المنطقة لمراقبة العمليات، وهو ما يسمح لهم بمنع وصول الأرباح إلى أي مجموعة طائفية".

أهداف أخرى
ويرى المحلل الأمريكي أن "عملية إعادة الدمج الاقتصادي هذه، ستؤدي في نفس الوقت إلى تحقيق أهداف أخرى متعددة، وبصرف النظر عن الفائدة الواضحة لما يقرب من 6 ملايين سوري يعيشون بالفعل داخل المنطقة الاقتصادية، فإنها ستشجع أعداداً كبيرة من اللاجئين والنازحين داخلياً على العودة دون خوف من انتقام نظام الأسد".

يقول برودسكي إن "هذا بدوره سيوفر الأساس لفرص تجارية مشروعة، ستجذب الاستثمارات الدولية، في إطار عملية إعادة إعمار سوريا، وهذا الجهد سيحرك نموذجاً اقتصادياً فعالاً للتعاون يمكن من خلاله إقامة مفاوضات جادة بين المعارضة والنظام".

ويشير الكاتب إلى أن "ربط هذه الخطة بمفاوضات جنيف، سيشير أيضاً إلى أن المجتمع الدولي لن يقسم سوريا، بينما يرسل رسالة لا لبس فيها إلى الأسد ومؤيديه بأن العودة إلى سوريا كما كانت ليست خياراً".

عزل إيران
ويلف الكاتب إلى أن "هناك فوائد إضافية للولايات المتحدة أيضاً، حيث أن مثل هذه الخطة من شأنها أن تبقي إيران معزولة مالياً فيما يتعلق بالعقوبات على قطاع الطاقة الخاص بها.

ويختم برودسكي تقريره بالإشارة إلى أن "تحريك سوريا للأمام، يتطلب التفكير خارج الصندوق، هذه الخطة ستسمح للسوريين بتحقيق ما ناضلوا من أجله منذ عام 2011، أي الكرامة، والاستقرار، وفرص العمل، وسيادة القانون، وعقد اجتماعي جديد، والأهم من ذلك كله، الحماية المادية والسياسية التي يحتاجون إليها".

ويمكن تحقيق ذلك كله دون امتلاك إدارة ترامب لسوريا، بل باستخدام قدرتها المالية الوفيرة، لتمكين الشعب السوري المستعد لتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة