مخرجة فرنسية: مسلمو الروهنغيا يتعرضون لإبادة جماعية منذ 2012

  16 سبتمبر 2017    قرأ 812
مخرجة فرنسية: مسلمو الروهنغيا يتعرضون لإبادة جماعية منذ 2012
دقت المخرجة الفرنسية من أصل مغربي، عواطف خلوقي، ناقوس الخطر الذي يحدق بمسلمي الروهنغيا في إقليم أراكان، غربي ميانمار.

نداء خلوق نابع من متابعتها الدقيقة لمسلسل الجرائم ضد الإنسانية الذي ترتكبه مليشيات قومية بوذية، وجيش ميانمار في إقليم أراكان، منذ سنوات بحق الأقلية المسلمة الروهنغية.
اهتمامها ظهر في فيلمها الوثائقي "الروهنغيا بدون وطن" الذي كان نتاج شهادة حية سجلتها خلال كسرها الحصار المفروض على الروهنغيا في يونيو/حزيران 2012، مع إعلاميين وحقوقيين رصدوا الجرائم ضد الإنسانية داخل قرى ميانمار.
المخرجة المتخصصة في الأقليات عبر العالم، تعيد رسم مأساة مسلمي الروهنغيا، في مقابلة مع الأناضول، وترصد الأسباب التي يمكن أن تجعل احتمال إبادتهم واردا إذا استمر الصمت الدولي، وغياب التحركات الحقيقية لإنقاذ أقلية حرمت الجنسية منذ 1982.
**تعتيم إعلامي
ولا تخفي خلوقي صدمتها الشديدة من الصمت الدولي الطويل أمام ما آل إليه مصير الروهينغيين، بعد تجدد تعرضهم لهجمات متواصلة تشنها الميليشيات البوذية، والجيش بإقليم أراكان، منذ صيف 2012 .
وتقول، "ظل المجتمع الدولي صامتا أمام مسلسل الإبادة الذي يواجهه الروهنغيا، باستثناء تحركات تركيا وماليزيا سنة 2013، وبعدهما السعودية في مرحلة لاحقة".
وبحسب خلوفي، فإن مجازر وانتهاكات تلك السنة كانت بمثابة عمل انتقامي، حظي بتعتيم إعلامي كبير، ضد مسلمي ميانمار بعد تدمير طالبان تماثيل "بوذا" في أفغانستان.
كما أن رئيس بورما السابق "ثين سين"، أعلن وقتها حالة الطوارئ، وأصبحت منطقة قرى الروهنغيا مغلقة بشكل كامل، ولم يستطع أحد الوصول إليها؛ سواء المؤسسات غير حكومية أو المراقبين الدوليين، كما تقول.
وتضيف بصوت حزين، "الانتهاكات الجسيمة ضد مسلمي الروهنغيا استمرت، بعيدا عن الكاميرات، ولم تهدأ، ولقد شهدت هذه الفترة مذبحة حقيقية".
**توثيق بكاميرا مخفية
الفيلم الوثائقي اضطر خلوقي وزملائها؛ رفيعة بوبكر، ودافيد مورمان إلى استخدام تقنية التصوير بالكاميرا المخفية، بحكم قيام الجيش وقوات الأمن بميانمار بمنع الصحفيين والمصورين من العمل في المنطقة.
ويعرض الفيلم مأساة مسلمي الروهنغيا في المخيمات في الدول المجاورة لميانمار، من خلال شهادات لاجئين تعرضوا لهجمات الميليشيات البوذية بدعم من الجيش الميانماري.
وأجرى فريق الفيلم حوارات مع مواطنين من قومية راخين (البوذية)، لتقديم أسباب قيامهم بالاعتداء على الروهنغيا، كما تناول وجهة نظر ممثل للروهينغيا في لندن، إلى جانب تحليل للأوضاع من طرف باحث فرنسي بمركز للأبحاث بباريس.
**جذور النزاع
وترى المخرجة السينمائية أنه لا يمكن النظر إلى الروهنغيا كجزء يمثل 30% من تعداد سكان ميانمار، بل إن الخاصية الفارقة بين أقلية الروهنغيا وباقي الأقليات، يتمثل في تجريدهم من جنسياتهم سنة 1982.
"الأخطر من ذلك أن الراخين (البوذيين) القاطنين في إقليم أراكان يعتبرونهم مهددا لوجودهم، وبنغاليين (مواطنو بنغلاديش) و(غزاة) يجب طردهم من البلاد"، تضيف خلوقي.
وتكشف عن حديثها مع عدد من البوذيين خلال زيارتها إقليم أراكان سنة 2012، الذين حاولوا تبرير موقفهم وقتالهم للروهنغيا بالقول إنهم "مسلمون إرهابيون".
وتستطرد "الراخين لا يفرقون بين المسلمين والتنظيمات الأخرى، فهم يعتبرون الروهنغيا مسلمين كـ(تنظيم) القاعدة، وأن جميع المسلمين إرهابيون".
في المقابل، ترى خلوقي أن معاناة الروهنغيا وما أصابهم من تشريد 100 ألف شخص إلى بنغلادش قسريا صيف 2012، كان "نتيجة صمت متواطئ للمجتمع الدولي".
وبنرة غاضبة تقول، "حين ذهبنا إلى أراكان، التقينا العديد من الروهينغيا التائهين بين الغابات؛ لا يعرفون أين سيذهبون بعدما حُرقت قُراهم، ونجوا من مذابح رهيبة.. جميعهم كانوا مؤمنين أنهم تركوا ليواجهوا مصيرهم وحدهم".
ترجع خلوقي بالذاكرة وتقول، "كنا ننتظر صدور تقرير منظمة هيومن رايتس وتش (منظمة دولية حقوقية)، يتحدث عن مشاركة الجيش في تطهير عرقي ببورما سنة 2013، وصدرت فعلا لكن دون أي قرار بالتدخل لإنقاذهم".
** صمتٌ ومآسي لجوء
معاناة الروهنغيا، بحسب خلوقي، لم ترتبط فقط بالمجازر التي يتعرضون في أراكان، بل رافقتهم حتى بعد لجوئهم إلى الدول المجاورة لميانمار.
وتقول، "نهاية صيف 2012 حين أقفلت بنغلاديش حدودها في وجه الأراكانيين، اضطروا للفرار إلى تايلاند، وهناك أصبحوا عرضة للسقوط في أيدي عصابات الاتجار بالبشر، التي تبيع النساء والأطفال وتجبرهم على ممارسة الجنس بالقوة".
أما بخصوص الصمت الدولي طوال السنوات الماضية، فترى خلوقي أن بعض الدول ربما كانت تنظر بعين الرضا إلى الانفتاح الاقتصادي و"الانتقال الديمقراطي" في ميانمار، خاصة بعد انتخاب المعارِضة، أونغ سان سوكي ، نائبة ومسؤولة مدنية بالسلطة.
"لكن على الرغم من وصولها قيادة السلطة المدنية (بعد حكم عسكري) في ميانمار، لم تشجب سوكي أو تستنكر ما يتعرض له الروهنغيا من اضطهاد؛ بل على العكس من ذلك أنكرت وقللت من أهمية ما يحدث"، هكذا تقول خلوقي.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الأربعاء، أن عدد لاجئي أراكان إلى بنغلاديش هربًا من أعمال العنف التي اندلعت بميانمار ، قارب 400 ألف شخص؛ بينهم 220 ألف طفل دون 18سنة.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار إبادة جماعية بحق المسلمين الروهنغيا في إقليم أراكان (راخين)، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، بحسب ناشطين أراكانيين.

مواضيع: الروهنغيا  


الأخبار الأخيرة