وفصل الرئيس الفرنسي في خطابه الذي تابعه 23 مليون مشاهد مساء أمس الإثنين، التدابير الاجتماعية الجديدة من زيادة شهرية تبلغ 100 يورو للموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الرواتب القليلة للمتقاعدين (أقل من ألفي يورو)، وأمل في احتواء الأزمة التي تمر بها فرنسا.
وقال متحدث باسم "السترات الصفراء" في إقليم البيرينيه الشرقية (جنوب غرب) توماس ميراليس، "على الفور، قلت لنفسي إن ماكرون أصغى إلينا قليلاً" مضيفاً "لكن عندما ننظر إلى التفاصيل، في الواقع (لم يفعل ذلك) على الإطلاق".
وأوضحن أن التدابير التي أعلن عنها ماكرون "لا تعني الجميع". وتابع ميراليس الذي يعتزم التظاهر السبت في باريس "للمرة الأولى" تعبيراً عن استيائه، "هنا، نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أعلنه الرئيس، التعبئة مستمرة".
وبعد الخطاب الرئاسي مساء أمس الإثنين، عبّر كثيرون من "السترات الصفراء" عن استيائهم.
قال تييري (55 عاماً) ميكانيكي الدراجات وهو في طريقه "لإغلاق" الطريق المدفوع في بولو على الحدود الفرنسية الإسبانية، "كل هذا سينما".
إيجابية محدودة
وتلقى آخرون ما أعلنه ماكرون بإيجابية أكثر. وأشار كلود رامبور (42 عاماً) أحد محتجي "السترات الصفراء" في شمال فرنسا إلى أن "هناك أفكار جيدة، اعتراف بالذنب، وصل متأخراً جداً لكننا لن نرفضه".
ودعت ناطقة باسم "السترات الصفراء" جاكلين مورو المعروفة باعتدالها، إلى "هدنة" معبرة عن ترحيبها "بتطور وباب فتحته" السلطات.
لكن على نطاق أكثر شمولاً، اختلفت آراء الفرنسيين بشأن مواصلة التحرك بعد إعلانات الرئيس.
وبحسب دراسة أجراها معهد "اودوكسا" لاستطلاعات الرأي، أعربت غالبية محدودة من الفرنسيين (54%) عن رغبتها مساء أمس الإثنين، في استمرار تحركات "السترات الصفراء" مقابل 66% منذ ثلاثة أسابيع.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو، اليوم الثلاثاء، إن مجمل الإجراءات التي أعلنها ماكرون يفترض أن تكلف فرنسا "بين 8 و10 مليارات يورو".
وأكد رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران، أن العجز العام سيتخطى بذلك عتبة الـ3% التي حددتها المفوضية الأوروبية "لكن بشكل مؤقت بالتأكيد".
وحذر مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيار موسكوفيسي، أن تأثير إعلانات الرئيس على العجز الفرنسي ستتابعه المفوضية الأوروبية "بانتباه".
من جهتها، رأت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) أن ماكرون "لم يفهم شيئاً من الغضب الذي يتم التعبير عنه". وعبر لوران بيرجيه أحد قادة النقابة المعتدلة الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل (سي اف دي تي) "لدينا ردود على الأمد القصير، ليست لدينا ردود على المديين المتوسط والطويل".
في صفوف السياسيين، دعا رئيس اللجنة المالية في الجمعية الوطنية ايريك فورت (يمين) "السترات الصفراء" إلى "الانسحاب من المستديرات".
وصرح رئيس كتلة نواب حزب اليمين كريستيان جاكوب: "لم يسبق أن وُضعت أي حكومة موضع تساؤل بشكل مباشر إلى هذا الحد".
إسقاط الحكومة
وأعلن نواب من اليسار الثلاثاء، إطلاق آلية في الجمعية الوطنية لإسقاط الحكومة. إلا أن مذكرة حجب الثقة هذه ليس لديها أي فرصة بالنجاح.
من جهته، قدم زعيم اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، دعمه "لفصل خامس" من الاحتجاج، أي خامس سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 نوفمبر (تشرين ثاني) رغم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات في الأسبوعين الأخيرين.
وكان ماكرون حذر الإثنين، من أن "أعمال العنف غير المقبولة...لن تستفيد من أي تسامح".
وسيرسم إدوار فيليب أمام الجمعية الوطنية معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التي عددها الرئيس بدءاً من الساعة 14:00 توقيت غرينيتش.
أما ماكرون فسيستقبل بعد الظهر ممثلين عن القطاع المصرفي ومساء 370 نائباً وسيناتوراً من الأكثرية للتحدث عن خطواته.
والأربعاء، سيلتقي ماكرون مسؤولي الشركات الكبيرة ليطلب منهم "المشاركة في الجهد الجماعي".
وصرحت ثلاث مجموعات فرنسية اليوم الثلاثاء، أنها ستمنح "مكافآت استثنائية" لموظفيها، كما طلب ماكرون.
على خط مواز، يواصل طلاب المدارس الثانوية حركتهم الاحتجاجية بمطالب مختلفة لكنها ولدت في أوج حركة "السترات الصفراء". وتشهد 170 مدرسة ثانوية من أصل أكثر من ألفين اليوم الثلاثاء، اضطرابات في العمل مقابل 450 مدرسة في اليوم السابق.
مواضيع: