من المحتمل حسب تقرير إذاعة VOA News الأميركية أن تتسبب زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأنقرة في زيادة تدهور العلاقات التركية-الأميركية التي توترت مؤخراً بسبب تهديد أنقرة بالهجوم على الميليشيات الكردية السورية التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفها الرئيسي في القتال ضد داعش.
ما زال الغموض يكتنف الطريقة التي ستواصل بها الولايات المتحدة الانخراط في المنطقة بعد سحب القوات من سوريا، لكنَّ بيان البيت الأبيض أطلق على عملية الانسحاب اسم «المرحلة التالية» من الحملة العسكرية التي ما زالت تركز على حرمان «الإرهابيين الإسلاميين المتشددين من الأرض والتمويل والدعم وأي وسائل لاختراق حدودنا».
تأثير انسحاب القوات
أثار قرار الانسحاب المعلن انزعاج الميليشيات الكردية السورية التي تُعَد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، قائلين إنَّ الانسحاب السريع سيُعرضهم للهجوم الذي هددت به تركيا.
من المتوقع أن يحاول روحاني خلال زيارته إلى أنقرة تعميق الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن الميليشيات الكردية السورية و»وحدات حماية الشعب» الكردية الانفصالية.
وفي ظل سيطرة الميليشيات على رُبع الأراضي السورية تقريباً، يقول محللون إنَّ واشنطن ترى الآن أنها تُسهِم في تحجيم النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا.
تتهم أنقرة وحدات حماية الشعب بدعم جماعة حزب العمال الكردستاني المتمردة التي تُقاتل منذ عقود لإحداث تمرّد في تركيا. لكنَّ أردوغان تعهّد بطرد وحدات حماية الشعب الكردية من الأراضي السورية المتاخمة للحدود التركية، مع احتشاد القوات التركية على الحدود مع سوريا.
ويقول حسين باجي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة: «من الممكن إذا تدخلت تركيا في سوريا أن تكون تركيا على الجانب المقابل لأميركا وستكون المواجهة حتمية ومن المحتمل أن يدعم الإيرانيون تركيا».
التعاون
في ظل وجود أقليةً كردية متمردة في إيران ذات طموحات انفصالية مماثلة، يُرجِّح باجي أنَّ روحاني سيتقرَّب إلى أردوغان بذريعة الحاجة إلى العمل المشترك.
وأضاف باجي: «يعاني الإيرانيون نفس المشكلات الكردية مثل الأتراك. وهناك الكثير من القضايا المشتركة؛ فالأتراك والعرب والإيرانيون لديهم عدو مشترك، وهو الأكراد الذين يحاولون تأسيس دولة كردية في المنطقة. وفي الوقت الراهن، تبدو هي حامية هذه الدولة الكردية وداعمتها».
لكنَّ بعض المحللين يرون أن النظام السوري المدعوم إيرانياً ربما يكون لديه تحفظات على أي عملية تركية في سوريا، وإن كان متخوفاً من الانفصال الكردي.
يقول آيدين سيلجن الدبلوماسي التركي السابق: «من مصلحة دمشق عدم إقامة منطقة واقعةٍ تحت سيطرة وحدات حماية الشعب، لذا قد تتغاضى دمشق عن أي عملية تركية. لكنَّ دمشق بالطبع لن تُرحِّب بوجود قوات مسلحة تركية ذات هدفٍ غير محدد على أراضيها».
في خطوة لاحتواء مخاوف دمشق، قال مسؤولون إيرانيون، الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول، إنَّ أنقرة يتعين عليها أن تحصل على إذن دمشق قبل تنفيذ أي عملية عسكرية في سوريا.
يُذكَر أنَّ دمشق اعترضت بشدة من قبل على تنفيذ تركيا عمليتين عسكريتين سابقتين ضد وحدات حماية الشعب في سوريا. وتسيطر القوات التركية في الوقت الراهن على رقعة شاسعة من الأراضي السورية. ويقول محللون إنَّ سيطرة أنقرة على أراضٍ سورية تُعَد جزءاً من استراتيجيتها لضمان أن يكون لها صوت في أي مفاوضات بشأن مستقبل سوريا.
وتظل إيران وتركيا متنافسين إقليميين تاريخيين مع أنَّهما يعملان معاً في سوريا. ويقول باجي إن التنافس قد يؤدي في النهاية إلى اشتراك تركيا مع الولايات المتحدة في هدفٍ واحد، وهو احتواء إيران.
وأضاف باجي: «تركيا غير سعيدة بسبب زيادة استحواذ إيران على المزيد من الأراضي والنفوذ في المنطقة. وتدرك تركيا أنَّها ستكون الطرف الخاسر على المدى البعيد».
وقال سيلجن الدبلوماسي التركي السابق إنَّ مصالح أنقرة الإقليمية الاستراتيجية طويلة المدى قد تكون أقرب إلى مصالح واشنطن منها إلى طهران، إذا تخلَّت واشنطن عن دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية.
وأضاف سيلجن: «هذا استمرارٌ لسياسة واشنطن بوسائل مختلفة وشركاء مختلفين. إنهم يريدون إقصاء إيران عن هذه المنطقة، من شرق نهر الفرات. وفور دخول القوات التركية هناك، سيعني ذلك أنَّ إيران ستبقى خارجها».
مسألة ثقة
ويقول محللون إنَّ دعوة أردوغان إلى روحاني لزيارة أنقرة في لحظة حاسمة في تاريخ العلاقات التركية-الأميركية ستوفر ذريعةً لنُقَّاد الرئيس التركي في واشنطن الذين يقولون إنَّ تركيا أصبحت حليفاً لا يمكن الاعتماد عليه.
وقد دعا أردوغان روحاني لحضور الاجتماع الخامس لمجلس التعاون التركي-الإيراني رفيع المستوى الذي أُنشئ لتنسيق الجهود الدبلوماسية والاقتصادية.
arabicpost
مواضيع: