وخطف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأضواء في منتدى دافوس العام الماضي، بأجندته لخفض الضرائب التي انسجمت مع رغبات الشركات، رغم أن العديد من الحاضرين كانوا أكثر تحمساً لخطابه الجريء عن التجارة والإعلام.
إلا أن ترامب استبعد تكرار الزيارة، وألغى أمس الخميس أي تمثيل لمسؤولين أمريكيين في منتدى هذا العام، مع استمرار إغلاق الحكومة الجزئي بسبب الخلاف على تمويل بناء جدار على حدود بلاده مع المكسيك.
وكان من المقرر أن يشارك وزير الخزانة ستيفن منوتشين، ووزير الخارجية مايك بومبيو في المنتدى، إضافةً إلى نائب الرئيس الصيني وانغ كيشان، وسط محاولة البلدين التفاوض على هدنة لحرب الرسوم الدائرة بينهما، وسيُخلي ذلك الساحة للرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، لسرقة الأضواء في أول زيارة له إلى الخارج منذ توليه منصبه في وقت سابق، من هذا الشهر.
ويبدأ أسبوع دافوس للتعارف بين الحاضرين يوم الإثنين المقبل، وسيشهد مجموعة من المناقشات حول قضايا من بينها التربية الجيدة في العصر الرقمي، والوحدة المزمنة، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون إضرار بالوظائف، ويُتوقع أن يشارك في المنتدى نحو 3 آلاف سياسي، ورجل أعمال من بينهم 65 من قادة الحكومات.
وستسلط الأضواء في المنتدى على غابات الأمازون البرازيلية، بعد أن أظهرت دراسة نشرها منتدى دافوس الاقتصادي هذا الأسبوع، قلق مجتمع دافوس بشكل خاص على التغير المناخي، وسط مصادر قلق سياسية واقتصادية.
وأكدت الدراسة المخاوف من أنماط الطقس القاسية، ومخاطر تعطل مجموعة من القطاعات من بينها قطاع النقل واللوجستيات، وما يذكر بذلك التساقط الكثيف للثلوج، والانهيارات الثلجية التي شهدتها جبال الألب هذا الأسبوع، وأدت إلى توقف مؤقت لخط القطار إلى دافوس.
ومثل ترامب يُشكك بولسونارو في التغير المناخي، كما أن عقليته المحابية للأعمال، وتعيينه وزيراً يمينياً يفكر بنفس طريقته وزيراً للبيئة، زادت المخاوف من إزالة الغابات في الأمازون، وسيلقي بولسونارو رئيس أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، كلمة رئيسية في دافوس يوم الثلاثاء المقبل، ووعد بتحويل البرازيل إلى دولة مختلفة حرة من الارتباطات الأيديولوجية، والفساد.
ومثل ترامب، انتقد بولسونارو الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، رغم زيادة وارداتها الزراعية من البرازيل والتي تنتج جزءاً منها أراض في الأمازون أزيلت منها الغابات، وتستورد الصين هذه المنتجات بديلاً عن المنتجات الأمريكية، وسط الحرب التجارية مع ترامب.
وقال رئيس مجلس إدارة "انترناشونال كابيتال ستراتيجيز" دوغلاس رييكير في واشنطن في مكالمة هاتفية إن "تاريخ بولسونارو لا يشير إلى أنه سيكون من المتحمسين لتبني مبادئ منتدى دافوس الاقتصادي للتعاون بين الحدود".
وسيرافق بولسونارو وزير اقتصاده باولو غيديس الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، والذي يتحدث بلغة مؤيدة للاستثمارات تلقى شعبية في دافوس، ونظراً لأنه أول تجمع دولي في 2019، كان من المفترض أن تهيمن مسألة المناخ على المنتدى، بحسب ما قالت المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس جنيفر مورغان.
وأضافت "بدل ذلك فإن الأجندة تتناول التغير المناخي على أنه واحداً من العديد من القضايا الأخرى، والنخبة في دافوس لا تزال تتظاهر بأنه لا يزال لدينا الوقت لحل أزمة المناخ، ولكن ليس لدينا وقت".
وسيدخل التغير المناخي في معظم برنامج دافوس هذا العام، فمع مشاركة رؤساء نحو 1700 شركة، فإن المناقشات ستركز على كيفية محاولة عالم الأعمال التأقلم مع التغير المناخي، رغم أن ترامب تخلى عن قيادة الولايات المتحدة لمواجهة هذا التهديد.
وبالنسبة لكلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي منتدى دافوس الاقتصادي، فإن تجمع النخبة يحتاج كذلك إلى التطرق إلى "الخاسرين" من العولمة وإيجاد طرق لرعاية الذين تُركوا في الخلف.
وكانت مسألة "الذين تخلفوا" محور الموجة المناهضة للمؤسسات الحاكمة التي أدت في 2016 إلى قرار الشعب البريطاني في الاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس(أذار) المقبل، وستسود مشاعر القلق في دافوس من احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، بعد رفض البرلمان البريطاني خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من الاتحاد.
ولن تشارك ماي في مؤتمر دافوس، وستبقى في بلادها للتركيز على حل المأزق في بلادها، ولكن وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس سيتوجه إلى المنتدى لإقناع المشاركين بمستقبل بريطانيا بعد البريكست.
وقال دبلوماسي أوروبي بارز: "مع بريكست، والحروب التجارية، والشعبوية فإن السياسة، وليس الاقتصاد، هي التي تقود مناقشات دافوس هذا العام، على عكس السنوات السابقة".
مواضيع: