استناداً للطبيب، سيف سعد الدين، الذي أدار عيادة طوارئ مؤقتة للإسعافات أثناء عمليات تحرير الموصل فإن قسماً من هؤلاء الذين يعانون اضطرابات سمعية سيتماثلون للتعافي بقدر معين في سمعهم، أما الآخرون فلا مجال لشفائهم لأن الخلايا العصبية للسمع لديهم قد تمزقت بسبب أصوات الانفجارات.
قنابل
ويضيف الطبيب، سعد الدين، «رأيت كثيراً من الناس المرضى بحيث لا أستطيع إحصاءهم وهم ينزفون من آذانهم بعد سقوط قذائف على بيوتهم وتعرضهم لقصف جوي. لم تتوفر لدينا أدوية علاجية لهم سوى القطن نضعه في أذنهم»، وهناك طبيب آخر، رفض الكشف عن اسمه، قال: إن الصوت الذي تتجاوز درجته 90 ديسبيل، فما فوق وهي وحدة قياس درجات الصوت تكون مؤثرة على الأعصاب السمعية للأذن، مشيراً إلى أن صوت القنابل والقصف تفوق هذه الدرجة بكثير وهي ما تسببت بانتشار حالات فقدان السمع لأهالي الموصل الذين عايشوا الحرب.
واستناداً إلى مرصد، أيروورس Airwars، الدولي المتابع للغارات الجوية فإن التحالف الدولي نفذ ما يقارب من 14 ألف غارة جوية في كل من العراق وسوريا وذلك منذ العام 2014، ولكن التأثيرات الصحية طويلة الأجل لهذه الغارات على السكان المدنيين غالباً ما تكون غير معروفة.عبد الوهاب صالح 57 عاماً، أحد أهالي سكان الموصل، يقول بحسب موقع، «فايس»، الإخباري الأمريكي إنه يعاني من فقدان السمع وضعفه لديه بسبب الحرب وتعرض بيته للقصف، حيث فقد 60% من قوة سمعه.
إحصاء
ومضى، صالح، قائلاً «طائرات التحالف قصفت بيتي وفقدت اثنين من أفراد عائلتي. الأطباء قالوا لي إن العصب السمعي تمزق جزئياً لديّ وإني فقدت 60% من قدرة السمع»، وقال الطبيب الذي رفض الكشف عن اسمه إن الحرب لا تعرف فقيراً أو غنياً، الكل معرض للأذى، مشيراً إلى أن 10% من مرضاه يعانون فقدان السمع بسبب الحرب. وإنه ليس هناك إحصاء دقيقة بعدد هذه الحالات.
وأردف الطبيب قائلاً «نحن ليس دقيقين بإحصاءاتنا في العراق. هناك الكثير من الحالات من هذا النوع لا نعرف بها، كثير من المرضى ليس لديهم ما يكفي من أموال لمراجعة طبيب أو الذهاب إلى مستشفى أهلي. والسلطات الطبية لا تقدم حلولاً بديلة لهؤلاء الضحايا».
جمال ناصر، طبيب اختصاص بالمشاكل السمعية في الموصل، يقول إنه خلال الأسابيع التي أعقبت هزيمة داعش في عام 2017 كان مستشفى الموصل العام يستقبل 20 مريضاً يومياً كمعدل من الذين يعانون مشاكل في السمع بسبب الحرب، مشيراً إلى أن قسم جراحة الأنف والأذن والحنجرة في المستشفى لا يزال مكتظاً بالمراجعين من هؤلاء، حيث شهد المستشفى آلافاً من هذه الحالات بين أهالي الموصل.
صباح شهاب أحمد 50 عاماً، يقول إنه كان يعيش قرب معمل نسيج وإنه في مارس عام 2017 سقطت أكثر من عشر قنابل على المعمل تسبب العصف بتمزيق طبلة الأذن. أنفق أحمد 25 ألف دينار أجور فحص اختبار سمعي لأذنه، وهذا ما يعادل أجور عمل يومين بالنسبة له وليس له مال كافٍ يشتري به دواء. ويقول أحمد «الحرب قتلتني.. لقد فقدت سمعي».
الطفل، عقيل قيس 13 عاماً، لا يعرف في ما إذا تمزق عنده العصب السمعي أم لا، عائلته فقيرة جداً لا يمكنها تسديد مصاريف العلاج. قيس فقد نسبة كبيرة من قدرات سمعه، وذلك عندما تعرض بيتهم في ضواحي الموصل في مايو 2017 لقصف جوي. ويقول قيس «شعرت بألم كبير في أذني ولكني كنت محظوظاً لبقائي على قيد الحياة».
يقول الطبيب الاختصاصي في مستشفى الموصل «الأطفال عندما يفقدون سمعهم فإنهم يواجهون صعوبات نفسية وعزلة اجتماعية، إذ إنهم لم يعودوا قادرين على التواصل مع زملائهم في المدرسة ويتعرضون لإحراجات وتعليقات، هذا التأثير والضرر سيلازمهم طوال حياتهم».
مواضيع: