أعمال "معادية للسامية" تثير جدلا في فرنسا ومطالبات بمساواتها بـ"معاداة الصهيونية"

  20 فبراير 2019    قرأ 745
أعمال "معادية للسامية" تثير جدلا في فرنسا ومطالبات بمساواتها بـ"معاداة الصهيونية"

تعيش فرنسا منذ نحو أسبوع جدلا واسعا بعد سلسلة أعمال عدها مراقبون "معادية للسامية" ذكرت، بحسب الصحافة المحلية، بماضي فرنسا التي تعاونت مع ألمانيا النازية في اضطهاد اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.

وثار الجدل بعد قيام بضعة أشخاص من السترات الصفراء يوم السبت الماضي في باريس بإهانة وشتم الأكاديمي والفيلسوف "آلان فينكلفروت" بسبب أصوله اليهودية، فعلى هامش مظاهرات "السترات الصفراء" التي نظمت في باريس ككل سبت، قام عدد من "السترات الصفراء" بتوجيه الشتائم لآلان فينكلفروت بعد أن شاهدوه صدفة في الشارع قائلين له: "أيها الصهيوني الحقير إرحل من هنا. نحن شعب فرنسا. فرنسا لنا يا أيها الصهيوني الحقير".

وقام أحد الأشخاص بنشر شريط مصور يظهر فيه بعض المتظاهرين وهم يشتمون فينكلفروت ، مما أثار موجة استنكار عارمة حيث قامت الطبقة السياسية جمعاء بإدانة الإهانات "المعادية للسامية".

هذا وقد تم أيضا يوم السبت الماضي خلال مظاهرات "السترات الصفراء"، تم كتابة كلمة "يهود" بالألمانية على واجهة أحد المحال في باريس وهي كلمة كان يكتبها النازيون في ألمانيا على منازل ومحال اليهود لتمييزهم عن الباقين.

وبالإضافة الى الأعمال "المعادية للسامية" التي شهدتها باريس الأسبوع الماضي، استفاق أهالي بلدة كفاتسينهايم الواقعة شمال شرق البلاد، اليوم الثلاثاء 19 شباط/ فبراير، على خبر قيام مجهولين بتدنيس مقبرة يهودية في البلدة.

تجريم "معاداة الصهيونية"

وظهر جدل داخل الطبقة السياسية الفرنسية ووسط دائرة المثقفين بعد اقتراح عدد من النواب اعتماد تشريع جديد ينص على الاعتراف بمعاداة الصهيونية كشكل من أشكال معاداة السامية. هذا ومن المنتظر أن يجتمع حوالى 30 نائبا يترأسهم النائب عن حزب "الجمهورية الى الأمام" سيلفان مايار، الموالي للرئيس ماكرون مساء اليوم لكي يقدموا مشروع قرار ينص على الاعتراف بمعاداة الصهيونية كشكل من أشكال معاداة السامية. 

ومن خلال هذه المبادرة يسعى النواب إلى تجريم "معاداة الصهيونية" أسوة بـ"معاداة السامية"، فالقانون الفرنسي يجرم أي شكل من أشكال التمييز العنصري أو الديني؛ وبالتالي تصبح معاداة الصهيونية بمثابة جرم بما أنها ستصبح شكلا من أشكال التمييز العنصري والديني.

وفيما يدعم البعض المبادرة التي أطلقها النواب ، يرى البعض الآخر فيها "مزجا غير منطقي، وشكلا من أشكال فرض الاستبداد الفكري".

ويقول الصحافي والمؤرخ، دومينيك فيدال، المختص بمنطقة الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأن الاعتراف بمعاداة الصهيونية كشكل من أشكال معاداة السامية هو بمثابة فرض شكل من "الاستبداد الفكري من خلال تجريم الأفكار".

وقال فيدال خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة "فرانس أنفو" الفرنسية بأنه "يجب التمييز بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية؛ فالصهيونية هي تيار سياسي وأيديولوجي وبالتالي يحق لأي شخص أن يكون معاديا لتيار سياسي وعقائدي. أما معاداة السامية والتي تعني معاداة الديانة اليهودية فهي مسألة أخرى يجب إدانتها وتجريمها لأنها تدخل في خانة التمييز العنصري والديني".

رأي للرئيس ماكرون

هذا وقد كان الرئيس إيمانويل ماكرون صرح شهر تموز/ يوليو عام 2017  قائلا بأن "معاداة الصهيونية هي شكل جديد من معاداة السامية" مما أثار سلسلة ردود فعل بين داعمة وشاجبة.

وعلى الرغم من التصريح الذي أدلى به عام 2017، اعتبر ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الجورجية بأن "تجريم معاداة الصهيونية ليس حلا".

ومن المتوقع أن يتم تنظيم عدد من المسيرات، مساء اليوم، على كافة الأراضي الفرنسية رفضا "لمعاداة السامية". أما في باريس فستبدأ المسيرة على الساعة السادسة مساءا بتوقيت غرينيتش من ساحة "الجمهورية" حيث سيشارك فيها عدد كبير من السياسيين والمسؤولين بالإضافة للمواطنين.

ومن المنتظر أن يشارك بالمسيرة 53 حزب سياسي وذلك بعد المبادرة التي أطلقها أمين عام الحزب الاشتراكي أوليفييه فور بتنظيم المسيرة. ومن بين المشاركين أيضا رئيس الحكومة إدوار فيليب والرئيسان السابقان فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي.

"التجمع الوطني الفرنسي" لن يحضر

أما الرئيس ماكرون فلن يشارك بالمسيرة بل سيتوجه على الساعة الخامسة من بعد الظهر بتوقيت غرينتش برفقة رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشي إلى النصب التذكاري الذي يخلد ذكرى محرقة اليهود في العاصمة باريس. ويسعى ماكرون من خلال ذلك الى إظهار تضامنه مع الطائفة اليهودية في فرنسا ورفضه لمعاداة السامية.

إقرأ أيضا: الأسد: إعلام الكويت مشرف و"العربي" انساق وراء المؤسسات الصهيونية الأمريكية

أما الغائب الوحيد عن مسيرة رفض "معاداة السامية" فهي زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف مارين لوبن التي رفضت المشاركة في المسيرة الى جانب الأحزاب معتبرة بأن هذه الأحزاب "تستغل المناسبة لمصالحها السياسية" مؤكدة بأن الطبقة السياسية في فرنسا "لا تأبه فعليا بمعاناة اليهود".

وللتعبير عن رفضها لمعاداة السامية قررت مارين لوبن مع مناصريها تنظيم تجمع في باريس منفصل عن المسيرة التي ستجري بحضور كافة الأحزاب السياسية وذلك تأكيدا منها على "رفضها لمعاداة السامية ورفضها لسياسات الطبقة الحاكمة بحسب ما قالت."

واعتبرت لوبن بأن معاداة السامية تأتي خاصة من طرف "الإسلام المتطرف في فرنسا" مقللة من دور اليمين المتطرف حيث اعتبرت بأن "اليمين المتطرف المعادي للسامية يتألف من بضع مجموعات متفرقة وصغيرة جداً لا تأثير لها، على عكس الإسلام المتطرف".

 

 


مواضيع:


الأخبار الأخيرة