غير أن "غياب الثقة في الولايات المتحدة يعد عائقا كبيرا أمام أي تقدم" كما يعتقد البروفيسور لي وونغ هايون من المعهد الكوري للدراسات الجيوإستراتيجية.
ونجحت قمة سنغافورة الصيف الماضي في وضع إطار عام يتضمن إعلان مبادئ بشأن قضايا السلام والتعاون ونزع السلاح النووي ورفع العقوبات وتطبيع العلاقات، إلا أنه لم تتخذ أي خطوات فعلية لتحقيق هذه المبادئ، ووضعت قمة سنغافورة إطارا رباعيا اعتمد على:
- وقف التجارب الصاروخية من جانب كوريا الشمالية.
- تخفيض حجم وطبيعة المناورات التي تجريها الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية.
-الاتفاق على نقل رفات الجنود الأميركيين للولايات المتحدة.
- الاتفاق المبدئي على العمل لإخلاء شبة الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية وبناء السلام.
وظهرت خلافات بشأن المقصود بـ"بناء سلام"، و"التخلص من الأسلحة النووية".
ولم يتفق الطرفان على تعريف معنى "إقامة السلام" أو "التخلص من السلاح النووي"، فعلى الرغم من أن كوريا الشمالية أوقفت تجاربها النووية والصاروخية فإنها تستطيع العودة في أي وقت لهما عند الضرورة.
وتشير تقديرات أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى أن "نظام كوريا الشمالية لن يتخلص من السلاح النووي الذي يراه ضرورة لبقائه".
ورصدت الجزيرة نت أربعة ملفات يطغى الحديث عنها بين خبراء الشؤون الآسيوية من أكاديميين وصحفيين تجمعوا في هانوي على هامش القمة الثانية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
أولا: إنهاء حالة الحرب رسميا
توقفت الحرب الكورية عام 1953 بعد التوصل لاتفاق هدنة بين الأطراف المتحاربة، وشملت ترتيبات تحالف واشنطن مع كوريا الجنوبية بعد إنهاء القتال بقاء أكثر من 23 ألف عسكري أميركي قرب الحدود مع كوريا الشمالية، ويجري الطرفان مناورات عسكرية واسعة سنويا تظهر فيها واشنطن أحدث ما تنتجه الآلة العسكرية الأميركية.
وأدت تطورات الأحداث على مدار العقود الأخيرة إلى امتلاك كوريا الشمالية قنابل نووية والوصول لتصنيع وسائل إطلاقها ممثلا في الصواريخ طويلة المدى التي تستطيع معها بسهولة تدمير عواصم دول حليفة للولايات المتحدة، مثل سول أو العاصمة اليابانية طوكيو.
وإضافة إلى ذلك تدعي كوريا الشمالية امتلاكها صواريخ عابرة للقارات تستطيع الوصول إلى مدن أميركية.
من هنا لم يعد أحد يتحدث عن عقد اتفاقية سلام موسعة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة نظرا لتعقيدات تفاصيلها، وترغب الأطراف فقط في تحقيق اختراق دبلوماسي بإنهاء الحرب رسميا كخطوة يمكن البناء عليها لاحقا.
يسمح الاتفاق على إنهاء حالة الحرب بأن تبدأ خطوات تأسيس علاقات دبلوماسية بين الدولتين.
وتسعى بيونغ يانغ بشدة لهذا السيناريو، إلا أن واشنطن وحلفاءها في كوريا الشمالية واليابان يريدون أن تقدم كوريا الشمالية مقابل ذلك قبل بدء خطوات التطبيع.
ولا تظهر كوريا الشمالية أي بادرة على استعدادها لتقديم تنازلات بعد توقفها عن إجراء تجارب نووية ووقف تجارب الصواريخ طويلة المدى.
ثالثا: نزع السلاح النووي
يدرك خبراء الشأن الكوري الشمالي في واشنطن أن نظام بيونغ يانغ لن يتخلص من أسلحته النووية، حيث إنها سلاح رادع لا بديل له أمام أي محاولات لتغيير النظام أو لشن حرب على بيونغ يانغ.
ويحاول الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن يمنح بلاده اعترافا وقبولا دوليا بأنها قوة نووية مثلما حدث مع دول أخرى كباكستان والهند على سبيل المثال.
وخلال خطاب كيم -في مناسبة الاحتفال برأس السنة- أشار إلى أن بلاده "لن تنتج أو تنشر الأسلحة النووية كجزء من التزامه بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية"، أي أن بيونغ يانغ تفسر توقفها عن إنتاج المزيد من القنابل النووية أو الصواريخ طويلة المدى بأنه التزم كاف لها يجب على إثره أن ترفع واشنطن العقوبات عليها وتبدأ خطوات تطبيع العلاقات وإحلال السلام.
رابعا: رفع العقوبات
حتى الآن تتبنى واشنطن شرطا لرفع العقوبات عن كوريا الشمالية يتمثل في تخلص بيونغ يانغ من كامل ترسانتها النووية.
وتعود بنا هذه النقطة إلى خلاف تعريف الطرفين لما هو مقصود "بنزع السلاح النووي".
وفرضت الولايات المتحدة والجماعة الدولية ممثلة في مجلس الأمن الكثير من العقوبات المالية والاقتصادية والسياسية والتجارية على كوريا الشمالية بسبب تطويرها أسلحة نووية وصواريخ طويلة المدى على مدار السنوات الماضية، ولا ترغب طوكيو أو سول في بدء رفع العقوبات إلا بعد زوال الخطر النووي لكوريا الشمالية.
واقعية التوقعات
لا ترى واشنطن وبيونغ يانغ الصورة نفسها من قضايا المفاوضات وطرق حلها، إلا أن وجود رئيس مثل ترامب يسعى لتحقيق أي انتصارات "تاريخية" قد يدفع لتحقيق مفاجآت في هانوي على عكس كل التوقعات.
ويعتقد البروفيسور ليون سيجال من مشروع التعاون الأمني الأسيوي أن نظام بيونغ يانغ يرغب في إحداث تغيير دراماتيكي في علاقاته بواشنطن لينتقل معها من خانة العداء إلى خانة الأصدقاء.
ويعني جلوس رئيسي الدولتين للمرة الثانية خلال تسعة أشهر -وفق البروفيسور- أن هناك احتمالا لتحقيق بعض النجاحات إلا أن العقبة الكبرى تتمثل في اختلاف تعريف الطرفين للقضايا محل الخلاف.
مواضيع: