الجزائريون من الغضب الافتراضي إلى الشارع

  06 ‏مارس 2019    قرأ 692
الجزائريون من الغضب الافتراضي إلى الشارع

"لا لعهدة خامسة"، "عصيان مدني"، "الجزائر تنتفض"، أكثر من هاشتاق انتشر على نطاق واسع على فيس بوك وتويتر منذ 22 فبراير (شباط)، مساهماً بقوة في التعبئة احتجاجاً على ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.

واستجاب عشرات الآلاف من الجزائريين إلى النداءات التي انتشرت على الإنترنت تدعو إلى التظاهر، ما أدى إلى موجة احتجاجات غير مسبوقة في جميع أنحاء الجزائر.

ويقول عقبة بلعباس، وهو واحد من الأعضاء المؤسسين الـ 25 لـ"مجموعة الشباب المناضل" الجزائرية، إن "شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دوراً مهماً للغاية، فالكلمة تنتشر أسرع من قبل والأمور يمكن أن تسير بسرعة جداً".

وتأسست هذه المجموعة التي تضم صحافيين ومحامين ونشطاء وطلاب دكتوراه في الثلاثينات من عمرهم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، وقررت "المشاركة بفاعلية" في الحركة الاحتجاجية.

ويؤكد بلعباس أنه "لا يمكن الاستغناء عن شبكات التواصل الاجتماعي"، ولكنها لا تكفي. ويضيف "ليس فيس بوك هو الذي جمعنا"، بل تبقى الاجتماعات الواقعية بين أعضاء المجموعة أساسية للاتفاق على طريقة التحرك.

وتستخدم شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع في العالم العربي كفضاء للتعبير عن الرفض لتسلط بعض الأنظمة القائمة في دول تأتي معظمها في أسفل ترتيب التصنيف الدولي لحريات الصحافة الذي وضعته منظمة مراسلون بلا حدود.

وتحتل الجزائر فيه المركز 136 من أصل 180 دولة.

"القشة التي قصمت ظهر البعير"
وبحسب الباحثة في مركز كارنيجي الشرق الأوسط داليا غانم المقيمة في بيروت، فإن الإعلان عن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، رغم أن الرجل الثمانيني الذي يحكم منذ 20 عاماً مريض ومقعد منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013، "كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير"، وهو ما أدى الى خروج الاحتجاجات من "فيس بوك" إلى الشارع.

وتضيف غانم "ليسوا أشخاصاً يكتبون على الإنترنت من دون الإفصاح عن هوياتهم، بل هم مواطنون يعرفون أن وسيلتهم الوحيدة للاحتجاج هي الاحتشاد والتعبئة".

وتتابع "الجزائريون يعرفون أن أفضل أسلحتهم هي اللاعنف ووسائل التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن "وسائل الإعلام المسموعة والمرئية التقليدية لم تتحرك لتغطية التظاهرات" في البداية.

وتحدث صحافيون من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة الحكومية والخاصة المملوكة لرجال أعمال قريبين من السلطة، عن تعرضهم لضغوط من رؤسائهم.

في المقابل، تنتشر على نطاق واسع صور ولقطات فيديو ينشرها مواطنون على "تويتر" و"فيس بوك" و"انستغرام".

ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ابراهيم أومنصور من باريس، إن "الإنترنت سمح للشباب الجزائري أن يرى ما يحدث في بلاد أخرى، على الصعيد الثقافي والاقتصادي والسياسي، وأن يروا رؤساء أكثر شباباً مقارنة برؤسائهم".

كسر الحواجز

ويؤكد أن "كل هذا يساهم تدريجياً في تأجيج الغضب والإحباط وخيبة الأمل لعدم تمتعهم بالمكتسبات نفسها التي حصلت عليها الشعوب في بلدان أخرى".

ويعتقد أومنصور أن القدرة على الكتابة من دون الإفصاح عن الهوية على الإنترنت سمح كذلك "بكسر حاجز الخوف" في دولة بوليسية للغاية مثل الجزائر.

لكن الواقع أن عدداً كبيراً من الجزائريين لا يخفي هويته الحقيقية على الإنترنت، وينشر تعليقات قاسية ضد بوتفليقة، ولا يتردد في المشاركة في التظاهرات السلمية.

وكتبت الثلاثاء إحدى المواطنات على حسابها على "تويتر" رداً على تحذير رئيس أركان الجيش الجزائري من العودة إلى سنوات الحرب الأهلية "كلمة ريئس أركان الجيش الجزائري اليوم لا يوجد فيها أي جديد. دائماً نفس المعنى والمقصود تذكروننا بسنوات الإرهاب والدمار كأننا لا نعرف تاريخنا. شعبنا واع وسلمي وذكي ومحب لوطنه ونعرف جيداً حدودنا ومطلبنا مشروع. لا لحكم الكادر والأشباح"، في إشارة إلى التقارير التي تتحدث عن عجز بوتفليقة عن الحكم، وممارسة أشخاص في محيطه السلطة الفعلية.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة