الاقتصاد هو الهاجس المهيمن
وعلى الرغم من محاولات الحكومة تشتيت انتباه الناخبين، فإن الاقتصاد سيكون هاجساً ثقيلاً في أذهان معظم الأتراك عندما يدلون بأصواتهم لانتخاب رؤساء البلديات في 31 من الشهر الجاري.
فمنذ عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان لأول مرة إلى السلطة، توسع الاقتصاد بمعدل سنوي قدره 5%، إلا أنه حالياً وخلال عام واحد، انخفضت قيمة الليرة التركية بحوالي 30%، ما هيأ معدل التضخم ليصبح الأسوأ منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.
كما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى إعاقة النمو، ما أدى إلى أن يُصنف الاقتصاد التركي حاليا بأنه في حالة ركود رسمياً.
إهدار احتياطات نقد أجنبي
وعادت المخاوف من الاضطرابات تطفو على السطح مجدداً في الأسبوع الماضي، عندما تسببت الأخبار التي تفيد بأن البنك المركزي قد أهدر ما قيمته 6 مليارات دولار من الاحتياطيات الأجنبية في أسبوعين، في أكبر انخفاض ليوم واحد في احتياطي الليرة التركية منذ الصيف الماضي. وقام أردوغان بتهديد المضاربين بالعملات، فيما فتحت الهيئة المصرفية تحقيقاً مع بنك jpMorgan بعد أن نصح البنك العملاء بالتخلص من الليرة والاحتفاظ بالعملات الأجنبية.
وبحسب ما ورد، صدرت تعليمات من البنك المركزي إلى البنوك المحلية بالتوقف عن إقراض العملة في الأسواق الخارجية لمنع المزيد من عمليات البيع على المكشوف. وعلى الرغم من تعافي الليرة، فإن رد فعل المستثمرين الأجانب تسبب في إغراق الأسهم والسندات التركية.
التنكيل بمنافسي حزب أردوغان
ومن المرجح أن حزب العدالة والتنمية سوف يحقق نتائج في الانتخابات، ولكن سيكون هناك بعض التعثر. وتتركز معظم الأنظار على العاصمة أنقرة، حيث يتفوق مرشح المعارضة منصور يافاس في استطلاعات الرأي على مرشح حزب العدالة والتنمية محمد أوزاسيكي. ويقول يافاس إن التصويت لصالحه هو تصويت ضد سوء الإدارة الاقتصادية والفساد.
يريد أردوغان وحلفاؤه تلقين يافاس درساً. ففي وقت سابق من هذا الشهر، شنت الصحافة الموالية للحكومة حملة ضد يافاس، الذي يسعى لأن يصبح عمدة أنقرة، بالنبش في مزاعم قديمة تربط بين يافاس وواقعة شيك بنكي مزيف.
وبعدها بأيام، بدأ المدعي العام تحقيقات حول هذه المزاعم. وهدد أردوغان منذ ذلك الحين بأن يافاس سيدفع "ثمناً باهظاً" بعد الانتخابات، ما يشير إلى أنه ربما سيتم إقالته من منصبه.
استنفار القواعد الدينية
كما استخدم أردوغان بالفعل كل سلاح في ترسانته لتحفيز قاعدته الدينية. فخلال التجمعات الانتخابية، اتهم كذباً الغرب بالقيام بدور في الهجوم الأخير على المسجد في نيوزيلندا، وأن المعارضة تتلقى الأوامر من الإرهابيين، وأن المتظاهرات في مسيرة نسوية أصدرن أصوات استهجان وقت الأذان للصلاة (بينما كان صياحهن في الواقع نتيجة لاستهدافهن من جانب الشرطة بقذائف الغاز المسيل للدموع).
وقبل أسبوع من الانتخابات، اقترح الرئيس تحويل آيا صوفيا، التي تحولت من كاتدرائية بيزنطية إلى مسجد في عهد العثمانيين ثم إلى متحف على يد أتاتورك، لكي تصبح مسجداً مرة أخرى.
اختلاق أردوغان للمؤامرات
كما كرس الرئيس التركي كل إمكاناته في الحملة الانتخابية كما لو أن مستقبله يعتمد على تلك الانتخابات المحلية، بينما الأمر لا يصل إلى هذا الحد.
وما لم يحدث تطور كارثي حقيقي يستدعي الدعوة لإجراء انتخابات عامة مبكرة، فإن أردوغان لن يضطر لخوض انتخابات أخرى قبل 4 سنوات. ولكن سيتعين على أردوغان أن يواجه ملايين الأتراك، الذين يهتمون أكثر بالاقتصاد عن المؤامرات التي يختلقها.
مواضيع: