"لوسي" الكلبة الضالة، أنقذت حياتي

  09 ابريل 2019    قرأ 1328
"لوسي" الكلبة الضالة، أنقذت حياتي

مثلت الدراجة الاسكتلندية ذات الأصول الإيرانية، إيشبل هولمز، إيران في سباق الدراجات للسيدات، وسافرت بمفردها حول العالم، لكن حياتها المبكرة كانت صعبة.

فبعد أن طردتها والدتها وهي في سن الـ 16، وجدت نفسها بلا مأوى وتعاني من الأفكار الانتحارية. لكن، كما تروي في كتابها، قصة صداقتها غير المتوقعة بكلب مشرد غيرت كل شيء.

كانت أول تجربة لي مع ركوب الدراجة في مانشستر، حيث كان أبي معتاداً أن يأخذني معه لشراء كيس من البطاطا، يزن 20 كيلو غراما، من وسط المدينة، كان سعره أقل ببضعة بنسات. كنت لا أزال صغيرة في السن، وكنت أجلس في مقعد صغير خلفه، وخلفي كيس البطاطا.

كان والدي يدرس هناك عندما التقى بأمي ووقع في حبها. كان ذلك مع بداية الثورة الإيرانية، وبسبب ذلك أوقفت إيران المعونات المالية لطلابها المبتعثين، في محاولة لتشجيعهم على العودة. ومنذ ذلك الحين أصبحت الدراجة جزءا هاما في حياة والدي وحياتنا أيضا للبقاء على قيد الحياة، بعد ان كنا معتمدين على المعونات المالية الإيرانية.

انتقلنا إلى اسكتلندا، عندما كان عمري عامين، حتى يتمكن والدي من العثور على عمل،. لكن زواج والدي لم ينجح فانفصلا.

 

ذات مرة عندما كنت أزور والدي، طلب مني أحد معارفه أن أجلس على ركبتيه ، ومرر يده على ساقي، كنت حينها في سن السابعة تقريبا. انتابني شعور مزعج بعدها، وشعرت أنني فتاة سيئة، وأعتقد أن ذلك كان بداية كرهي لنفسي.

زارني والدي مرة أخرى بعد ذلك ثم اختفى. اعتقدت أنه غادر بسببي. .

عندما كبرنا وشقيقي في السن، واجهت أمي الكثير من المصاعب ولم تستطع تحمل هذا الوضع، وبدأت بإلقاء اللوم على في كل مشاكل الأسرة.

توترت الأمور بيننا ووصلت مرحلة سيئة، ودفعني ذلك للانطواء على نفسي، ومع اقتراب عيد ميلادي السادس عشر، كنت قلقًة للغاية لأني أعلم أن أمي لن تكون مسؤولة عني بعد هذا التاريخ.

وكما توقعت، بعد وقت قصير من عيد ميلادي، طردتني أمي من البيت للأبد. وأتذكر أنها عندما أغلقت الباب الأمامي للمنزل، كانت تلك واحدة من أصعب لحظات حياتي. لحظات الوقوف على الدرج والمشي بخطوات بطيئة إلى الطريق، وعدم وجود خيار سوى الابتعاد.

في النهاية، وجدوا لي أسرة حاضنة، لكن كل ما أردته هو العودة إلى المنزل. لقد صليت لكل إله سمعت عنه حتى تعيدني عائلتي.

كنت عائدة من عملي في أحد الأيام، وفجأة توقفت سيارة بجواري وبداخلها مجموعة من الرجال، سألوا إن كان بإمكاني أن أريهم الطريق إلى البحيرة، طلبوا مني الصعود معهم قائلين إنهم سيعيدونني إلى منزلي. ركبت معهم السيارة لكنهم لم يعيدوني مباشرة، لقد أخذوني بعيدا واغتصبوني.

لم أخبر أحداً لأنني اعتقدت أنه كان خطأي، اعتقدت أنني كنت أعاقب لأنني "سيئة". لقد تعاملت مع الأمر عن طريق نسيانه وعدم التفكير فيه.

تعودت في تلك المرحلة على تقبل فكرة أن يفعل الناس كل ما يريدونه معي. لم يكن لدي شعور بقيمة ذاتي، لم أكن آكل بشكل صحيح. لقد كرهت نفسي كثيرا، وكل ما أردته، هو أن أموت.

عاد أولئك الرجال لي مرة اخرى ورفضت الذهاب معهم في السيارة. هربت كنت يائسة للغاية، وذهبت إلى صندوق الهاتف واتصلت بأمي. توسلت إليها وبكيت وقلت لها إنني سأفعل كل ما تريد.

قلت لها "يمكنني أن أكون الفتاة التي تريدني أن تكون" وأضفت "الأشياء السيئة تحدث". حكيت لها كل ما حدث. لكنها قالت لي أنه كان خطأي وأنني يجب علي أن أتغير.

كل ما أردته بعد ذلك هو الموت. وأتذكر أنني كنت أتصل بهاتف خدمة الوقاية من الانتحار كل 20 دقيقة.

أتذكر أني عندما بلغت الحادية والعشرين من عمري، طُردت من مكتب مساعدة المشردين، صاحت الموظفة المسؤولة في وجهي قائلةً إنني سأبقي دائمًا في الحضيض. كان هناك شيء في صوتها وتعابير وجهها، عندما قالت ذلك، جعلني أفكر وأقول "لا يمكنني السماح باستمرار ذلك".

كنت أعلم أنه يتوجب علي أن أقرر وألزم نفسي بالاستمرار في الحياة وعدم التفكير في الموت.

كان انتشال نفسي أحد أصعب الأشياء التي يجب علي فعلها. لم أتحول فجأة إلى امرأة خارقة، لكني زحفت لإخراج نفسي من حيث كنت.

التحقت بالكلية واشتريت دراجة مستعملة لأنها كانت أسرع وأرخص من الحافلة.

بدأت ركوب الدراجات مع نادٍ محلي للدراجات. كنت الأنثى الوحيدة وكنت، في البداية، أمارس ركوب الدراجة لوحدي في الخلف. وتدريجيا بدأت في المواكبة.

أحببت القيادة السريعة للدراجة لأنها كانت تمثل هروبًا كبيرًا لي، لكن حياتي أيضًا تحسنت. كنت أركب الدراجة بكثرة وفي جميع الأوقات. ولأول مرة بدأت أشعر بالانتماء.

عندما بنيت حلبة ركوب الدراجات "فيلودروم" في غلاسكو لاستضافة دورة ألعاب الكومنولث لعام 2014، قررت المشاركة من باب التسلية فقط. لكنه سمح لي أن انافس ضمن فريق السباق في غلاسكو.

وكانت المفاجأة، أني تجاوزت الفائزة بسباق ألعاب الكومنولث الاسكتلندية وأحرزت الميدالية الذهبية في أول منافسة كبيرة لي.

أتيحت لي الفرصة للذهاب إلى إيران في تلك المرحلة. وربما لم يكن هذا هو الوقت المناسب بالنسبة لي، لكن وجود عائلة لي هناك، شدني ودفعني للذهاب.

طلبوا مني في طهران إجراء اختبار مع الفريق الإيراني، وعرضوا علي الانضمام لفريقهم. فكرت في العرض وكيف ان "هذه الفرصة ستتيح لي التواصل مع بلدي الأم، ومع والدي"، واخترت السباق مع الفريق الإيران بدلاً من بقائي في اسكتلندا والاستعداد للتأهل لألعاب الكومنولث في اسكتلندا.

لم أشارك أبداً في حملات الدفاع عن حقوق المرأة من قبل، لكن الوضع في إيران دفعني لذلك. بدأت أتحدث علانية عن الطريقة التي تتم بها معاملة النساء المتسابقات.

كان علينا ارتداء الحجاب خلال أداء التدريبات، وكان هذا فضيعا بسبب الحرارة الشديدة. أخذت هواتف النساء المحمولة دون الرجال. قيل لي أن هذا لكي لا ينصرف انتباههن وينشغلن بمراسلة الشبان.

لقد تحدثت ضد التمييز والتنمر الذي تتعرض له النساء، لكن لم يتغير شيء. ولذا غادرت.

سافرت من طهران إلى تركيا، حيث قابلت عن طريق الصدفة رجلاً كان يقوم بجولة على دراجته لعدة أشهر. وعرفت لحظتها أني سأفعل هذا الأمر.

عدت إلى اسكتلندا، وبعت جميع الأشياء الصغيرة التي كنت أمتلكها وسافرت إلى نيس في فرنسا، وبدأت رحلتي حول العالم على الدراجة من هناك.

العثور على لوسي
قابلت لوسي في تركيا بالقرب من بحر مرمرة، رأيت كلبة صغيرة ذات ألوان فاتحة تجري خلف دولاب دراجتي الخلفي، دفعت دواسات دراجتي بقوة وحاولت الابتعاد، لكنها استمرت في مطاردتي. لم أكن أخطط للتوقف. كنت في رحلتي حول العالم، ماذا عساني أفعل مع كلب في الشارع؟

حاولت لوسي، التي بدت مشوهة من على بعد، مواكبتي، خالجني شعور عندها وحدثت نفسي "هذا خطأ إيشبل"، وعندها توقفت.

تمكنت لوسي من اللحاق بي، مددت يدي إليها لكنها توقفت غير بعيدة مني.

ذهبت للبحث عن مكان قريب لأنصب فيه خيمتي وأبيت فيه، فتبعتني.

كنت أخطط في اليوم التالي لإعادتها إلى قريتها، لكن مجموعة من الكلاب هاجمتها.

رأيت كيف وقفت في مكانها ولم تدافع عن نفسها عندما هاجمها الكلاب الأربعة، وذكرني ذلك بنفسي عندما كان عمري 16 عامًا.

لقد كنت هكذا ، مما سمح للناس بأن يؤذوني.

رميت دراجتي وكنت أصرخ وامتلأ جسمي بقوة لم أكن أعرفها، فتمكنت من ابعادهم عنها.

أخذت بضع خطوات إلى الوراء وبدأت بالبكاء على لوسي ولكني في الحقيقة كنت أبكي على نفسي. عشت حياتي وأنا أحاول إبعاد وحجب كل شيء، إلى ان جاءت هذه اللحظة لإدراك كل ما حدث.

أخذت على عاتقي مهمة نقلها إلى بر الأمان، لأنني عرفت كيف تكون الحياة بدون أمان.

شعرت بقوة عجيبة، وبقيمة ذاتي، وكأنها جاءت مع هذه الكلبة. أصبحت وكأني شخص مختلف. لم أعد تلك الضحية الضعيفة. وظللت أفكر، "كيف يمكنني حماية هذه الكلبة كثيرًا بينما أخفقت في حماية نفسي؟"

عرفت حينها أنني يجب أن أبدأ بحب نفسي، وعلى الرغم من أنني لم أعرف كيف، إلا انني طبقت الطريقة التي اعتني بها بلوسي. وهي التأكد من انها تعيش آمنة وتتمتع بالحماية وتأكل الطعام الجيد. وفي النهاية أصبح الأمر تلقائيًا بالنسبة لي لأكون هكذا.

كانت هذه المرة الأولى التي أشعر فيها بالحب غير المشروط، كان هذا تحولا بالنسبة لي.

كان الأمر كما لو أني استيقظت للتو. لقد صدمت أن تلك كانت حياتي. عندها فقط تأكدت أن ما حققته، أمر لا يصدق ودفعني ذلك بالشعور بالفخر.

وعدت لوسي بأن أساعد كل الآخرين في العالم، وأن اساعد كل أصدقائها.

كلب واحد، كلب شارع واحد، غير حياتي. يبدو الأمر كما لو أنها فعلت شيئًا لم يفعله أي إنسان. هي أنقذتني.

وقد نشرت دار "برادت ترافيل" في المملكة المتحدة، كتاب إشبيل تحت عنوان "أنا ودراجتي والكلبة لوسي". بينما نشرت دار "فيلو بريس" في الولايات المتحدة الكتاب تحت عنوان "إنقاذ لوسي".


مواضيع:


الأخبار الأخيرة