وأضاف أن هذا الهدف يكمن في "حرمان النظام (الإيراني) الخارج على القانون من الأموال التي يستخدمها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط على مدار أربعة عقود، وتحفيز إيران على أن تسلك مسلك الدولة الطبيعية".
وكانت الولايات المتحدة أعلنت إلغاء الاستثناءات من العقوبات الأمريكية الممنوحة لعدد من الدول عند شرائها النفط الإيراني وعدم تمديدها بدءاً من الشهر المقبل. وشمل ذلك دولا حلفيفة مقربة من الولايات المتحدة، قد تواجه الآن عقوبات في حالة استمرارها في شراء النفط الإيراني.
وقد يكون لهذا القرار تأثيره غير المباشر خارج هذا الركن من الشرق الأوسط ( وقد يؤثر حتى على نفقاتك الشخصية)، بعد شهور من التوتر المتزايد بين إيران والولايات المتحدة.
كيف يؤثر ذلك على إيران؟
ينبغي في البداية تحديد بعض السياقات التي أدت إلى الوصول إلى هذه المرحلة.
بالعودة إلى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران عندما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاقية وقعت في عام 2015 تهدف إلى وقف الطموح النووي الإيراني. وأدانت واشنطن الدور الإيراني في حربي سوريا واليمن.
وعندما أُعلنت هذه العقوبات، منحت الولايات المتحدة استثناءات تسمح لثماني دول أو مناطق بمواصلة استيراد النفط من إيران، وأعطتهم مهلة للعثور على بائع جديد.
وهذا ما فعلته ثلاث دول من هذه الدول، بيد أن خمس دول أخرى لم تفعل ذلك، وهي الصين و ودول حليفة للولايات المتحدة وهي الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، وتركيا.
واعتبارا من الثاني من مايو / أيار المقبل لن تتمتع هذه الدول بالاستثناءات وقد تواجه عقوبات أمريكية إذا استمرت في استيراد النفط الإيراني بعد هذا التاريخ.
وقالت صحيفة "فايننشيال تايمز" في تقرير لها إنه بالإضافة إلى تصدير 1.3 مليون برميل نفط يوميا من إيران (بطريقة رسمية)، يجري شحن المزيد بطريقة غير معلنة.
كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
يقول ألكساندر بوث، من شركة استقصاء البيانات "كبلر"، لبي بي سي إن السفن الإيرانية تحجب أجهزة تتبع ابحارها بنسبة 80 في المئة من الوقت، ويعني ذلك أنه من الصعب تتبع ماهية حمولة السفينة ومن أين جاءت وإلى أين تذهب.
ويشير تحليل أجرته شركة "كبلر" إلى أن براميل النفط الإيرانية يجري نقلها بين السفن في أعالي البحار.
وعلى الرغم من تصدير عدد كبير من البراميل يوميًا، قال بومبيو إن الولايات المتحدة تعتزم "وقف صادرات النفط الإيرانية تماما" اعتبارا من الثاني من مايو / أيار.
ويتطلب ذلك مشاركة من كل هذه الدول الخمسة، وقد أوضحت تركيا والصين، على سبيل المثال ، أنهما لا يرحبان بتوجيهما إلى ما يمكنهما عمله.
ويقول بوث إنه ما دامت تركيا والصين تأخذان نحو نصف إجمالي صادرات النفط الإيراني، لم يكن من المنطقي توقع انخفاض جميع الصادرات إلى الصفر.
إلى أي حد تعتمد إيران على النفط؟
قال بومبيو يوم الأثنين إن إلغاء الاستثناءات سيحرم "النظام من مصدر دخله الرئيسي".
وهو محق في ذلك إلى حد ما، لأن النفط هو أكبر مصدر للدخل بالنسبة لإيران، لكنه لا يشكل غالبية صادراتها.
وتقول منظمة "أوبك" إن صادرات النفط الإيرانية سجلت 52.7 مليار دولار العام الماضي، وبلغ إجمالي صادراتها 110.8 مليار دولار. كما أنها تجني أموالا من صادرات المواد الكيميائية والمعادن، وأشياء أخرى.
وحتى قبل اتخاذ القرار الأمريكي هذا الأسبوع، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 6 في المئة هذا العام.
وبدأ نحو 81 مليون شخص في إيران بالفعل يشعرون بالضيق خلال الأشهر الأخيرة مع تباطؤ صادرات البلاد من النفط، فضلا عن تأثير العقوبات الأمريكية الأخرى على قطاعات الطاقة وبناء السفن والشحن والبنوك.
وسجل معدل التضخم في إيران ارتفاعا ملحوظا، واضطرت الأسر إلى زيادة نفقاتها بنسبة 47.5 في المئة شهريا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وتضررت الأسر الريفية على نحو خاص من جراء ارتفاع الأسعار.
هل يغير ذلك سعر النفط؟
ثمة نتيجة واحدة مؤكدة تهدد إمدادات النفط، وهي ارتفاع سعره، وهو ما حدث بالفعل بعد القرار الأمريكي يوم الأثنين، إذ ارتفع سعر خام برنت إلى 74.34 دولار للبرميل، وهو أعلى سعر مسجل منذ الأول من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.
وسعت الولايات المتحدة إلى طمأنة السوق والعملاء بأن العالم لن يواجه قريبا نقصا في المعروض من النفط.
وقال بومبيو إن اثنين من حلفاء الولايات المتحدة المقربين، السعودية والإمارات، سيتدخلان ويدعمان الإنتاج لسد الفجوة.
ولكن توجد بالفعل اضطرابات في بلدين رئيسيين آخرين من الدول المنتجة للنفط، هما فنزويلا (التي تخضع للعقوبات الأمريكية) وليبيا (التي اندلع فيها العنف في الأسابيع الأخيرة).
وقال ألكساندر بوث، من شركة استقصاء البيانات "كبلر"، إنه من غير المرجح أن تتمكن السعودية والإمارات من تلبية مجمل الطلب بنفسهيما، مشيرا إلى أن روسيا ستحتاج إلى زيادة إنتاجها أيضا.
وأضاف أن الخطر يكمن في أن صناعة النفط قد تجد نفسها تواجه اضطرابا إذا تعرضت الإمدادات لخطر على نحو غير متوقع في مكان آخر، مثل العنف في نيجيريا ، على سبيل المثال.
فهل يعني ذلك أنك قريبا ستدفع تكلفة أعلى مقابل ملء خزان سيارتك بالوقود؟
كمستهلك في المملكة المتحدة، يجب ألا يحدث فرق كبير لأن أحد أكبر العوامل المؤثرة في السعر الذي تدفعه مقابل البنزين هي معدلات ضريبة القيمة المضافة، وليس سعر البرميل.
بيد أن بوث قال إن المستهلكين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى قد يكونون أكثر عرضة لتغير الأسعار خلال الأشهر المقبلة. وقد يلزم مراقبة رد فعل البيت الأبيض، الذي يهاجم منه الرئيس بالفعل ارتفاع أسعار النفط.
كيف سيكون رد فعل إيران على الأرجح؟
لا تملك إيران مساحة كبيرة للتفاوض. ولكن لديها ميزة واحدة وهي جغرافيتها.
يتعين نقل كميات هائلة من نفط العالم عبر مضيق هرمز الضيق، عند مدخل الخليج بالقرب من إيران، لذا لابد أن يمر كل ما يحتاجه النفط السعودي والإماراتي من إنتاج لتحقيق توازن مقابل خسارة الإنتاج الإيراني عبر هذا المضيق.
وكانت إيران قد هددت مرارا بإغلاق مضيق هرمز، الذي يبلغ عرضه 33 كيلومترا عند أضيق نقطة له، وله قناة شحن بعرض ميلين فقط، وكرر قائد في البحرية الإيرانية هذا يوم الأثنين، بعد الإعلان عن إلغاء الاستثناءات الأمريكية.
لكن هل اتخذت إيران خطوة إغلاق المضيق بالكامل؟ لا. وهل من المحتمل أن تفعل ذلك؟ والجواب مرة أخرى، لا.
يقول مايكل كونيل، مدير برنامج الدراسات الإيرانية التابع لمركز التحليل البحري في ولاية فرجينيا الأمريكية : "ثمة شكوك في أن يحاول الجيش الإيراني بالفعل إغلاق المضيق لسببين".
وأضاف : "أحدهما هو أن الاقتصاد الإيراني يعتمد بشدة على تدفق التجارة عبر المضيق، والذي من المفترض إذا حدث مثل هذا السيناريو أن يكون مغلقا أمام الشحن الإيراني. ثانيهما هو أن اتخاذ مثل هذه الخطوة سيتيح للولايات المتحدة وحلفائها في التحالف وشركائها من دول الخليج على سبيل المثال لا الحصر ذريعة شن حرب، والتي ستنتهي بدون شك إلى سوء الوضع بالنسبة لإيران، على الرغم من أن كل الأطراف المعنية ستعاني من عواقب".
وأضاف كونيل أن الأمر الأكثر جدوى هو إجراء تدريبات الذخيرة الحية والذي من شأنه أن يغلق المضيق بشكل فعال.
وقال إن عمل ذلك "سيسمح لطهران بأن تعزز الضغط، إذا جاز التعبير، دون أن يؤدي بالضرورة إلى شن حرب".
مواضيع: