أمّا الموقف الأمريكي إزاء هذه التطورات، فيُفسّره الخبير في العلاقات الدولية باسل الحاج جاسم، بالإشارة إلى أن واشنطن لا تعنيها أستانا ولا جنيف، وإلا لكانت دخلت كطرف ضامن فيها، ولاسيما بعد اجتماع كل الأطراف ذات الكلمة والتأثير داخل سوريا على طاولة واحدة.
وفي حديث لـ”ترك برس”، أضاف الحاج جاسم -المتابع لمجريات عملية أستانا- أن واشنطن فضلت البقاء كمتفرج، لأن ما يعنيها فقط ألا يعرقل أحد مشروعها التمزيقي لسوريا عبر أدواتها الانفصالية”، في إشارة إلى “الوحدات الكردية” شمال سوريا.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن هناك كلام عن أن عملية أستانة هي روسية، متسائلًا: “هل جنيف عربية أو أمريكية؟ أيضا جنيف كانت بمبادرة روسية”، مشدداً على أن “روسيا معنية بسرعة الوصول لحل سوري، لانها تعتبر الاستمرار بمثابة استنزاف لها”.
ولفت إلى أن “جنيف بمفردها لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في سوريا، فبعد عدة سنوات نرى جنيف صفر نتائج، مع عدم إغفال أنه تم حرفها عن هدفها الأساسي”، مشيراً إلى أن “النتائج الحقيقية ستكون في أستانا، وما سيتم التوصل إليه هناك سيُستخدم لدعم جنيف”.
وأرجع الحاج جاسم سبب قوة أستانا وتأثيرها على عملية إدلب إلى أن “من يجلس على طاولتها يمتلك كلمة على الأراضي السورية، في حين لا يخفى على أحد هناك الكثير ممن هم في جنيف لا يمثلون سوى أنفسهم”.
ولفت إلى أن اتفاق أستانا الذي تتم ترجمته حالياً في “عملية إدلب”، والذي تم بالإجماع بين كل الأطراف المشاركة روسيا وتركيا وإيران، أوقف تمدد الفصائل الكردية الانفصالية في سوريا.
وبيّن أن “أطراف أستانا هي التي ستحل موضوع إدلب؛ ومن ثم المشروع الأمريكي الانفصالي تم إبعاده حتى الآن، إلا إذا تم تحريك أوراق أخرى تعرقل سير هذا الاتفاق، وقتها لكل حادث حديث”.
باتجاه متصل، أوضح تقرير بشبكة “الجزيرة” القطرية، بأن ثمن انهيار الاتفاق بشأن إدلب، سيكون باهظا جدا، ليس من حيث الكلفة السياسية والعسكرية فحسب، بل إنسانيا مما يدفع بمصير نحو ثلاثة ملايين سوري نحو المجهول.
وأضاف التقرير: “بالرغم من كل ما سبق فإن اتفاق إدلب أسس لمرحلة جديدة من إدارة الصراع في سوريا، تتمثل في الاعتراف بتركيا كلاعب أساس في المعادلة السورية، كما أنه ساهم في تغيير توازنات القوى بين الأطراف المختلفة”.
وربما عزّز الاتفاق مصالح الأسد أكثر في جولة المفاوضات المقبلة في جنيف، ومن الضغوط على “الوحدات الكردية” التي ربما تجد نفسها بمواجهة مع القوات التركية من جهة، وقوات النظام وإيران والميليشيات المدعومة منهما.
أما إيران فإنها تهدف لتعزيز نفوذها في سوريا وحماية قريتي كفريا والفوعة في إدلب. في حين تريد روسيا المحافظة على دورها كلاعب أساسي بالمعادلة.
وكانت أعلنت الأطراف الثلاثة الضامنة للمسار السياسي في العاصمة الكازاخية أستانا، توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة “خفض توتر” في إدلب، وفقا لاتفاق موقع في أيار الماضي.
خلاصة القول، أن تركيا وإيران وروسيا تتعامل ببراغماتية شديدة إزاء الملفات الخلافية القائمة بينهما، خاصة مع سعي كل طرف لتحقيق مناطق نفوذ، وإن كانت موسكو تبقى هي الطرف الأقوى في المعادلة.
مواضيع: تركيا،#جنيف،#