وقال الخبراء إن كثيرا من الفرص ضاعت للكشف عن سوء المعاملة وتقديم الدعم للنساء المستضعفات.
وقال الأطباء إنهم دُربوا بشكل عالٍ على اكتشاف العنف المنزلي، لكن غالبًا ما كان مخفيًا.
وبحثت الدراسة حالة 18547 امرأة أخبرن أطباءهن عن الاعتداء المنزلي الذي عانين منه.
وقد تابع الأطباء هذه الحالات لعدة سنوات وقارنوها بمجموعة أخرى تضم أكثر من 74000 امرأة من نفس الفئة العمرية ولم يتعرضن لأي اعتداء منزلي.
وقال أحد أبرز المشاركين في الدراسة من جامعة برمنجهام، الدكتور جوهت سينغ تشاندان، إن عبء المرض النفسي الناجم عن سوء المعاملة المنزلية في المملكة المتحدة قد يكون أعلى بكثير مما كان يعتقد سابقًا.
وأضاف "بالنظر إلى مدى شيوع سوء المعاملة المنزلية، من المهم أن نفهم مدى ارتباط سوء المعاملة بالمرض النفسي ومراعاة ما إذا كانت هناك فرص ممكنة لتحسين حياة النساء المتضررات من سوء المعاملة المنزلية."
"الاعتداء المنزلي غيرني بعمق"
قالت إحدى النساء اللاتي تعرضن للإيذاء على يد شريكها، وتتلقى مساعدة من منظمة "أجندة"، وهي منظمة تدعم النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للخطر" إن الاعتداء المنزلي الذي عانيته غيرني بعمق كشخص".
وأضافت لبي بي سي "أنا محرومة من النوم عمومًا نتيجة الأرق. يبدو أنني أتذبذب بشدة بين الإفراط في تناول الطعام أو عدم تناول ما يكفي منه.
وأردفت "أنا قليلة الثقة بالآخرين وأحاول أن أبقي الناس بعيدين عني مما أضر ولسوء الحظ بالكثير من صداقاتي التي لا تعد ولا تحصى، وجعل أغلبها لا يمكن إصلاحه".
وأشارت إلى أن أحدا لم يصدق شكواها المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى عيادات الصحة العقلية.
وفي النهاية، أُبقي عليها في المستشفى بعد أن نُقلت إلى قسم الطوارئ رغما عنها.
وأظهرت الدراسة التي شملت الفترة من عام 1995 إلى عام 2017، أن ما يقرب من نصف النساء اللاتي ذهبن إلى الطبيب يشكين من التعرض للعنف المنزلي، تبين فعلا إصابتهن بمرض نفسي.
ووجد الباحثون ضمن الحالات الباقية، أن الناجيات من سوء المعاملة المنزلية كن أكثر عرضة للإصابة بالقلق بحوالي الضعف، و بالاكتئاب والفصام والاضطراب الثنائي القطب بثلاثة أضعاف.
ووجدت الدراسة أن احتمالية حاجتهن الى وصفة طبية وصلت إلى الضعف.
كان هذا هو الحال حتى عندما أخذت العوامل الأخرى، المرتبطة أيضًا بالمرض النفسي، بعين الاعتبار، مثل تناول الكحول والتدخين وكتلة الجسم.
قلة الإبلاغ عن الاعتداء المنزلي
وفقًا لمعدلات الجريمة الرسمية، تتعرض حوالي واحدة من كل أربع نساء للإيذاء المنزلي خلال حياتها.
لكن هذه الدراسة، المستندة إلى سجلات الأطباء، وجدت أن أقل من امرأة واحدة من بين كل 100 امرأة تتأثر، مما يشير إلى عدم الإبلاغ عن حالات الاعتداء المنزلي.
يقول الباحثون إن الشرطة يمكنها القيام بالمزيد من أجل تشجيع الإبلاغ عن حالات الإساءة المنزلية لمختصي الرعاية الصحية.
كما يدعون إلى تقديم دعم أفضل للنساء اللاتي يتعرضن للاعتداء المنزلي لمنع اصابتهن بالأمراض النفسية.
قالت الدكتورة بينا راجكومار، من الكلية الملكية للأطباء النفسيين، إن الإساءة المنزلية لها "تأثير مدمر" على الصحة العقلية والنفسية.
وأضافت "يجب أن يعطي قطاع الصحة الأولوية لفحص وتسجيل الاعتداء المنزلي حتى يمكن اتخاذ الإجراءات الأكثر فعالية للحد من هذه الممارسات التي تتعرض لها النساء بشكل عاجل".
"اسأل عن العنف"
قالت البروفيسورة لويز هاورد، من معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في جامعة كينغز كوليدج في لندن، إن الدراسة كانت نظرية ولا يمكنها تقديم أدلة قاطعة على الأسباب، لكنها قالت إن الدراسة تحتوي على رسالة مهمة.
وأضافت "العنف المنزلي وسوء المعاملة يمثلان مشكلة خطيرة للصحة العقلية والصحة العامة، وبالتالي، يجب تدريب المختصين الصحيين على كيفية السؤال بشكل روتيني عن العنف المنزلي وسوء المعاملة، وكيف يمكن التصرف بأمان في مثل هذه الحالات".
وقالت رئيسة الكلية الملكية للأطباء، البروفيسور هيلين ستوكس لامبارد، إن تدريب جميع الأطباء على حماية البالغين والأطفال أمر إلزامي.
وأضافت: "نحن نتفهم مدى صعوبة طلب المساعدة في حال التعرض للإيذاء المنزلي، لكن من الأهمية بمكان ألا يسكت المرضى عن الإيذاء ويتوجب عليهم رؤية الطبيب، أو الحديث إلى من يثقوا بهم من العاملين في مجال الصحة".
مواضيع: