وقالت الصحافية سهيلة حمادي، التي شاركت في مظاهرة أمس، "أحد أجمل الشعارات التي رفعت في الجمعة الـ18، "ماكاش فتنة... عربي... قبائلي... خاوة خاوة"، ومعناه "جزائري من أصل عربي أو أمازيغي، هما في النهاية إخوة"، وهي إشارة إلى أن الجدل حول الراية لا ينبغي أن يفرق بين الجزائريين".
وذكر مراقبون، أنه مرَّ حراك جمعة الأمس، بأصعب اختبار له منذ انطلاقه في 22 من فبراير / شباط الماضي؛ لكن اجتازه بسلام، إذ كانت كل التكهنات تفيد بأن المواجهة بين قوات الأمن والمتظاهرين "محتومة وغير ممكن تفاديها"، على أساس التعليمات الصارمة التي وجهها قائد الجيش للسلطات الأمنية، والتي تدعو لاعتقال أي شخص يحمل راية الأمازيغ، التي عدها "دخيلة" على المجتمع، وأن من يرفعونها «أقلية قليلة». لكن اتضح بعد صلاة الجمعة، وتدفق الحشود على "معاقل المظاهرات"، أن قوات الأمن تأكدت من أن استعمال القوة ضد حاملي الراية قد يخلف انزلاقاً غير محمود، ولهذا تراجعت إلى خطوطها الخلفية.
واحتدم أمس بعيداً عن ساحات الاحتجاج، في بلاتوهات الفضائيات وبالمنصات الرقمية الاجتماعية جدل كبير حول "الراية التي يقصدها الجنرال، هل هي تلك التي ترمز للخصوصية الثقافية لأمازيغ شمال أفريقيا، أم هي راية الانفصاليين؟".
وتساءل المتخصص في علم الاجتماع ناصر جابي، في هذا السياق، "هل اطلع قائد أركان الجيش على مواد الدستور التي تعترف بالأمازيغية كلغة وتراث مشترك لكل الجزائريين، وهو يطالب بنزع الراية الأمازيغية التي لم يدّع حاملوها يوماً أنها بديلاً للراية الوطنية؟"، محذرًا من "موقف ضد اتجاه التاريخ يهدد وحدتنا".
ولوحظ أمس انتشار واسع للرايات الأمازيغية بساحات "موريس أودان" و"أول مايو"، والبريد المركزي بالعاصمة، وبشكل أكثر قوة وإصراراً بولايات القبائل شرق البلاد، مناطق الأمازيغ التي تتحاشى فيها السلطات تنفيذ أي إجراء قد يثير حساسيتهم.
كما لوحظ أن خطاب المتظاهرين كان حاداً ضد قائد الجيش، فيما كانت الشعارات ضد بن صالح وبدوي أقل حدة، لاعتقاد المتظاهرين أن مصيرهما بات بين يدي الجنرال قايد صالح، الذي يرفض إبعادهما.
ويرى أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، أن "الذين رفعوا الألوان الأمازيغية لم يحملوا علماً ضد العلم الوطني؛ بل مجرد راية للدلالة على حاجة جماعتنا الوطنية إلى قبول تنوعها"، مشددًا على أن تعرُّض متظاهرين لعنف قوات الأمن قد يؤدي إلى انتفاضة جهة، أو جهات بأكملها من الوطن، بكل ما يحمله ذلك من خطر التدخل الأجنبي... هناك حل واحد لا غير: تجنّب رفع الراية الأمازيغية كي لا يقع الحراك الشعبي في الفخ، ويستطيع أن يستمر في تمسكه بطابعه السلمي. إن الجمهورية الجديدة التي نظل نحلم بها ستكون حاضنة للجميع لا محالة.
وأعلن التلفزيون الجزائري أمس، من جهة ثانية، وفي إطار التحقيقات التي تقودها النيابة في ملفات تورط عدد من المسؤولين السامين في قضايا فساد، أنّ رجل الأعمال النافذ حسان عرباوي، مدير عام "غلوبال غروب"، وُضع أول من أمس رهن الحبس المؤقت على خلفية قضية فساد، ليصبح بذلك ثالث شخصية فاعلة في قطاع السيارات الجزائري، يتم توقيفها مند بدء حملة محاربة الفساد في البلاد.
وأصبح عرباوي بعد محي الدين طحكوت ومراد عولمي، ثالث شخصية نافذة في قطاع السيارات الجزائري توضع رهن الحبس المؤقت، منذ بدء الملاحقات القضائية بحقّ رجال أعمال ومسؤولين سياسيين رفيعين، مرتبطين بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي اضطر إلى الاستقالة تحت ضغط الشارع والجيش.
وقال التلفزيون الجزائري العمومي، إنّ عرباوي أوقف "مع ستّة آخرين"، عقب الاستماع إليهم من قبل قاضي التحقيق في محكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة، ووفق المصدر نفسه، فإنّ الستة الآخرين هم إطاران وموظفان في وزارة الصناعة، وأيضاً مدير المصرف الوطني الجزائري "مصرف عمومي"، بالإضافة إلى مدير سابق لمؤسسة عامة.
وأوضحت القناة أنّ الموقوفين السبعة يلاحقون في إطار "تبييض أموال واختلاس أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات"، وجرى الاستماع لمسؤولين كبار في القضية نفسها، بالأخص رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي وضع رهن الحبس الموقت في 12 من يونيو /حزيران الجاري.
مواضيع: