آخر ما تبقى من مصابغ مصر القديمة... مهنة تقاوم الاختفاء  

  23 يونيو 2019    قرأ 288
آخر ما تبقى من مصابغ مصر القديمة... مهنة تقاوم الاختفاء
 

بالرغم من مرور عشرات السنوات، ظل محافظا على شغفه برؤية الحياة بالألوان. هنا في أقدم أحياء القاهرة، آخر ما تبقى من مصابغ مصر القديمة، يحافظ عم سلامة، كما يطلقون عليه، على صباغة الخيوط يدويا.
داخل حي أصلان بمنطقة الدرب الأحمر الواقعة بجوار الأزهر الشريف، يجلس عم سلامة، داخل مصبغته اليدوية، التي تخطى عمرها 100عام، كما قال سلامة محمود سلامة، أنها أنشئت عام 1901.

 

ورغم بلوغه سن الثمانين يؤكد سلامة محمد سلامة أنه يباشر عمله بنفسه، من خلال وجوده بين العمال من بداية اليوم حتى نهايته.

يقول سلامة، في حديثه الخاص لـ"سبوتنيك"، إنه انتقل عام 1950 للعيش القاهرة القديمة، ومن ثم التحق بالعمل في المصبغة عام 1955، حتى اشتراها فيما بعد، وأنه يعمل فيها هو وأبناؤه والعديد من العمال الذين يمتهنون المهنة.

مهنة الأجداد

أوضح عم سلامة أن المهنة التراثية تعود إلى عصر الفراعنة، وأنها كانت تستخدم من خلال ألوان مختلفة عن الألوان الحالية وبطرق مختلفة، وأن الصباغة التي كانت تتم قديما عبارة عن عملية تبييض الخيوط أو الكتان.

كما ذكر أن الصبغات الحالية تختلف من نوع لآخر، وكذلك فيما يتعلق بدرجة ثباتها، منها الصبغة الثابتة 100%، وهي تعني ثبات الصبغة بدرجة لا تتغير مع تنظيفها أو غسيلها، ومنها الصبغة المباشر وهي أقل من ناحية الثبات، وكذلك الصبغة "العادة " وهي منخفضة الثمن ولا تحتفظ بدرجة ثبات كبيرة، وضمن أسماء  الصبغات:"الريأكتيف" وهي  توضع بها مادة صودا القش، ويضاف  لها الملح، "الأدنجريه" وهي ضد الكلور، لا تخرج منها الصبغة بعد غسيل الأقمشة بمادة الكلور، ولا يضاف إليها ملح نهائيا، حيث تضاف إليها صودا كاوية وبودرة سلخ لتثبيت اللون.

مراحل العمل

قال محمد مصطفى أحد العاملين بالمحل، إن المرحلة الأولى يقوم بها عم سلامة، بعد استلام الخيط من المصانع والشركات، حيث يقوم بفك الخيوط وتفرد قبل مرحلة التجهيز على "النبوت" وهي العصاة التي يضع عليها الخيط لوضعه داخل الحوض، ثم تحضر كمية الصبغة بالوزن الخاص بالكمية التي سيتم صباغتها.

كما ذكر أنه بعض وضع الخيط على " النبوت"، يتم وضعه في " الحوض" حيث يضاف إليها 50 ليترا من الماء الساخن إلى جانب مقادير الألوان، ويتم تحريكها داخل الحوض من ربع ساعة حتى ساعة، حسب نوع الصبغة ونوع الخيط، ومن ثم يضع في "ألة التجفيف" لبضع دقائق، ومن ثم ينشر أعلى السطح.

وأوضح عم سلامة أن المصابغ اليدوية رغم اندثارها وسيطرة المصانع  التي تقوم بالعملية، إلا أن الصباغة اليدوية تتحكم في درجة اللون بطريقة أفضل ودقة أعلى، وأنه يتعامل حتى اليوم مع الكثير من الشركات الحكومية والقطاع الخاص، كما أنه يقوم بالصباغة لبعض العملاء خارج مصر، حيث لا يقتصر عمله على المصانع المحلية فقط.

تحديات

يقول "عم سلامة"، أن التحديات لن تمنعه من الاستمرار في العمل، أو غلق المصبغة كما يظن البعض، وأن مسألة ارتفاع الأسعار لا تهدد المهنة، خاصة أن تكاليف الصباغة ارتفعت، بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في الصباغة، وأن أجور العمال اختلفت عن الماضي أيضا بدرجة كبيرة، كما يؤكد أن أجود أنواع الخيط في الصباغة هو القطن المصري.

ويشير إلى أن عمليات الاستيراد بأسعار زهيدة أثرت على عملية الصباغة يدويا، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الخام من الصبغات الجيدة، وأن المستورد يمكن التلاعب في عملية صباغته، بما يؤدي إلى زوال الصبغة خلال عمليات التنظيف أو الغسيل.

الأدوات

يقول سمير سلامة، أن المصبغة اليدوي، لا تحتاج للكثير من الأدوات، سوى الحوض، وآلة التجفيف، والمكان الذي تنشر فيه الخيوط بعد صباغتها، إلا أنها تحتاج إلى دقة في المعايير، وإضافة الملح لثبات الألوان.

 


مواضيع:


الأخبار الأخيرة