ونشرت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية المذكرات البريطانية الدبلوماسية السرية، التي كان يبعثها السير كيم داروش، سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة الأمريكية إلى مستشار الأمن القومي البريطاني، السير مارك سيدويل.
وأشارت إلى أن تلك الرسائل الدبلوماسية السرية، كانت متبادلة على خدمة سرية لتبادل الرسائل الدبلوماسية يطلق عليها "ديب تل".
ولم تكشف الصحيفة البريطانية حول الطريقة، التي حصلت من خلالها على تلك الوثائق الدبلوماسية السرية، ولكنها أشارت إلى أنها تأكدت من صحتها.
كما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مسؤول بريطاني قوله إن تلك الوثائق "سليمة بنسبة 100%".
صراع السكاكين
وتحدث كروش في برقياته السرية عن الوضع داخل البيت الأبيض في رسالة بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2017 — أي بعد 150 يوما من انتخاب ترامب —، ووصفه بأنه أشبه بـ"معركة السكاكين".
وأضاف بقوله: "الوضع داخل البيت الأبيض أشبه بحالة من الاقتتال الوحشي والفوضى، وكل ما يقوله عن الإعلام بأنه أخبار مزيفة، هو حقيقة في واقع الأمر، لأن الوضع في الداخل أسوأ بكثير".
وقال السفير البريطاني عن ترامب: "إنه غير كفؤ وغير نزيه وغير أمين، ويمكن وصفه بأنه مختل ستكون نهاية العار والخزي لا محالة".
وتابع: "يمارس الرئيس الأمريكي حاليا سياسات اقتصادية يمكن أن تدمر نظام التجارة العالمي بأكمله".
ومضى: "لا نعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية طبيعية إلى حد كبير، بل أقل ما يمكن وصفها بأنها مختلة وظيفيا، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله، فهي عبارة عن أكثر من فصيل ممزق، ما بين دبلوماسي أخرق وسياسي غير كفؤ، ولا تبدو إدارة البيت الأبيض مؤهلة على الإطلاق لما هو منوط بها".
ترامب المدمر
وتحدث في رسائل أخرى عن طبيعة شخصية ترامب، قائلا: "هو شخص غارق في الفضيحة".
وتابع: "لكنه قادر دوما على إخراج نفسه من كل الفضائح التي يتم تلطيخه بها".
ومضى: "ترامب أشبه بشخصية أرنولد شوارزنيغر في سلسلة أفلام المدمر (The Terminator)، القادر على أن يخرج من ألسنة اللهب سليما من دون أن أي خدش".
واستطرد: "وأعتقد أنه سيكون قادرا على الفوز مرة أخرى بانتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة وأن الحشد الانتخابي الخاص به أبيض بشكل شبه حصري".
وحذر السفير البريطاني حكومة بلاده من أن "ترامب وفريقه أذهلوا من الاستقبال الحافل الذي حظي به في بريطانيا، لكنه أبدى لهم عدم اهتمامه بتقديم أي تنازلات لبريطانيا، لأنه يرى أن أمريكا أولا".
وعن طبيعة التعامل مع ترامب، فقدم الدبلوماسي البريطاني نصيحة لأي شخص:
"ترامب يمتلك ذاكرة تخزين مؤقتة لا تستوعب الأفكار الكثيرة، فيجب عليك عندما تتحدث معه أن تكون نقاطك بسيطة وصريحة وقصيرة".
فوضى إيران
وأشارت المذكرات الدبلوماسية السرية إلى تفاصيل المفاوضات الحساسة للغاية حول البرنامج النووي الإيراني حتى تعامل ترامب مع الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط في مضيق هرمز، في رسائل بعث بها 22 يونيو/حزيران الماضي.
ووصف تعامل ترامب وإدارته مع الأزمة الإيرانية بأنه "غير متماسك وفوضوي".
وتابع: "من غير المحتمل أن تصبح السياسة الأمريكية أكثر تماسكا بشأن إيران في أي وقت قريب، فتلك إدارة مقسمة ممزقة".
وشكك داروش في ادعاء ترامب الأخير، بأنه أجهض ضربة صاروخية على إيران، كانت ستسبب في مقتل 150 شخصا على الإطلاق، بقوله: "لا أعتقد أنه قادر على إيقاف مثل هذا القرار أو إصداره".
وأردف:
"من الأرجح أنه لم يفكر بهذا على الإطلاق، بل هو كان قلقا فقط على كيفية انعكاس هذا الأمر الواضح على وعوده في حملته الانتخابية عام 2016، على حملته الجديدة لعام 2020".
سلاح سري
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تلك المراسلات بدأت عندما كانت رئيسة الحكومة البريطانية، تيزيزا ماي، تسعى لتكوين وجهة نظر حول إدارة ترامب، عقب 150 يوما من توليه الإدارة الأمريكية، فطلبت من مستشارها للأمن القومي أن يسأل السفير البريطاني حول آرائه حول شخصية ترامب وإدارة البيت الأبيض الجديدة.
وكان أبرز ما ورد فيها هو أن الدبلوماسي البريطاني وصف بأن ترامب "يشيع حالة انعدام الأمن معه"، كما أن خطبه مليئة بـ"الادعاءات الكاذبة والإحصاءات المفبركة، وتحقيق اللاشيء تقريبا".
وعن العلاقات البريطانية الأمريكية، قال: "ينبغي أن تكون العلاقات الثنائية الأكثر أهمية بالنسبة لنا، لكن لا نعتقد حقا أن هذه الإدارة ستصبح طبيعية إلى حد كبير، فهي مختلفة في الأداء الوظيفي، وغير قابلة للتنبؤ بها، وممزقة إلى عدة فصائل، وخرقاء دبلوماسيا".
وتابع: "ليس الأزمة في أن تلك الإدارة ليست دقيقة، لكن الأسوأ أنها غامضة".
ومضى: "أنصح بضرورة أن تستخدم تيريزا ماي سلاح الاتصال الهاتفي مع ترامب، لأنه يحبها ويحترمها، وأن يستخدم السياسيين البريطانيين سلاح الإطراء حتى يغذون أنانية وعنهجية الرئيس الأمريكي".
واستطرد:
"عندما تبدأ في مدح ترامب على شيء فعله مؤخرا، يمكنك أن تفوز بأي شيء تطلبه منه فيما بعد".
تعليق بريطاني
وعلقت الخارجية البريطانية على تلك التقارير، قائلة: "نتوقع من سفرائنا أن يقدموا للحكومة تقييمات صادقة غير مبالين بسير السياسة في بلادهم".
وتابعت: "وجهات نظرهم ليست بالضرورة آراء الحكومة أو الوزراء بالفعل، لكننا ندفع لهم كي يكونوا صريحين معنا، تماما كما سيرسل السفير الأمريكي هنا مذكرات حول السياسات والشخصيات في حكومة بريطانيا".
وأشارت إلى أنهم يتوقعون أن تكون تلك المراسلات والنصائح والمشورات "سرية" بصورة كاملة.
ومضت: "لدينا فريق في واشنطن على علاقات قوية مع البيت الأبيض، ومما لا شك فيه أننا سنصمد أمم مثل هذا السلوك المشين".
واستطردت: "تلك الوثائق كانت مليئة بالأكاذيب، في البيت الأبيض لم يبدوا غير أكفاء، وفق وجهات نظر السفير البريطاني المأسوف عليها".
وقالت الخارجية البريطانية إنها ستفتح تحقيقا موسعا، حول كيفية تسريب تلك الوثائق السرية إلى وسائل الإعلام.
ترامب يعلق
كما علق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تلك التقارير، في تصريحات مقتضبة، نقلتها صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية: "يبدو أن السير كيم داروش، يضع مسيرته الدبلوماسية على المحك".
وتابع: "أعتقد أن السفير البريطاني لا يخدم مصالح بلاده بتلك الكلمات التي قالها، وليس من الناس المحببين لي لأني أؤمن أنه لا يود خدمة بريطانيا".
ومضى: "لذلك أنا أتفهم ما يقوله وما يفكر فيه، لأني أعلم جيدا أنه لا يسعى لخدمة بلاده".
مواضيع: