كاتب سيناريو فيلم "ولد ملكا": الفيلم سيكون نقطة انعطاف في تاريخ السينما السعودية

  20 يوليو 2019    قرأ 721
كاتب سيناريو فيلم "ولد ملكا": الفيلم سيكون نقطة انعطاف في تاريخ السينما السعودية

تشهد السينما السعودية في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل عرض فيلم "ولد ملكا"، الذي يتناول زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز إلى بريطانيا عام 1919، حين كان بعمر 13 عاما.

كتب سيناريو الفيلم الروائي السعودي بدر السماري، الذي يعتبر من أبرز الكتاب الحاليين في السعودية، وله عدة روايات أشهرها "ابن طراق" و"ارتياب".

في لقاء خاص مع "سبوتنيك" تحدث الروائي السعودي عن جوانب هذا الفيلم، وكان الحوار التالي:

سبوتنيك: كيف نشأت فكرة كتابة السيناريو، هل عرض عليكم أم أنها نابعة منكم؟
فكرة الفيلم في الحقيقة بدأت تقريبا أثناء لقائي مع المنتج العالمي أندريس غوميز عام 2015، وتحدث عن فكرة فلم سينمائي وتطرق لموضوع الملك فيصل، وكان هناك العديد من الأفكار كحياة الملك فيصل رحمه الله، وهو من قادة المملكة العربية السعودية.

كان هناك أكثر من جلسة ونقاش، وتم أخيرا الاتفاق على رحلة الملك فيصل، والتي كانت تحديدا قبل 100 عام إلى بريطانيا، أن تكون قصة مناسبة لتجسيدها في عمل سينمائي، وكانت الفكرة مشتركة بيني وبين غوميز، والحقبة التاريخية في تلك الفترة كانت في بدايات تأسيس المملكة العربية السعودية، وهي مادة خصبة وجديرة بالطرق ولم تطرح من قبل في السينما.

الرحلة بلا شك كانت مغايرة لأنه فتى في الثالثة عشرة من عمره، وأخذت الرحلة ما يقارب الشهرين في البحر، وعاش بضعة أشهر في بريطانيا، فكانت مهمة شاقة لكن الملك فيصل استطاع أن يقوم بها، وبالمناسبة هي مهمة أوكله بها الملك عبد العزيز مؤسس البلاد، ومن الملك فيصل من الوصول إلى بريطانية والتقى بالملك جورج الخامس ورئيس الوزراء آنذاك.

 ومن تلك الجلسات  والنقاشات مع المنتج تم وضع تصور للفيلم والسيناريو، وانضم لنا كاتب آخر هو الإسباني ري لوريجا، وتم عرض الفكرة على أبناء الملك الراحل، وبعد ذلك وجدت الفكرة الدمن من خادم الحرمين الشريفين ومن أبناء الملك الراحل، عن طريق مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث.

سبوتنيك: الفيلم يمثل حقبة زمنية صغيرة وهي فترة زيارة الملك فيصل لبريطانيا، لماذا تم اختيار هذه الحقبة بالذات؟
هذه الفترة كانت مهمة جدا في تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية، وكان هناك العديد من الصراعات، والمهمة في هذه الرحلة نتجت عن هذه الصراعات في الجزيرة العربية،  والنصف ساعة الأولى من الفلم هي توضيح عن وضع المملكة قبل الرحلة بين عامي 1906 و1919، وبعض المعارك التاريخية التي خاضها الملك عبد العزيز، والتوطئة هذه توصلنا إلى أسباب المهمة.

طبعا المهمة أخذت وقت طويل، لكن بوجود التوطئة التي تمت قبل الرحلة تشكلة صورة متكاملة للمتابع، ولإدراك كيفية الحالة الإنسانية في الجزيرة العربية، وكيف تشكلت المملكة العربية السعودية، وكذلك الصراعات الجغرافية المحيطة في تلك الفترة.

في النهاية هو ليس فلم وثائقي، بل هو دراما تاريخية، والرحلة تمثل مفترق طرق، وأهميتها بأهمية المعارك التي كانت في تلك الحقبة، فالفلم يقدم أهمية وصعوبة المهمة، ويقدم ما قبلها وما بعدها.

 سبوتنيك: كيف استطعت جمع هذه الكمية من المعلومات لتجسيد شخصية الملك فيصل في نص الفيلم؟
هو أحد أسباب استغراق الفيلم لما يقرب من 3 سنوات، ففترة ما قبل الكتابة كانت البحث والطلاع على العديد من المصادر والوثائق التاريخية، واستغرق الأمر فترة طويلة، وهنا لا بد من توجيه التحية إلى الكتاب الآخرين لرويجا والكاتب الإنجليزي هنري فرتز، الذي انضم إلينا في مرحلة لاحقة وأثرى العمل.

صعوبة العمل كانت في البحث والاطلاع على كل الوثائق والمصادر، وبعد ذلك بلورة الرحلة وعمل قصة، فالمشاهد بالنهاية يحتاج إلى عمل درامي، سواء كان نابع من رواية أو من مصادر تاريخية.

والمهمة الأصعب للكاتب هي أن يلم بكل خطوط التاريخ، وهي مثل محاولة جمع البازل، فالصورة تكتمل مثل فيسفساء، قطع صغيرة من التاريخ تشكل اللوحة كاملة، بحيث يجد المشاهد فيها دراما تاريخية.

 سبوتنيك: ما هو دور الروائي الإسباني في الفيلم؟
البداية كانت مع المنتج ثم انضم ري لوريجا، وهو بحث في العديد من المصادر والوثائق التاريخية عن الملك فيصل، وبعد ذلك اجتمعنا في ورشة عمل، لمحاولة ربط العديد من المصادر والوثائق، فلا يمكن ان يكون المصدر كتاب تاريخي واحد، بل حاولنا أن يكون الفلم مستقى من عدة مصادر.

في المرحلة الثانية وبعد عمل الإطار الكامل للقصة، كانت مرحلة تحويلها إلى سيناريو وحوار، وهنا لجأنا إلى الكاتب الإنجليزي كسيناريست، فاستطاع تحويل القصة إلى مشاهد، وكان هو من يقود الدفة في هذه الفترة، فيما كنا أنا ولوريجا في التدقيق والتصحيح، فكان العمل جماعي وكان أشبه بمدرسة أو ورشة عمل طويلة.

سبوتنيك: أنت كالطبيب النفسي وحللت شخصية الملك من أجل إنشاء النص، ومن خلال تحليلك لشخصية الملك، ما أكثر شيء أثر بك؟
الملك فيصل نشأ في بيت علم ونهل السياسة من والده مباشرة، ومن سنينه الأولى كان مصاحبا لوالده، حتى أنه شارك والده في أحد المعارك قبل أن يذهب لبريطانيا، فهو نهل من شخصية عبد العزيز.

أول شيء وجدته في شخصية الملك فيصل فيما وجدته في كتب التاريخ، هو حدة الذكاء وسرعة البديهة، بالإضافة إلى أنه كان حازما، ويتقاطع في هذا مع الملك عبد العزيز، فالصفات الثلاثة كانت واضحة للعيان منذ كان فتيا، وهي انعكست عليه حينما أصبح ملكا للمملكة العربية السعودية في سنواته الأخيرة، وله بالطبع قرارات تاريخية.

أود أن أضيف نقطة أخرى، وهي أن الرحلة كانت في عمر 13 عاما، وقد تركت أثرا وجدانيا في شخصية الملك فيصل، وهو تطلعه الدائم للتنمية، وأصبح شخصية تسبق زمنه.

وبالمناسبة أود التنويه إلى حدث تاريخي، حيث أن الملك فيصل هو أول مسؤول سعودي زار موسكو قبل 87 عاما، في عام 1932.

سبوتنيك: كتابة الرواية غير كتابة السيناريو، ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء كتابة هذا السيناريو؟
لنبدأ بالعامل المشترك بين الروائي والسيناريست، وهي أن الروائي الجيد يستطيع أن يدخل صورة بصرية للقارئ في روايته، فحين يكتب مشهد روائي لا بد أن تظهر تفاصيل المشهد، ويستطيع القارئ أن يتلقاها وتتجسد في مخيلته، وهي أهم عنصر عند الروائي.

وجود هذا العامل المشترك بين الروائي والسيناريست تبقي في المرحلة الأخرى هي مرحلة البحث والاطلاع، ولا بد أيضا للروائي حين يكتب أن يكون ملما بما يكتب، من ناحية الزمن والحراك المكاني في دائرة روايته، وهو ما يلتزم به السيناريست، في الحقيقة عبر التاريخ وفي هوليوود الآن هناك الكثير من الأسماء التي كتبت الرواية وكذلك السيناريو.

 سبوتنيك: ما هو تقييمك للفيلم من الناحية التقنية؟
أود أن أنوه إلى أنه في ظل رؤية 2030 هناك دعم لا محدود للثقافة والفنون بشكل عام، والسينما أحد أهم مكونات الفنون والثقافة، وفي المملكة العربية السعودية تم الإعلان عن مهرجان البحر الأحمر للسينما، والذي سيكون في العام القادم بسنته الأولى، وبإذن الله سيكون في المستقبل أحد أهم المهرجانات السينمائية، ونتطلع لذلك بلا شك.

وفي الحقيقة نحظى بالكثير من الاهتمام في الفترة الحالية، وفي هذا الفلم أود أن أشيد بالقدرة الاحترافية للمخرج أغوستي فيلارونغا، وقد تم التصوير في العديد من المواقع في السعودية وبريطانيا، لكن المشاهد التي صورت في السعودية أتوقع أنها ستقدم رؤية بصرية عالية للمتابع، إضافة للمتعة الدرامية والتاريخية، وأعتبرها أحد أهم جماليات هذا العمل.

لذلك دائما أقول أن الفيلم جاء في الوقت المناسب، وبإذن الله سيزيد من دائرة المهتمين بالسينما، وسيرتقى بصناعة السينما في المملكة العربية السعودية، وبحسب ما صرح المنتج عدد السعوديين الذين شاركوا في هذا الفيلم أكثر من 80 سعودي، ما بين الكتابة والتمثيل والإشراف والتصوير والإنتاج، وكان أشبه بمدرسة لتهيئة مجموعة سينمائية.

شهادتي مجروحة بالفيلم، لكن حقا أتطلع أن يليق باسم الملك فيصل أولا، ويقدم محتوى فني عالي وبجودة عالمية، ولا شك أن الكوادر احترافية، والمنتج كان قد حصل على الأوسكار عام 1997، فهو لديه رصيد كبير من التجربة، وأعتقد أنه قدم جزء كبير من تجربته في هذا الفيلم، لذلك أتوقع أن يكون نقطة فارقة في السينما السعودية.

سبوتنيك: على ماذا يعمل الآن بدر السماري؟ وما هي كتاباتك الحالية؟
في الفترة الحالية أحاول العودة إلى الكتابة السردية، ولدي مشروع الآن بدأته منذ فترة، وأتطلع أن يكون جاهزا في بداية العام القادم، بالطبع لا يهم حجم العمل، ولكن الأهم هو ما يتركه من أثر لدى المتلقي، وهو ما أتطلع إليه.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة