رغم نقص الاختصاصيين... آلاف الطلاب السوريين يتعلمون اللغة الروسية 

  09 أغسطس 2019    قرأ 449
رغم نقص الاختصاصيين... آلاف الطلاب السوريين يتعلمون اللغة الروسية 

شهد تعلم اللغة الروسية في سوريا إقبالا متزايدا خلال السنوات الأخيرة من مختلف الأعمار والمستويات العلمية والثقافية والاجتماعية.

مع التطورات غير المسبوقة التي شهدتها العلاقات السورية الروسية خلال السنوات الأخيرة، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتعليمية عديدة بين البلدين تنبئ بعلاقات مميزة وطويلة الأمد، برزت رغبة جامحة لدى المجتمع السوري بتعلم اللغة الروسية من أجل التعرف على الثقافة والحضارة الروسية والأدب والمجتمع الروسي، وقطعت وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة شوطاً مهماً في هذا الميدان، ما زاد من عدد المتعلمين والخريجين، ومن الأنشطة التعليمية التبادلية بين البلدين.

وعملت الحكومة السورية منذ سنوات على تأسيس برنامج تربوي وتعليمي لنشر اللغة الروسية في البلاد ولتخريج أجيال قادرة على المشاركة بفعالية في مستقبل العلاقات بين البلدين، إلا أن مشاكل وصعوبات كثيرة لا تزال تعترض هذه التجربة وتحد من انطلاقها بشكل حقيقي.

22 ألف طالب ابتدائي العام المقبل

وأوضح الدكتور رضوان رحال الموجه الأول للغة الروسية في وزارة التربية عضو المركز الوطني لتطوير المناهج، لـ"سبوتنيك" أن "اللغة الروسية أدرجت في المناهج التربوية منذ عام 2014 بدءاً من الصف السابع وحتى الثاني الثانوي، وستدرس في العام الدراسي القادم للصف الثالث الثانوي كلغة أجنبية ثانية، موضحاً أنها لغة اختيارية مع اللغة الفرنسية، "وقد وصل عدد الطلاب الذين يتعلمون اللغة الروسية من الصف السابع وحتى الثاني الثانوي ما يقارب 19 ألف طالب ويتوقع أن يرتفع الرقم إلى /22/ ألفاً العام  الدراسي القادم".

 

206 مدرسة تعلم الروسية حاليا

وأضاف أن "الكادر التدريسي الحالي هو من السوريين الحاصلين على شهاداتهم العلمية من روسيا، إضافة إلى سيدات روسيات متزوجات من سوريين ويحملن الجنسية السورية"، موضحاً: "لدينا نقص في الكادر التدريسي ومنذ خمس سنوات تم افتتاح قسم للغة الروسية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق وقد تم تخريج 17 طالبا ضمن أول دفعة من هذا القسم العام الماضي، والتحق عدد منهم بالمدارس في وزارة التربية وننتظر المزيد منهم في الفترة القادمة، والكادر التدريسي الحالي يفي بالغرض حالياً، وعندما يتوافر كادر إضافي فسيتم الانتشار بشكل أوسع، أما حالياً فلا يوجد لدينا سوى /206/ مدارس تعلم اللغة الروسية في سوريا من خلال /120/ معلماً ومعلمة".

ولفت رحال إلى أنه "جرت العادة منذ أربع سنوات أن نوفد في كل عام مجموعة من التلاميذ المتفوقين في اللغة الروسية إلى روسيا الاتحادية وإلى جمهورية القرم للمشاركة في معسكر ترفيهي في مركز الأطفال العالمي "أرتيك" لمدة ثلاثة أسابيع يمارس خلالها التلاميذ نشاطات رياضية وثقافية ورحلات سياحية وهوايات متعددة مع أقرانهم الروس، وخلال تلك الفترة يتحدثون اللغة الروسية، إضافة إلى قضاء يومين في موسكو للتعرف على الأماكن السياحية فيها".

وأوضح رحال أن الكثير من الشباب الذين يحصلون على شهادة الثانوية العامة في سورية يتطلعون إلى روسيا لإكمال دراستهم الجامعية فيها، حيث يتم إيفاد عدد كبير من الطلاب من قبل وزارة التعليم العالي في إطار العديد من الاتفاقيات الثقافية الموقعة ما بين الجانبين السوري والروسي في هذا المجال.

وأردف قائلاً: "منذ إدراج اللغة الروسية في المناهج السورية دخلت هذه اللغة في نشاطات متعددة يؤديها طلاب من جميع المحافظات ويقدمون عروضاً رائعة في دار الأوبرا من مسرحيات وغناء وموسيقى في المناسبات الوطنية السورية وفي المناسبات الخاصة بجمهورية روسيا الاتحادية.

الجامعات: نقص حاد بمتخصصي الروسية

برزت صعوبات كثيرة أمام تعليم اللغة الروسية في جامعة دمشق أبرزها عدم توافر الكوادر التدريسية المتخصصة للمراحل الاختصاصية العليا ومخابر اللغة فضلاً عن ضعف تبادل الوفود، رغم إحداث قسم لتعليم اللغة الروسية وآدابها بجامعة دمشق قبل خمس سنوات.

وفي هذا السياق، قال الدكتور هيثم محمود رئيس قسم اللغة الروسية وآدابها في جامعة دمشق: إن قسم اللغة الروسية افتتح في الجامعة عام 2014 بدون أية مقومات، وبدأ من الصفر بدون مخابر أو كتب أو هيئة تدريسية متخصصة باستثناء أستاذ جامعي وحيد يحمل الدكتوراه في الأدب الروسي وهو رئيس القسم السابق إلى جانب عدد محدود جداً من أعضاء الهيئة التدريسية.

وأضاف محمود: "تم وضع الخطة الدرسية للقسم بعد الاطلاع على الخطط الدرسية لأقسام اللغات الأخرى في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق، لكن هذه الخطة لا تلبي احتياجات العملية التعليمية، فطلاب القسم يعانون من صعوبة في تعلم اللغة الروسية كلغة جديدة عليهم وعلى المجتمع السوري، وليس لديهم أية خلفية عنها بعكس اللغات الأجنبية الأخرى التي تدرّس في سورية منذ المرحلة الابتدائية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "المشكلة الأساسية في القسم تكمن في عدم توافر كادر تدريسي متخصص قادر على التدريس بالشكل المطلوب والمعتمد في الجامعات والمعاهد والأكاديميات الروسية، فالكادر التدريسي الموجود في القسم لا يملك الخبرة في التعليم".

"العالي للغات" في جامعات حلب واللاذقية وحمص

وأوضح محمود أن جامعات حلب واللاذقية (تشرين) وحمص (البعث) تسعى إلى افتتاح أقسام خاصة للغة الروسية ضمن كليات الآداب، مشيرا إلى أن فروع المعهد العالي للغات في الجامعات الثلاث، تقيم سلسلة من الدورات باللغة الروسية على مدار العام ينضم إليها المئات من الطلاب الراغبين بتعلم اللغة الروسية ضمن 8 مستويات، وذلك إلى جانب دراساتهم الأساسية في تلك الجامعات.

مبنى خاص للغة الروسية بجامعة دمشق

ولفت رئيس قسم اللغة الروسية بجامعة دمشق إلى أن هناك رغبة جامحة لدى المجتمع السوري بتعلم اللغة الروسية وقال: "روسيا من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب سوريا في محاربة الإرهاب وامتزج دم الجيش الروسي بدم الجيش السوري فنحن في خندق واحد في مكافحة الإرهاب، وهذا الأمر كان محط تقدير الشعب السوري وتجسد في رغبة كبيرة لتعلم اللغة الروسية من أجل التعرف على اللغة والثقافة والحضارة الروسية والأدب والمجتمع الروسي".

وأشار محمود إلى الترايد المضطرد في عدد طلاب قسم اللغة الروسية بجامعة دمشق جعله اليوم الأكبر بين كافة أقسام اللغات الأخرى في الكلية، الأمر الذي دفع إدارة جامعة دمشق إلى تشييد مبنى خاص لقسم الروسي.

متفوقة: أتطلع لمتابعة الدراسات العليا بروسيا

وقالت الطالبة دلال محمد زينة والتي تخرّجت بتفوق هذا العام من قسم اللغة الروسية بجامعة دمشق "أنا أعتبرها فرصة رائعة لإدراج اللغة الروسية بين رغباتي الدراسية فليس هناك أجمل من أن تتقن لغة دولة أنت معجب بها وترغب بمعرفة كل شيء عنها من خلال معرفتك للغتها".

وأضافت زينة: " أتمنى فسح المجال أمام الخريجين المتفوقين لمتابعة دراستهم العليا في روسيا للماجستير والدكتوراه علماً أنني من الخريجين الأوائل، إضافة إلى أن طلاب القسم بحاجة الى مخبر لغوي من أجل الاستماع الصحيح للغة الروسية وهذا يساعدهم على النطق الصحيح وكذلك من المهم تزويد القسم بمراجع باللغة الروسية أكثر من المتوفر حالياً".

معاهد الثقافة الشعبية تخرّج المئات

وتجدر الإشارة إلى أن جهود تعليم اللغة الروسية لم يقتصر على المؤسسات التعليمية وإنما امتد ليشمل عدداً من الجهات والهيئات والجمعيات والمراكز الثقافية الحكومية والأهلية التي نشطت مؤخراً في المحافظات السورية بإقامة دورات لتعليم اللغة الروسية للأطفال والشباب والأهالي وتنظيم الحفلات والمهرجانات باللغة الروسية وخصوصاً بعد قدوم شركات روسية عديدة ورجال أعمال روس كثر إلى سوريا للمساهمة في جهود إعادة الإعمار عبر الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين فضلاً عن وجود قوات روسية صديقة في العديد من المناطق والمدن السورية وتواصلها المباشر مع المواطنين السوريين مما شكل حافزاً إضافياً لتعلم اللغة الروسية.

وأدت وزارة الثقافة في سوريا دورا مهماً تعليم اللغة الروسية ونشر الثقافة الروسية عبر مراكزها الثقافية المنتشرة في جميع المحافظات السورية.

أن معاهد الثقافة الشعبية التابعة لوزارة الثقافة تقوم بتدريس اللغة الروسية لكونها تعزز الروابط المتينة بين الشعبين الصديقين السوري والروسي.

وأضاف "لقد خرجت معاهد الثقافة الشعبية في السنوات الأخيرة مئات الطلبة المتمكنين من اللغة الروسية والثقافة الروسية من خلال دورات تعليم اللغة الروسية التي تقيمها"، حيث وصل عدد المنتسبين إلى هذه الدورات في سوريا إلى أكثر من /900/ طالب وطالبة العام الحالي".


مواضيع:


الأخبار الأخيرة