طائرات بريطانية إلى الخليج... حماية لناقلات النفط أم حشد ضد إيران

  04 سبتمبر 2019    قرأ 591
طائرات بريطانية إلى الخليج... حماية لناقلات النفط أم حشد ضد إيران

على خلفية التوتر القائم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الغربية، وفي تطور جديد للأحداث بمنطقة الخليج، أعلنت بريطانيا أنها تدرس إمكانية إرسال طائرات مسيرة إلى المنطقة، بحسب ما نقلته قناة "سكاي نيوز" البريطانية عن ضابط كبير في البحرية البريطانية، وهو ما أثار جدلا واسعا في المنطقة.

عسكرة المنطقة

قال صالح الغزويني، المحلل السياسي الإيراني لـ"سبوتنيك"، إنه منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران، وكل الممارسات الأمريكية تدفع في اتجاه تأزيم المنطقة.

وأوضح أن "العقوبات المفروضة على إيران كافية لتوتير المنطقة، وإشعال الأزمات بها فمنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لم تشهد المنطقة أي استقرار ويمكننا القول أنها أصبحت على كف عفريت".

وأضاف المحلل السياسي الإيراني: إذا أرادت أمريكا عودة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة، فلن يتحقق ذلك من خلال "عسكرة المنطقة وتجييش الجيوش"، والتي قد تؤدي إلى إشعال الحرب في المنطقة. وهي الحرب التي لن تكون إيران المتضرر الوحيد بها، بل ستطال كل دول المنطقة وكذلك أمريكا نفسها.

​وتابع الغزويني، كان بإمكان بريطانيا وأوروبا أن يضعوا حدا لهذا التوتر بالضغط على ترامب وإقناعه بضرورة العودة إلى الإتفاق النووي.

وأكد المحلل الإيراني، على أن إرسال الطائرات والمدمرات وحاملات الطائرات إلى المنطقة لن يؤدي إلى الاستقرار، "لأنه في حال تمكن تلك الدول من منع إيران من بيع نفطها، اعتقد أن طهران سوف تنفذ ما وعدت وهددت به تلك القوى والدول، بأنها لن تسمح للآخرين باستخدام مضيق هرمز".

 عناصر قوة إيران

ولفت الغزويني إلى أن مضيق هرمز هو أحد عناصر قوة إيران التي تستخدمها عندما تضطر إلى الدفاع عن مصالحها وأمنها القومي.

وقال إن إيران "أثبتت خلال الفترات الماضية أنها لن تكون البادئة في أي إجراء ضد الآخرين"، لكنها في الوقت ذاته لن تسكت على أي عدوان عليها، لافتا إلى أن قضية ناقلة النفط الإيرانية والبريطانية برهنت على ذلك.

وأكد الغزويني على إيران لو أرادت أن تحتجز أي سفينة أجنبية، لن تمنعها الطائرات وحاملاتها، وستقوم بما تود القيام به دون الاهتمام بما يفعله الآخرون، وخاصة إذا تعلق الأمر بقضية كرامتها الوطنية.

الطائرات البريطانية

وبحسب وسائل إعلام بريطانية، فإن هذه الطائرات ستساعد في عمليات الاستطلاع، علما أن سفنا حربية بريطانية ترافق ناقلات البلد في مضيق هرمز منذ أن زادت شدة التوتر بين طهران ولندن، إثر احتجاز سلطات جبل طارق البريطانية سفينة النفط الإيرانية أدريان داريا 1 في الرابع من يوليو/تموز الماضي.

​وتعزز الطائرات المسيرة البريطانية في تحليقها لأجواء منطقة الخليج نظيرتَها الأمريكية التي تنشط في المنطقة منذ مدة، وقالت وسائل إعلام بريطانية إن هذه الطائرات البريطانية المسيرة توجد بالمنطقة وتقوم بمهمات في العراق وسوريا، وقد تكلف بمهمة جديدة بناء على النزاع مع طهران، وكانت بريطانيا قد دعت الجمعة الماضية إلى حشد الدعم الواسع ضد تهديدات الشحن في مياه الخليج.

وحول مهام تلك الطائرات، قال اللواء أنور عشقي، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجدة لـ"سبوتنيك"، نحن نعلم أن إيران قد هددت العالم بأنها إن لم تتمكن من تصدير بترولها فلن تسمح بخروج البترول من الخليج، لكنها لم تتمكن من ذلك بعد أن أرسلت الولايات المتحدة أساطيلها إلى الخليج والتي شكلت رادعا لطهران.

وأضاف عشقي، بالنسبة لإرسال بريطانيا لطائرات مسيرة للخليج، يأتي هذا بعد أن أعلنت أمريكا أن كل دولة مسؤولة عن حماية سفنها لأن أمريكا لا تريد أن تكون بمثابة شرطة الخليج، وبذلك يكون لكل دولة الحرية في اختيار الطريقة التي تحمي بها سفنها.

وتابع "بريطانيا (مثلا) فضلت إرسال الطائرات المسيرة، والتي قد تكون طائرات مراقبة لرصد أي زورق معادي يريد عرقلة مسار السفن البريطانية، كما يمكن لتلك الطائرات أن تواجه الزوارق المعادية والتي تريد اختطاف الناقلات".

واعتبر مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات بجدة، أن هذا إجراء بريطاني صرف، ولا علاقة له بالمفاوضات أو غيرها، مشيرا إلى أن "إيران تحاول بكل جهدها تنفيذ سياساتها التوسعية على حساب الدول العربية،  والإسلامية في المنطقة، والآن شعرت أنها لا تستطيع تنفيذ هذا الأمر بحرية تامة لأنها سوف تعرض نفسها لموقف صعب".

 دور السعودية والإمارات

ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، علي الهيل لـ"سبوتنيك"، إن السعودية والإمارات يقفان وراء القرار البريطاني، لأن مشاركة أمريكا بشكل مباشر قد يغضب أطرافا كثيرة في المنطقة نتيجة الدعم غير المطلق من أمريكا وإسرائيل لهما على سبيل المثال، لذلك رأت هاتان الدولتان أن ترسل بريطانيا طائرات مسيرة تحت مسمى حماية السفن التي تنقل النفط الخليجي إلى بريطانيا وأمريكا ودول العالم.

​وتابع الهيل، لعل أمريكا ونتيجة التقارب الأكبر بينها وبين بريطانيا دون بقية دول الاتحاد الأوروبي، هى التي أوعزت إلى بريطانيا أن ترسل طائرات مسيرة لحماية السفن النفطية في الخليج لا سيما أن إيران ترفض المشاركة الغربية من أي نوع كانت، لكن رفضها القاطع والجازم للمشاركة الأمريكية في الخليج.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن الإيعاز الأمريكي لبريطانيا بإرسال طائرات مسيرة للخليج، يرجع إلى أن بريطانيا هى التي استعمرت هذه المنطقة من العالم بما فيها إيران ودول الخليج العربي الأخرى، ولعل الدفع ببريطانيا لحماية السفن النفطية في الخليج هي عملية "هروب" من جانب الولايات المتحدة لمسؤليتها غير المكتسبة لحماية سفن النفط.

هنا تتدخل بريطانيا بقوة

أما الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية لـ"سبوتنيك"، فيرى أن الموقف البريطاني تجاه العمل في الخليج العربي وفي تلك الأزمة بالتحديد يقوم على أمرين، أولهما، هل الناقلات التي ترفع العلم البريطاني في الخليج على متنها بحارة أو ضباط ومهندسين وأفراد بريطانيين أم لا، أي أن ما يحكم الموقف هو العامل البشري البريطاني المتواجد على تلك الناقلات.

​وأضاف أبو النور، "لو فرضنا أن هناك ناقلة تحمل العلم البريطاني لكن طاقمها ليسوا بريطانيين، هنا يكون التعامل البريطاني مختلفا عن الحالة الأولى عندما يكون الطاقم بريطاني".

وأوضح رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلى الآن الناقلات التي تم احتجازها في الخليج لم تكن طواقمها بريطانية وإنما الناقلة ترفع العلم البريطاني، وهنا يكون التساؤل، ما العمل إذا كانت الناقلة غير بريطانيةوعليها أفراد بريطانيين، هنا تتدخل بريطانيا بقوة لمنع إيران من تهديد الملاحة في تلك المنطقة، حتى هذه اللحظة إيران تلعب بكل ذكاء على تلك النقاط، وهنا يتضح لنا أن هناك خبراء إيرانيين على مستوى عال جدا في الخارجية الإيرانية ومناطق صنع القرار يدركون تلك الحقيقة ومتى تتدخل بريطانيا بقوة.

 الخط الأحمر الذي لم تتجاوزه إيران

وأشار أبو النور إلى أن هذا الإدراك الإيراني هو الذي دفع لندن لعدم التصعيد مع طهران حتى هذه اللحظة، ومع ذلك فإن لندن لديها مخاوف من قيام طهران باحتجاز ناقلات نفط ليست بريطانية ولكنها تدار بطواقم بريطانية.

​وتابع: في تلك الحالة تكون طهران قد تعدت الخط الأحمر البريطاني، لذا فكل إجراء تقوم به الآن هو استعداد لما قد يحدث مستقبلا، وقد استعدت بريطانيا العام الماضي في 4 إبريل/نيسان 2018 ودشنت قاعدة عسكرية كبيرة قبالة سواحل البحرين، وتلك القاعدة بها من الأسلحة والعتاد العسكري ما يمكنها من التعامل مع أي تهديد إيراني محتمل للأفراد البريطانيين وليس للناقلات البريطانية.

ولفت رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلى أن بريطانيا تعاني من فراغ سياسي، وهو ما لا يمكنها من اتخاذ قرارات حاسمة  في منطقة عمليات حساسة مع لاعب شرس مثل اللاعب الإيراني، لذلك أخذت بريطانيا موقفا مضادا أو مغايرا للموقف الأمريكي على خلفية أنها تعاني من مشاكل.

وحول نوع العلاقة بين طهران ولندن، قال أبو النور إن المصالح هى التي تحكم تلك العلاقة حيث تطمح لندن إلى إبقاء إيران داخل منظومة منع الانتشار النووي ومنعها من العودة للعمل بالبرنامج النووي في ظل استبعاد الخيارات العسكرية.

بريطانيا أمام تحدى

أزمة ناقلة النفط الإيرانية وتصميم الجانب الإيراني على إيصالها للموانئ السورية وضع بريطانيا أمام تحدى خاصة وأن إفراج حكومة جبل طارق عن تلك الناقلة رغم الضغوط الأمريكية لم يحول دون استكمال مسيرتها باتجاه سوريا، هذا ما قاله أحمد قبال الباحث في الشأن الإيراني 

وأضاف، بالطبع لدى بريطانيا قوات بحرية داخل الخليج لكن إرسال طائرات مسيرة في هذا التوقيت تماشيا مع التحالف الأمريكي المزمع تشكيله لحماية الملاحة بالخليج يحمل في طياته رسائل للجانب الإيراني مفادها أن بريطانيا رغم حرصها على الاتفاق النووي وتمكين النظام الايراني من تفادي آثار العقوبات الامريكية، لديها القدرة على التصعيد في الخليج وأن ممارسات إيران لن تظل طويلا دون رد فعل وقد يصل الأمر لفرض واقع عسكري جديد.

واحتجزت طهران سفينة النفط البريطانية "ستينا إيمبيرو" بعد أسبوعين من احتجاز لندن السفينة النفط الإيرانية أدريان داريا 1 في مضيق جبل طارق والتي أفرجت عنها الجمعة الماضية.

ولاتزال سفينة النفط الإيرانية التي أفرجت عنها السلطات البريطانية في جبل طارق تبحر في مياه المتوسط. وكانت أنباء قد تحدثت عن توجهها للرسو بأحد الموانئ اللبنانية، إلا أن بيروت نفت ذلك، وأكدت أنها لم تتلق أي طلب بخصوص هذا الأمر.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة