ومنذ يناير (كانون الثاني) 2019 وصل 15 ألفاً و683 مهاجراً إلى إسبانيا بحراً بتراجع بنسبة 45% عن عدد الواصلين في الثمانية أشهر الأولى من 2018، بحسب وزارة الداخلية الإسبانية.
وبعد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا حول الهجرة في 2016 ثم إغلاق أبواب إيطاليا في 2018، بات طريق الهجرة البحرية باتجاه إسبانيا الأكثر جذباً للمهاجرين العام الماضي.
غير أن الأمر لم يعد كذلك وتزايد عدد عابري البحر باتجاه أوروبا من شرق البحر المتوسط باتجاه اليونان، بحسب منظمة الهجرة الدولية.
وقال مسؤول نقابة الحرس المدني في الأندلس خوسيه اينسيناس، إن القوات المغربية "تمنع انطلاق المراكب بعد أن كانت في السابق تسمح لها بالابحار".
من جهته، صرح خبير في الهجرة طلب عدم كشف هويته، أن "الشرطة البحرية المغربية وضعت استحكامات في النقاط الاستراتيجية خصوصاً في شمال" المملكة لكبح عمليات انطلاق مراكب المهاجرين.
اعتبر الخبير الإسباني في الجغرافيا السياسية بشمال أفريقيا ادوار سولر، أن "المغرب أدرك (منذ سنوات) أن ورقة الهجرة تشكل أداة ضغط مفيدة جداً".
وأضاف أنه منذ سنوات "تزامنت الفترات الصعبة في العلاقات المغربية الإسبانية مع تزايد عدد الواصلين (من المهاجرين إلى إسبانيا) والفترات التي تحسنت فيها العلاقات مع تراجع كبير" في عدد المهاجرين.
وكان رئيس الحكومة الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي تولى منصبه في يونيو (حزيران) 2018 حين كان عدد مراكب الهجرة كبيراً، أرسل مراراً وزاءه إلى الرباط قبل أن يزور بنفسه المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 لمباحثات مع العاهل المغربي محمد السادس.
ثم قام العاهل الإسباني فيليبي السادس في فبراير (شباط) بزيارة دولة حيث أشرف على توقيع 11 اتفاقية ثنائية.
ولاحظ الخبير سولر، أن "تراجعاً كبيراً في عدد الواصلين إلى إسبانيا سجل عندها" من 4 آلاف و104 في يناير (كانون الثاني) 2019 إلى 936 في فبراير (شباط) بحسب منظمة الهجرة الدولية.
وأضاف، "لا يبدو أن ذلك كان مجرد صدفة"، معتبراً أن "المغرب قرر تغيير سياسته".
من جانبه قال خوسيه اينسيناس، "عندما يريد المغرب مالاً يفتح صنبور الهجرة وعندما يتلقى المال يغلق" الصنبور.
وحصلت الرباط خصوصاً على مساعدات مالية من مدريد.
ومنحت إسبانيا في أغسطس (آب) المغرب 32 مليون يورو مخصصة لمراقبة الهجرة غير الشرعية وذلك بعد منحه 26 مليون يورو "لتزويد وزارة الداخلية المغربية بعربات".
كما تحسنت العلاقات بين الرباط وبروكسل منذ أن وافق البرلمان الأوروبي في فبراير (شباط) 2019 على اتفاق الصيد البحري الذي تم التفاوض عليه بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وحصل المغرب على مطلبه بتضمين "المياه المحاذية للصحراء الغربية" في الاتفاق.
أشار وزير الداخلية الإسباني فيرناندو غراند مارلاسكا الأربعاء في الرباط، إلى "تراجع ملحوظ" في عدد المهاجرين الواصلين إلى بلاده مشيداً بـ"التعاون الأمني" وذلك خلال سابع اجتماع مع نظيره المغربي.
وأكد أن مدريد "ستستمر في التأكيد لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي على أهمية التعاون مع المغرب باعتباره شريكاً استراتيجياً في مجال الهجرة وغيرها".
وخصص الاتحاد الأوروبي 140 مليون يورو لإدارة الهجرة في المغرب.
وقالت نائب رئيس الحكومة الإسبانية كارمن كالفو في 29 أغسطس (آب) "هذا يبدو لنا قليلاً"، مضيفة أن "أوروبا ستستمر في بذل جهد أكبر حيال المغرب".
وفي الوقت الذي تشيد فيه المملكتان بالتعاون بينهما، تندد منظمات حقوقية على غرار منظمة العفو الدولية بسياسة "تصدير عمليات المراقبة" على الحدود التي تعتمدها أوروبا وعمليات "الطرد العاجل" الأخيرة للمهاجرين إلى المغرب و"الترحيل الإجباري" الذي تمارسه السلطات المغربية لأبعاد المهاجرين عن سواحلها.
مواضيع: