آثار عملية "نبع السلام" على اتفاقات الدول الضامنة ومستقبل الحل السياسي في سوريا

  12 اكتوبر 2019    قرأ 861
آثار عملية "نبع السلام" على اتفاقات الدول الضامنة ومستقبل الحل السياسي في سوريا

أعلنت تركيا عن بدء عملية "نبع السلام" العسكرية يوم الأربعاء الماضي، وبدأت القوات التركية بدخول الأراضي السورية، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الضامنة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعصف بسوريا منذ ثمان سنوات.
ومضت تركيا في العملية، على الرغم من أنها لم تناقش شركائها في حل الأزمة السورية من إيران وروسيا، ما يضع الاتفاقات التي توصلت لها هذه الدول موضع خطر.

 

التأثير على الاتفاقات
عن تأثير عملية "نبع السلام" على الاتفاقات التي جرت بين الأطراف الثلاثة، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيفاستوبل الروسية، الدكتور عمار قناة، في لقاء مع وكالة "سبوتنيك": تأثيرات هذه العمليات العسكرية يمكن النظر إليها على أساس ملفين، وحتى لو أنهما يختلفان باللاعبين في المنطقة، ملف إدلب من الملفات الأساسية في إطار "أستانا" وسوتشي، أما ملف شرق الفرات فهناك اللاعب الأمريكي، وكان هناك اضطراب وارتباك في الحالة السياسية من خلال المناورات الأمريكية من حيث البقاء من عدمه في هذا الملف.

ويكمل قناة: أعتقد أن هناك حالة متعمدة من الطرف الروسي والإيراني بعدم التدخل أو التطرق لذلك الملف، من أجل عدم التصعيد، حيث كانت الولايات المتحدة تستخدم الأكراد كورقة ضغط، وجزئيا في مكافحة الإرهاب، ولكن المسألة الأهم هي الضغط على الحكومتين السورية والتركية أيضا، وما نراه اليوم هو صفقة أمريكية تركية.
ويتابع أستاذ العلاقات السياسية: باعتقادي أن التأثير سيكون سلبي على المسار السياسي للمعادلة، لكنه لن يمنع من الاستمرار بشكل كامل، ومن ناحية أخرى يمكن أن نرى تطورا في المسار السياسي، وأن يخضع الطرف الكردي  والعودة جزئيا إلى دمشق، والانخراط في المعادلة السياسية السورية السورية، ونبذ كل الطموحات التي غررتهم بها أمريكا بإنشاء دولة مستقلة.

ويشير بقوله: الحل أمام الطرف الكردي هو التوجه إلى دمشق، وأعتقد أنها ستكون من خلال موسكو، كما صرح وزير الخارجية لافروف، والطرف الكردي يتحمل جزء من المسؤولية، والاستدارة لم تتم بعد، لكن أعتقد أنهم بدأون يعون أن الحل في دمشق وليس في واشنطن.

ومن تركيا يرى الأكاديمي والباحث السياسي سمير صالحة رأيا مخالفا، ويوضح: أظن أن هناك تفاهمات تركية روسية إيرانية جرت خلال القمة الثلاثية التي عقدت في أنقرة، وأظن أن الجانب التركي أطلع بشكل أو بآخر على نية أنقرة بالقيام بهذه العملية، والتي طرحتها وكررتها القيادة السياسية التركية أكثر من مرة.

ويكمل صالحة: وأظن أن هذه العملية هي مقدمة لفتح صفحة جديدة في مسار الأزمة السورية باتجاه إيجابي طبعا، والمخم الآن أن يكون هناك إنجاز سريع لأهداف العملية، وأن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية في التعامل مع الملف السورية، وإخراج مجموعات PYD لأنها كانت عقبة أساسية في طريق خطة حل الأزمة  السورية، وأظن على ضوء نتائج هذه العملية، سيتم إبعاد وإزالة هذه العقبة.
فيما يعتقد المحلل السياسي الإيراني أمير الموسوي في اتصال مع "سبوتنيك" بأن لهذه العملية تأثير سلبي محدود، ويقول: طبعا ستتأثر سلبيا نوعا ما في البداية، لكن بما أن الجهد الآن يبذل في سبيل ترطيب الأجواء بين أنقرة ودمشق، وروسيا وإيران يسعيان بصورة جادة في سبيل أن يبدأ التواصل بين أنقرة ودمشق، في سبيل إيجاد حل سياسي في هذا الموضوع.

ويكمل الموسوي: بالإضافة إلى الضغط على الأكراد للتواصل مع دمشق، لأن الجيش السوري إذا استقر على الحدود تحل المشاكل للأكراد وللأتراك، وهذا ما تسعى إليه إيران وروسيا الآن، وربما هناك بعض بوادر ظهرت نوعا ما، وسنرى النتائج إنشاءلله.

أما وجهة النظر السورية فترى أن هذه العملية قد تنسف جميع التفاهمات التي حصلت فيما يخص الأزمة السورية، ويتحدث عن ذلك في حوار مع "سبوتنيك" المحلل السياسي السوري أسامة دنورة، ويبين: هذه العملية تعتبر عدوانا على السيادة السورية، وهي إعادة تدوير لمجموعات إرهابية، وتحمل مخاطر لعملية تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي في الأراضي السورية، وتعيد خلط الأوراق وتسمم الأجواء بين الضامنين الثلاثة، وبين الأطراف المنخرطة في العملية السياسية بالنسبة للحل في سوريا.

ويكمل دنورة: لا يمكن الحديث عن طرف ضامن يخالف ما جاء في كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالحل السياسي، من احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها، ويخالف بيان جنيف الأول لعام 2012 الذي يرفض عسكرة الأزمة.
ويتابع: نحن نرى طرف جديد يدخل بقوات مباشرة إلى الميدان العسكري، باستخدام منظمات غير شرعية، هي عمليا توأم لتنظيم جبهة النصرة، حتى وإن أعطاها التركي اسم الجيش الوطني السوري.

ويشير إلى خطورة هذه العملية ويتحدث: لذلك عمليا هناك مشهد جديد إذا لم يكن هناك انكفاء لهذه العملية، وإذا لم يذهب التركي للتفاهم مع الحكومة السورية، وإيقاف هذه العملية، فبكل تأكيد هذا يجعل من الطرف التركي كما أكد بيان الخارجية السورية غير مؤهل للاستمرار بدوره كضامن في أي عملية سلمية.

مستقبل الحل السياسي
يرى الدكتور عمار قناة بأن الحل سيكون من داخل سوريا، ويشرح: الحل السياسي أراه كحوار سوري سوري أولا، ويمكن القول أن الخطوة الاولى قد تمت من خلال اللجنة الدستورية، وعلى أرض الواقع الفسيفساء السورية بكامل مكوناتها ستكون أطرافا في المعادلة القادمة.

ويتابع: وبناء على المعطيات العسكرية من الأرض، كل هذا سيكون فقط بعد خروج كل القوات العسكرية غير الشرعية على الأراضي السورية.
أما الخبير التركي صالحة فيرى أن لهذه العملية أثار إيجابية كبيرة، ويقول: هذه العملية ستفتح أبواب أوسع بين كافة أطياف المجتمع السوري، وأظن أن هذه العملية ستكون آخر منها في منطقة إدلب، لأن هذا التحرك ضروري ومهم بالنسبة للجميع، باتجاه إخراج مجموعات النصرة من المشهد في إدلب.

ويستطرد: وهذا التحرك مهم بقدر أهملية عملية شرق الفرات من ناحية إخراج PYD من المشهد الذي يعرقل مسار التسويات في سوريا، وسيفتح الطريق بشكل أوسع لحل الأزمة السورية.
بدوره المحلل الإيراني أمير الموسوي فيرى أن الحل سيكون سياسيا، ويوضح: الحل الأمني ثبت فشله لو أصل الأتراك على الحل الأمني، لأنني أعتقد أنه سيكون فاشلا استخدام بعض القوات السورية من المعارضة أو ما يسمى الجيش الوطني الحر، وسيكون نوع من لعبة الورقة الأخيرة، ويراد من المعارضة الدخول في مهلكة نهائية، لستهيل الحل السياسي لاحقا.

ويكمل: المؤشرات تدل على أن الأتراك يرغبون بالتفاهم مع الحكومة السورية، وتركيا تأمل بحلين أساسيين، أولهما تأمين حدودها الجنوبية مع سوريا، والمشاركة في الإعمار في سوريا، وهذا ينعش الاقتصاد التركي، وتركيا تطمع إلى هذه الهدفين، وإيران وروسيا يسعيان لستهيل هذا الأمر.
بدوره يرى المحلل السوري أسامة دنورة أن الآثار السلبية ستكون على مستقبل الحل السياسي في البلد، ويكمل: كل قرارات مجلس الأمن وكل البيانات الختامية لاجتماعات "أستانا" وغيرها من الاجتماعات، تؤكد على الحق في مكافحة الإرهاب، وهذا الأمر منصوص عليه في كل القرارات بما فيها القرار 2554، وهو واحد من السلات الأربعة التي يجب أن تسير بالتوازي مع سلة الدستور وسواها من السلل الأخرى.

ويواصل دنورة: وعندما نتحدث عن إعادة شحن وتدوير المجموعات الإرهابية وتجميعها واستخدامها مجددا للاستيلاء على الأراضي السورية، فهذا يعني أن العملية السياسية بشكل عام مهددة بأن توضع فيها العربة قبل الحصان.
ويختم قائلا: هذا يعني أن العملية السياسية ستعاق وسوف يكون هناك فشل لأي عملية تتطلب انتخابات يجب أن تشمل جميع الأراضي السورية، وأن تكون تحت سيادة الدولة، وكل هذا سيكون معطلا في ظل وجود مساحات موجودة تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، وليس تحت سيطرة الدولة.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة