أخطر أزمات دول حوض النيل... "عنتيبي" بداية الصراع

  04 ديسمبر 2019    قرأ 799
أخطر أزمات دول حوض النيل... "عنتيبي" بداية الصراع

سنوات عجاف تنتظر منطقة الشرق الأوسط، خلال العقود المقبلة، نتيجة للشح أو الفقر المائي الذي قد يتسبب في اشتعال العديد من الصراعات في المنطقة.
 وكانت الأزمة الأكثر حدة خلال السنوات العشر الحالية هي أزمة مياه النيل والحصص التاريخية لمصر والسودان بعد البدء الفعلي في أعمال إنشاء "سد النهضة" الإثيوبي على نهر النيل.

 

ولم يكن اتفاق "عنتيبي" لدول حوض النيل هو الاتفاق الوحيد في هذا الشأن، فقد كانت هناك عشرات الاتفاقات والمعاهدات شملت بعض الدول دون غيرها خلال القرن الماضي نظرا لوقوع بعض تلك الدول تحت الاستعمار، وبعد استقلالها رفضت تلك الاتفاقات، معللة ذلك بتغير أوضاعها التنموية والسياسية، فإلى متى سيستمر الصراع وهل ستوقع مصر والسودان على "عنتيبي"، وتكتفي أديس أبابا ببناء السد وينتهي الخلاف حول النواحي الفنية.

تحفظات مصرية

قال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والري، بمجلس النواب المصري في حديث لـ"سبوتنيك"، اتفاق عنتيبي مهم جدا لدول حوض النيل، ولكن هناك تحفظات مصرية على بعض ما جاء في الاتفاقية، وهناك مفاوضات مصرية -سودانية للتوقيع على الاتفاقيات ومنها عنتيبي بما يخدم مصالح البلدين ودول حوض النيل بشكل عام.

وأضاف وكيل لجنة الري، مصر من الدول التي تلتزم بكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وبشكل خاص اتفاقيات دول حوض النيل، والقيادة السياسية تتطلع لاستفادة مصر والسودان وكل دول حوض النيل، وننتظر خروج اجتماع وزراء دول اتفاق عنتيبي الخاص بنهر النيل بقرار لصالح دول حوض النيل ولا يمس بالحقوق التاريخية لكل من مصر والسودان.

الحقوق التاريخية

وأكد تمراز، أن البرلمان المصري فوض القيادة السياسية فيما يختص بمياه النيل "حتى يكون هناك قائد واحد في تلك العملية"، فيما يختص بالتفاوض والتوقيع، ثم يلي ذلك تدخل القوى الناعمة السياسية، ثم البرلمان أيضا لإيجاد حلول" ومازالت حلول البرلمان والقوى الناعمة لم تأت بعد"، بالإضافة إلى المبادرات الشعبية، و سوف يكون للجنة الزراعة والري دور عندما تكون هناك خلافات حادة بين دول حوض النيل من أجل تقريب الرؤى ووجهات النظر، ونتمنى أن تتوصل الأطراف المتفاوضة الرسمية في عنتيبي إلى حلول تحفظ حقوق كل الأطراف وحق مصر التاريخي في مياه النيل والحصص المعترف بها تاريخيا.

وأوضح وكيل لجنة الرى والزراعة أن كل الأديان السماوية والقوانين الدولية لا تعطي لأي دولة الحق في أن تحبس عنك مورد طبيعي منحه الله لك، بحكم أنه يمر من خلال هذه الدولة أو تلك، ولا يمكن الاعتراف بأي معاهدة أو إتفاقية تمنع عنك هذا الحق أو تسلب جزء منه لصالحها وصالح مشاريعها.

وحول تأثير اجتماع عنتيبي وسد النهضة قال وكيل لجنة الزراعة والري المصري، الاجتماع الثلاثي الثاني بين مصر وإثيوبيا والسودان في القاهرة يتعلق بالناحية الفنية الخاصة بمدة ملء بحيرة السد، وترى مصر في طول فترة الملء نوع من الأمان حتى إذا حدث جفاف ونقص في الأمطار لا تتأثر حصة مصر كثيرا بهذا الأمر.

إعلان المبادىء 2015

وقعت كل من مصر والسودان وإثيوبيا في 23 مارس/ آذار 2015 على إعلان مبادئ حول مشروع سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم بحضور رؤساء الدول الثلاث، وتضمن الاتفاق 10 مبادئ تلتزم بها الدول الثلاث بشأن سد النهضة.

وأكدت مبادئ الاتفاقية على التعاون بين الأطراف الثلاثة على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، وحسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي، والتعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، مشيرة إلى أن الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة فى التنمية الاقتصادية، والترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمى من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها، وتوفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفى التوقيت الملائم.

الاتفاقية الأهم

ومن جانبه قال الدكتور أحمد المفتي خبير القانون الدولي عضو لجنة مفاوضات دول حوض النيل في حديث لـ"سبوتنيك"، إن التفاوض حول اتفاقية "عنتيبي" لدول حوض النيل الشرقي والغربي استمر منذ العام 1995 وحتى العام 2012، وقد شاركت في كل جولات المفاوضات الخاصة بتلك الإتفاقية، وفي تقديري أنها أعظم اتفاقية لدول حوض النيل والخلاف الوحيد بها والذي منع مصر والسودان من التوقيع عليها، هى فقرة واحدة في الاتفاقية "14ب"، والتي تتحدث عن تفاصيل الأمن المائي واستخدام الاتفاقيات السابقة، وتم إحالة هذا البند إلى المنظمة التي سيتم إنشاؤها بموجب تلك الاتفاقية.

نقطة الخلاف

وتابع المفتي، تلك الاتفاقية تبنت كل المبادئ التي وردت في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، وأضافت إليها أشياء جديدة، وتقدم السودان في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز 2012 لتجاوز الخلاف حول المادة "14B" ووافقت كل دول حوض النيل على عقد اجتماع طارئ لمناقشة المبادرة السودانية لحل النقطة الأخيرة من الخلاف، وفي تلك الأثناء ظهر موضوع "سد النهضة" فتجمد الأمر حتى الآن.

وأضاف عضو لجنة مفاوضات دول حوض النيل، "السودان صوت في الأمم المتحدة لصالح اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالمجاري المائية، لكن مصر لم توقع عليها، وبدأت محكمة العدل الدولية في تطبيقها وأصبحت عرف يطبق على جميع دول العالم وملزم للجميع سواء وافقت عليها أم لم توافق".

عنتيبي وسد النهضة

وعن تأثير سريان اتفاقية عنتيبي على سد النهضة الإثيوبي قال المفتي، إثيوبيا قفزت من اتفاقية عنتيبي رغم موافقتها عليها من البداية لأنها وجدت أن ترتيبات سد النهضة تعطيها كل شيء ولا تأخذ عليها الكثير من الالتزامات، رغم أن كل دول حوض النيل وافقت على كل بنود اتفاقية عنتيبي عدا تحفظ مصر والسودان على البند 14B، كما وافقت على الاتفاقية 13 جهة دولية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي والأمم المتحدة.

أمان السد والأمن المائي

وأوضح الخبير الدولي، لا اعتقد أن مصر يمكنها التوقيع على عنتيبي دون تصحيح الأوضاع في البند 14B الخاص بالحصص المائية التاريخية لكل من مصر والسودان، لأنها لو وقعت دون حدوث التعديل ستكون قد أضرت بنفسها، مشيرا إلى أن المفاوضات الدائرة الآن حول سد النهضة بين الأطراف الثلاث هى "مفاوضات عبثية" من 2011 وحتى الآن وتم حصر النقاش في جزئيتين هما الملء الأول والتشغيل السنوي وهما نقاط ثانوية كان يمكن الإتفاق عليها خلال ساعات، وكان الأولي والأهم أن يتم نقاش "أمان السد والأمن المائي" وهو يلقى رفضا إثيوبيا.

وحذر المفتي، بأنه حتى لو تم الاتفاق بين الأطراف الثلاث في القاهرة أو إثيوبيا على الملء الأول ولو بعد 7 سنوات أو حتى 20 عاما، في جميع الأحوال سيسلب حقوق مصر والسودان المائية.

اتفاقية عنتيبي

في مايو 2010 تم توقيع "اتفاقية عنتيبي"، بين 4 دول من حوض نهر النيل، في مدينة عنتيبي الأوغندية، على اتفاقية إطارية مثيرة للجدل في غياب دولتي المصب مصر والسودان، حيث وقّع ممثلو إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا بالأحرف الأولى على الاتفاق بعد مفاوضات منذ حوالي 10 سنوات بين الدول التسع التي يمر عبرها النهر من أجل تقاسم أفضل لمياهه، بينما أصدرت كينيا بيان تأييد للاتفاقية دون التوقيع ولم يحضر مندوبو الكونغو الديمقراطية وبوروندي، حسب شبكة "بي بي سي" الإخبارية.

تعتبر تلك الاتفاقية شرارة أزمة بناء سد النهضة في إثيوبيا، حيث كان الاتفاق القائم قبل تلك الاتفاقية يقضي بتقاسم مياه النيل الذي قد وُقِع عام 1929 بين مصر وبريطانيا وتمت مراجعته عام 1959، ويمنح هذا الاتفاق مصر حصة قدرها 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا بينما يبلغ نصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل البالغة 84 مليار متر مكعب سنويًا، أي أن البلدين يحصلان على حوالي 87% من مياه النهر.

وكانت مصر جمدت عضويتها في مبادرة حوض النيل في أكتوبر 2010، وذلك كان كرد فعل بعد توقيع دول منابع النيل على "اتفاقية عنتيبي".
تغيرت الأوضاع

قال الدكتور إبراهيم الأمين الخبير السوداني في المياه و دول حوض النيل لـ"سبوتنيك"، في السنوات السابقة لم تكن دول حوض النيل بحاجة إلى المياه بنفس احتياج مصر لأنه لم تكن لديهم تنمية، ووجود كميات كبيرة من الأمطار، إضافة إلى أن الحكومات الاستعمارية لم تتح مجال في تلك الدول لأن تكون بها تنمية ومشاريع، أما الآن فقد تغيرت الأوضاع وكل الدول تبحث عن المشاريع العملاقة وتطوير شعوبها.

نظرة عادلة

وأضاف خبير المياه، لذلك يجب النظر إلى حوض النيل نظرة فيها عدالة واحترام لحقوق كل دولة من دول حوض النيل، نعم لمصر حقوق ويجب أن تحترم وفي نفس الوقت يجب عليها أن تعترف بحصول تغير كبير جدا في الأوضاع عن العشرينيات والخمسينيات والتي وقعت فيها ثلاث اتفاقيات حاكمة خاصة في دول حوض النيل الشرقي، ومنها اتفاقية 1902 و1929 ، 1959.

وتابع الخبير السوداني، كل تلك الاتفاقيات ليس لدول حوض النيل الشرقي أو الغربي أي علاقة أو اعتراف بها، لذلك فكروا في تحالف جديد هو تحالف "عنتيبي"، والمشكلة الظاهرة الآن للعلن هى مشكلة حوض النيل الشرقي والذي يضم ثلاثة أطراف هى"السودان ومصر وإثيوبيا".

السد أصبح واقعا

ودعا الأمين كل من مصر والسودان وإثيوبيا إلى السير في عملية التفاوض حول حصص المياه لتوفير حصة كل دولة بما لا يتعارض مع حصص الدول الأخرى، وهذا يقودنا للحديث عن سد النهضة والذي أصبح واقعا، واتفاقية 2015 فيها اعتراف من كل الأطراف بسد النهضة، والقضية الحقيقية الآن هى قضية التشغيل و ملء السد، وتلك مشكلة فنية ويجب أن يراعى عند حلها مصالح الدول الثلاث.

وأشار الخبير السوداني إلى أن اتفاقية 1997 الدولية والتي تتحدث عنها بعض الدول والتي تختص إستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، لم توقع عليها مصر ولا أثيوبيا ولا السودان، لافتا إلى أن اتفاقية 1959 عندما عقدت كانت تتحدث عن حوض النيل الشرقي بشكل خاص، لكن الأكثر تأثرا بها هى مصر السودان وإثيوبيا وهى التي تأتي منها 85 في المئة من مياه حوض النيل، وبالقطع إثيوبيا لم تكن في الاتفاقية.

 


مواضيع:


الأخبار الأخيرة