واعتبر البعض قرار إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، استبعاد الرسامة منى القماح بعد تسميتها مديرا لقصر ثقافة كفر الدوار صائبا باعتبار أن العمل في المجال الثقافي يحتاج إلى تواصل مباشر تفتقده من ترتدي نقابا كاملا يغطي وجهها، بينما انتقد حقوقيون ونشطاء القرار ووصفوه بأنه "تمييز غير مقبول يناقض الدستور والقانون" ضد القماح، التي حصلت على المنصب بعد مسابقة تفوقت فيها عن منافسيها.
وتخرجت القماح من كلية الفنون الجميلة بتقدير امتياز عام 2012، وعينت بقصر ثقافة كفر الدوار كونها من أوائل دفعتها.
وكانت القماح مسؤولة عن تعليم الرسم والفنون التشكيلية في قصر ثقافة كفر الدوار، وأعلن تعيينها مديرة لقصر الثقافة بعد مسابقة علنية على مستوى إقليم الدلتا وبعد منافسة مع أربعة آخرين في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت القماح لبي بي سي إن إلغاء تعيينها جاء بعد منشور على موقع فيسبوك يتهمها بالانتماء لـ"داعش"، موضحة أنها ليس لديها أي اتجاهات سياسية وأن رؤساءها يعلمون ذلك، موضحة أنها تعمل بقصر ثقافة كفر الدوار منذ تسع سنوات دون أي شكوى ضدها بل دائما هناك إشادة من المسؤولين بعملها".
وأضافت أن النقاب هو "جزء من حياتها الاجتماعية ولم لن يعيقها عن أداء مهام عملها"، موضحة أنها لم تقرر بعد الإجراءات التي ربما تتخذها بخصوص إلغاء قرار تعيينها.
"حماية للهوية"
وانتقد محمود دوير، وهو صحفي مصري، قرار تعيين القماح بعدما قرأ تهنئة لها على وسائل التواصل الاجتماعي، ليبدأ حملة ضد تولي سيدة منقبة منصبا ثقافيا رفيعا كهذا.
ويقول دوير، وهو أيضا عضو في حزب سياسي، في تصريحات عبر الهاتف لبي بي سي" إنه اتخذ هذه الخطوة ضد القماح "حماية للوعي والثقافة المصرية المبنية على احترام المرأة والانفتاح".
وأضاف دوير أنه من حق هذه السيدة أن تعتنق الأفكار التي تراها مناسبة لها وأن "تقتنع أنها عورة، ومن حقي أنا كعضو في هذا المجتمع أن أحمي هويتي من هذه الأفكار الخارجة عن المجتمع وثقافته"، مشددا على أن وجود سيدة منقبة على رأس قصر ثقافة "يعتبر انتهاكا واضحا للهوية المصرية التي نحافظ عليها".
وطالب دوير بمحاسبة من اتخذ هذا القرار الخطير بتعيين سيدة منقبة في منصب كهذا، وعدم الاكتفاء بإلغاء قرار تعيينها.
وفي الوقت نفسه، أثنى الفنان التشكيلي محمد عبلة، عضو جبهة الإبداع، على قرار وزيرة الثقافة استبعاد القماح، متسائلا: "كيف يمكن لسيدة منقبة أن تعمل مع الفنانين والموسيقيين وأيضا الجمهور العام وهي خلف حاجز بصري بينها وبينهم؟".
ويرى عبلة أن القرار لا يعتبر تعديا على حرية الملبس أو تمييزا ضدها، قائلا "بالعكس هي من ميزت نفسها باختيارها أن تغطي وجهها، فالنقاب ليس اللباس السائد داخل مصر، والمنقبة تعتبر متعدية على حرية الآخرين فهي تراهم بينما هم لا يرونها!".
وألغت وزارة الثقافة قرار تعيين القماح بعد أسبوعين من صدوره، وأمرت بتعيين موظفة أخرى بدلا منها بشكل مؤقت، وهو الأمر الذي أثار غضب عدد من العاملين داخل القصر.
يقول أحد العاملين داخل قصر ثقافة كفر الدوار، تحدث لبي بي سي شريطة عدم ذكر اسمه، إن إلغاء تعيين القماح صادم فهي نشيطة وتتمتع بالكفاءة ومتعاونة للغاية، ونقابها لم يحل دون تواصلها الجيد وأدائها الرائع، واستبعادها لمجرد أنها منقبة غير منطقي".
وينتشر في مصر نحو 500 قصر ثقافة، تقدم أنشطة وفعاليات ثقافية تتنوع بين السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والتشكيلية.
ورفض نشطاء في مجال حقوق المرأة إلغاء قرار تعيين القماح بسبب نقابها، واعتبروا ذلك انتهاكا لحق أصيل من حقوق الإنسان في حرية الملبس، و"تمييزا صارخا ضدها".
وتقول مزن حسن، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة، إن هذا الأمر مرفوض وانتهاك لحق السيدة في ارتداء ما تريده، وما حدث معها هو تمييز ضدها على أساس الملبس".
وتضيف حسن أنها تدعم هذه السيدة وتطالبها باللجوء للقضاء الإداري للحصول على حقها في المنصب، طالما أنها خاضت المسابقة وفازت بها طبقا للقواعد التي وضعتها الوزارة، باعتبار أن كفاءتها مناسبة.
وتتداول المحاكم المصرية عدة دعاوى تطالب بحظر ارتداء النقاب في بعض الأماكن لأسباب أمنية، بينما تقدم بعض نواب البرلمان بمشروع قانون بعدم ارتداء النقاب في الأماكن العامة لأسباب اجتماعية وأمنية.
مواضيع: