وذكرت الصحيفة أنها جمعت أكثر من ألفي صفحة تضم ملاحظات من مقابلات مع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، والدبلوماسيين، وعمال الإغاثة، والمسؤولين الأفغان، وغيرهم ممن لعبوا دوراً بارزاً في الحرب التي استمرت عقدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تناقض بيانات علنية كثيرة صدرت عن رؤساء أمريكيين، وقادة عسكريين ودبلوماسيين، أكدوا للأمريكيين عاماً بعد عام أنهم يحققون تقدماً في أفغانستان، وأن خوض الحرب فيها مجدٍ، وقالت: "توضح المقالات أن المسؤولين أصدروا بيانات وردية، كانوا يعلمون أنها كاذبة، وأخفوا أدلة لا تحتمل الشك عن استحالة الانتصار في الحرب".
وأطلقت الصحيفة على الوثائق "وثائق أفغانستان"، في إشارة إلى وثائق البنتاغون التي فصلت التاريخ السري للانخراط العسكري الأمريكي في فيتنام، وساعدت على قلب الرأي العام ضد الحرب، وأفادت بأن الوثائق جزء من مشروع "العبر المستفادة" الذي يديره مكتب المدقق العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، أو باختصار "سيغار"، وحصلت عليها بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات.
وأقر رئيس الهيئة التي أجرت المقابلات جون سوبكو للصحيفة، بأن الوثائق تظهر الكذب باستمرار على الشعب الأمريكي، وإضافة إلى الوثائق، حصلت الصحيفة على عشرات المذكرات التي كتبها وزير الدفاع في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، دونالد رامسفيلد.
واجتاحت الولايات المتحدة أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر(أيلول) 2001، للقضاء على خطر تنظيم القاعدة والإطاحة بنظام طالبان، ولا يزال 13 ألف جندي أمريكي في أفغانستان بعد نحو 20 عاماً، بينما تشكّل طالبان تهديداً مستمراً للحكومة الأفغانية.
وقال الجنرال في الجيش الذي كان مستشار البيت الأبيض حول الحرب الأفغانية في عهد الرئيسين بوش الابن وباراك أوباما، دوغلاس لوت في مقابلة عام 2015: "لم يكن لدينا أي فهم أساسي لأفغانستان، لم نكن نعلم ما الذي نفعله"، وتساءل "ما الذي كنا نحاول فعله؟ لم تكن لدينا أدنى فكرة عما كنا مقبلين عليه".
أما العنصر المتقاعد في القوات الخاصة لسلاح البحرية نايفي سيلز، وموظف البيت الأبيض في عهد بوش وأوباما، جيفري إيغرز، فتطرق إلى كلفة الانخراط العسكري الأمريكي في أفغانستان، وقال: "ما الذي حصلنا عليه مقابل هذه الجهود التي كلفت تريليون دولار؟ هل كان الأمر يستحق تريليون دولار؟"، وأضاف "بعد مقتل أسامة بن لادن، قلت إنه على الأرجح يضحك في قبره بالبحر، وهو يفكر في كم أنفقنا على أفغانستان".
ومن الذين شملتهم المقابلات الجنرال السابق في الجيش مايكل فلين، الذي شغل لفترة وجيزة منصب مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأمن القومي، الذي قال في مقابلة في 2015: "من السفراء حتى المسؤولين الأقل رتبة، يقول جميعهم إننا نقوم بعمل رائع، حقاً؟ إذا كنا نقوم بعمل رائع فعلاً، فلماذا يبدو وكأننا نخسر؟".
وأشار كبار المسؤولين الأمريكيين في المقابلات إلى غياب استراتيجية أو هدف واضحين في أفغانستان بعد اجتثاث القاعدة والإطاحة بنظام طالبان، واعتبر ريتشارد باوتشر الذي كان كبير دبلوماسيي وزارة الخارجية المعني بشؤون جنوب آسيا في مقابلة في 2015، أن الحرب في أفغانستان، أفضل مثال على عملية "خرجت عن نطاقها الأصلي".
وقال: "بعد 15 عاماً في أفغانستان، لا نزال نحاول تحقيق ما لا يمكن تحقيقه بدل تحقيق ما يمكن تحقيقه"، وشكك مسؤول أمريكي آخر لم تكشف هويته، عمل على التنسيق مع حلف شمال الأطلسي في الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان، وقال: "ما الذي كنا نقوم به في هذا البلد؟ ماذا كانت أهدافنا؟ بناء دولة؟ حقوق المرأة؟ لم تتضح الأهداف، والإطار الزمني يوماً في أذهاننا".
وأشارت الصحيفة إلى أن المقابلات تضمنت العديد من الاعترافات، بأن الحكومة روجت أرقاماً كان المسؤولون على علم بأنها محرفة، وزائفة، أو كاذبة تماماً، وقال مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي، إن "البيت الأبيض والبنتاغون تعرضا لضغط متواصل في عهد أوباما لنشر أرقام تظهر، أن زيادة عدد الجنود الأمريكيين في 2009 و2011 أثمر، رغم الأدلة التي أشارت إلى أن العكس هو الصحيح".
وأضاف المسؤول "كان من المستحيل الخروج بأرقام جيدة، جربنا استخدام عدد الجنود المدربين، ومستويات العنف، والسيطرة على الأراضي دون أن يرسم أي من ذلك صورة دقيقة"، وتابع "غالباً ما تم التلاعب بالأرقام على امتداد الحرب".
مواضيع: