التلميحات الأمريكية بالعقوبات، والتهديدات التركية بإغلاق القواعد العسكرية تزيد من حدة التوتر بين البلدين، ما دفع البعض لطرح تساؤل مفاده: "إلى أي مدى سيصل الصدام بين واشنطن وأنقرة؟".
تهديدات تركية
وقال جاويش أوغلو إنه "إذا أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على خطوة سلبية ضد تركيا، فإن أنقرة سترد عليها"، مشددا في هذا السياق على أنه "ينبغي على أعضاء الكونغرس الأمريكي أن يدركوا بأنهم لن يصلوا إلى نتيجة عبر الإملاءات"، حسب وكالة "الأناضول" التركية.
وأضاف: أنه "في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، فإن أنقرة ستبحث مسألة الوجود الأمريكي في قاعدتي إنجيرليك وكورجيك"، مؤكدا أن "تركيا منفتحة على بدائل لمقاتلات "إف 35" الأمريكية، بما في ذلك من روسيا".
وليست هذه المرة الأولى التي يصرح فيها مسؤول تركي ملوحا بغلق قاعدة إنجرليك أمام القوات الأمريكية، إذ صرح إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئيس التركي، عام 2017 أن لبلاده الحق بإنهاء التواجد الأمريكي في قاعدة إنجرليك الجوية، التي تستخدم في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، وفقا لشبكة "سي إن إن".
مصالح مختلفة
المحلل السياسي التركي، ماجد عزام، قال إن "هناك أجواءً معادية لتركيا في الكونغرس الأمريكي، وذلك بسبب أن أنقرة لم تعد منفذة للسياسة الأمريكية والغربية بشكل عام".
أن "تركيا ما زالت عضوًا في الناتو، منفتحة على الانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها تتبع سياسات مستقلة تتناسب مع مصالحها، ولا تضر بمصالح الآخرين".
وتابع: "وزير الخارجية التركي لم يصرح بإغلاق القاعدتين، بل عن إجراءات يمكن أن يتخذها داخل هذه القواعد في سياق الرد على التهديدات المتكررة من الكونغرس الأمريكي بشأن فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة بسبب صواريخ إس 400".
وبشأن تهديد أمريكا بعدم تسليمها لطائرات إف 35 لأنقرة، قال إن "تركيا شريكة في المشروع، وتصنع هياكل الطائرات في أنقرة، وأنفقت ما يزيد عن مليار ونصف دولار على المشروع فلا يمكن إخراجها بهذه الطريقة".
ومضى قائلًا: "تركيا تدافع عن مصالحها وهي منفتحة على التعاون، وما زالت تنظر إلى أمريكا باعتبارها حليف، أيضا أمريكا تعرف جيدًا قوة تركيا وأنه من الصعب الاستغناء عنها كحليف، ليس فقط بسب القواعد، ولكن باعتبارها ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو وتقوم بمهام كبيرة في أفغانستان وكوسوفو".
توتر العلاقات
من جانبه قال جواد كوك، المحلل السياسي التركي، إن "حديث تركيا عن إغلاق قاعدتي إنجيرليك وكورجيك استهلاك إعلامي، هناك اتفاقيات خاصة بهذه الأمور، ولا تستطيع أي حكومة في تركيا إغلاقها".
أن "حكومة تركيا مؤخرًا أطلقت عدة تصريحات وتهديدات بهذا الشأن، تنتهي كلها عند لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب".
وتابع: "تأتي التصريحات في محاولة لحكومة أردوغان لاكتساب الشارع بعد تراجع شعبيه بشكل كبير، لكن على أرض الواقع من الصعب أن تقوم أنقرة بهذه الخطوات".
وأكد أن "العلاقات الأمريكية التركية تمر بأسوء حالتها في الفترة الحالية، هناك أزمة ثقة من الجانبين موجودة، لكن التصريحات المتبادلة دائمًا ما تخرج بعيدة عن الرؤساء من قبل الوزراء أو النواب".
وأنهى حديثه قائلًا: "ركود اقتصاد تركيا واضح، ولا تستطيع أن تتحمل أي عقوبات من أمريكا، لهذا سيكون محاولات للحوار والتقارب".
توتر أمريكي تركي
وبدأت في منتصف يوليو/ تموز الماضي، عمليات تسليم أحدث أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 400"، والتي تسببت في أزمة بين تركيا والولايات المتحدة. ووفقا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيتم تشغيل منظومة إس-400 بالكامل في أبريل/ نيسان 2020. من جانبها، طالبت واشنطن بإلغاء الصفقة في مقابل الحصول على أنظمة "باتريوت"، مهددة بتأخير أو حتى إلغاء بيع أحدث مقاتلات "إف-35" إلى تركيا، وكذلك فرض عقوبات.
ويطالب أعضاء بالكونجرس الأمريكي بفرض عقوبات على تركيا على خلفية شرائها الأنظمة الروسية، التي تقول الولايات المتحدة إنها لا تتكامل مع أنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).
والشهر الماضي أيد مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة قرارا يعترف بأن: "عمليات القتل الجماعي التي تعرض لها الأرمن قبل 100 عام إبادة جماعية" في تصويت رمزي من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم التوتر مع تركيا.
ووافق المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون بأغلبية 405 أصوات مقابل 11 صوتا على القرار الذي يؤكد أن سياسة الولايات المتحدة التي تعتبر مقتل 1.5 مليون أرمني على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الفترة من 1915 إلى 1923 إبادة جماعية.
كما وافق مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة على قانون يقضي بفرض عقوبات على تركيا والمسؤولين الأتراك بسبب عملية "نبع السلام" في شمال شرقي سوريا.
مواضيع: