محمدو ولد صلاحي.. أول موريتاني "بدون"

  07 يوليو 2017    قرأ 1280
محمدو ولد صلاحي.. أول موريتاني "بدون"
معاناة السجين السابق في غوانتانامو محمدو ولد صلاحي المتمثلة بحرمانه من أوراقه الثبوتية، الأمر الذي يحول بينه وبين ممارسة حياته الطبيعية ويحرمه من السفر ويمنعه من حقه في التنقل، وحي بأن هناك توصية أميركية بذلك.
تغري خريطة "العالم السياسي" المعلقة خلف صلاحي بمكتبه في العاصمة الموريتانية نواكشوط بالسفر بين البلدان وعبور الحدود. إغراء لا شك أنه أقوى على النفوس التي عانت من التغييب والاعتقال، وأشد وطأة على الأجساد التي عاشت في الزنازين الانفرادية لسنوات.
لكن لا حق للمعتقل العائد من غوانتانامو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الحركة على هذه الخريطة الشاسعة خارج مليون كيلومتر مربع هي مساحة بلد قررت حكومته أن تتخلى عن مواطنها، وتسلمه لآلة العذاب الأميركية.
"لقد سلبوني محفظتي وأوراقي الثبوتية وجواز سفري، ورخصتَيّ الموريتانية والكندية لقيادة السيارة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2001" يقول ولد صلاحي وهو يتذكر بداية رحلة من الألم عاشها طيلة السنوات الـ 15 الماضية، "وما زلت أنتظر أن أستعيد أغراضي تلك وهويتي حتى اليوم".
فبعد نحو سنة من العودة لم يحصل ولد صلاحي على أبسط حقوق المواطنة، وباءت كل محاولته في التسجيل في السجل الإداري بالفشل.
وفي ديسمبر/كانون الثاني الماضي أكمل ولد صلاحي ملف الوثائق الضروري للإحصاء، وتوجه إلى مركز "تيارت" بشمال نواكشوط بحثا عن هوية يكفلها له القانون، لكنه اصطدم بمسار من العرقلة والتسويف ما زال مستمرا حتى الآن.
لا بطاقة تعريف ولا جواز سفر، ولا هوية يمتلكها الرجل الذي طرق كل الأبواب بحثا عن وجوده الضائع بين السجون والمعتقلات.

رحلة البحث عن الوجود القانوني قادته من جديد إلى إدارة الأمن التي بدأ منها فصول يوميات العذاب، والرفقة غير الطيبة مع المحققين الأميركيين. وبعد مئات الجلسات وليالي التحقيق والتعذيب الطويلة في المعتقل، لا يبدو أن الولايات المتحدة رفعت يدها عن نزيل الزنزانة رقم 760 في معتقل غوانتانامو.
فكل الإجابات التي تلقاها من المسؤولين الأمنيين الموريتانيين تشير إلى توصيات أميركية بحرمانه من الحصول على أوراقه الثبوتية، ومنعه من السفر خارج البلاد، كشرط لإطلاق سراحه وتسليمه.
وضع يرفضه ولد صلاحي الذي يصر على حقه في الوجود القانوني، ويطالب بتمكينه من التمتع بحقوقه كافة، بما فيها حقه في السفر. ويرى في التعاطف الشعبي معه، وفي الحملات التي أطلقها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ضغطا على السلطات الحاكمة سيؤتي أكله.
فقد أخذ كاتب "يوميات غوانتانامو" على عاتقه المنهك بذكريات السجن الحزينة والمؤلمة مهمة إطلاع العالم على ما عاشه هو ورفاقه في خليج كوبا من انتهاكات حقوقية. يقول ولد صلاحي "كان من المقرر أن أشارك في ندوات أدبية وحقوقية عديدة حول العالم في كوبنهاغن وأوسلو ولندن عن كتابي وتجربتي في السجن، لكني لا أمتلك أي وثيقة سفر". وهو الكتاب الذي حقق أعلى المبيعات في أميركا واستقبلته كبريات الصحف المتخصصة بحفاوة وإطراء، والتجربة التي سطرت إرادة للحياة، وقدرة على تجاوز المصائب والمحن.
ذهبت أدراج الرياح كل المناشدات الإنسانية التي أطلقتها شخصيات ومنظمات حقوقية دولية، وضاعت الرسائل التي بعث بها المحامون والمتعاطفون مع ولد صلاحي إلى رئاسة الجمهورية بين حسابات السياسة والتحالفات الأمنية. ويوما بعد يوم تتراكم دعوات المشاركة التي توجهها إليه الجمعيات الصحفية والنوادي الأدبية، ونقابات المحامين عبر العالم، ويبقى محكوما على الرجل بالانتظار.
حرمان يرى ولد صلاحي أنه لا مبرر له، فقد تجاوز سنوات محنته بالعفو عمن ارتكبوا أبشع ألوان الظلم في حقه ورفض مقاضاتهم. غير أن الوطن الذي سلمه ذات يوم للسلطات الأميركية لترحله من دون وثائق ولا حقوق بين معتقلاتها في الأردن وأفغانستان وكوبا يصر على أن يواصل رحلته في الحياة "بدون".
AzVision.az

مواضيع: بدون  


الأخبار الأخيرة